عناصر من الجيش الموريتاني
عناصر من الجيش الموريتاني

انطلقت، أمس الأحد، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط أشغال مؤتمر "تفعيل مساري نواكشوط جيبوتي"، بمشاركة أكثر من 20 بلدا أفريقيا. 

ويهدف هذا المؤتمر، الذي تنظمه مفوضية الاتحاد الأفريقي ولجنة أجهزة الأمن والمخابرات الأفريقية (السيسا) والحكومة الموريتانية، إلى "تعزيز التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية الأفريقية بغية التصدي لنشاط الجماعات المتطرفة في منطقتي الساحل والقرن الأفريقي". 

وتسعى الدول المشاركة في المؤتمر، الذي يستمر لـ3 أيام، إلى التوصل لـ"تقدير مشترك لنطاق التهديدات الإرهابية والجريمة العابرة للحدود على دول الساحل والقرن الأفريقي من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز التنسيق الأمني بينها". 

وخلال كلمة له في افتتاح المؤتمر، قال وزير الدفاع الموريتاني، حنن ولد سيدي، إن "خطر الجماعات الإرهابية تمدد في منطقة الساحل ما يستدعي تنسيقا بين أجهزة الأمن والمخابرات في المنطقة". 

وتابع "إن هذا التهديد يتطلب بإلحاح خلق آلية أمنة وسريعة لتبادل المعلومات الاستخباراتية وضمان التعاون الأمني المستدام وتعزيز مراقبة الحدود فضلا عن بناء القدرات العسكرية وتعزيز الشركات وهذا ما نعمل عليه في الجمهورية الإسلامية الموريتانية". 

من جانبها، قالت الأمينة التنفيذية للجنة أجهزة الأمن والمخابرات في أفريقيا، زينب كوتوكو إن منطقة الساحل والقرن الأفريقي تواجه خطر التطرف العنيف ما يستدعي ضررة التنسيق الاستخباراتي بين الدول الأفريقية.

وأضافت "علينا مضاعفة الجهود على نمتمن من السيطرة على هذا التحدي الكبير، وإذا قمنا بتنشيط مساري نواكشوط وجيبوتي فسوف نتمكن من مواجهة هذه التحديات لأن هذين المسارين مهمين جدا في استقرار وأمن القارة الأفريقية".

وعجلت الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها منطقة الساحل في الأشهر الأخيرة بضرورة تفعيل مساري نواكشوط وجيبوتي اللذين أحدثهما الاتحاد الأفريقي عام 2013 بغاية توحيد جهود دول القطرين في مجابهة التهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة العابرة للحدود. 

أيب: الخطر الإرهابي عجل بانعقاد المؤتمر 

تعليقا على سياق انعقاد المؤتمر، قال محمدن أيب، المحلل السياسي المتخصص في الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، إن نشاط الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل ومنطقة القرن الأفريقي "عجل بضرورة انعقاده لبحث سبل محاربتها".

من أمثلة ذلك، يشير أيب في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى سيطرة داعش الإرهابي على نحو 40 في المائة من بوركينا فاسو وعلى 30 في المائة من الحدود المالية، بينما يفرض "تنظيم القاعدة في بلاد المغربي الإسلامي" حصارا على المنطقة الممتدة من حدود النيجر إلى حدود موريتانيا. 

ويعتقد الخبير في الجماعات المسلحة في منطقة الساحل أن خروج فرنسا من المنطقة "زاد من خطر هذه الجماعات المتطرفة إلى جانب استفادتها من الاضطرابات السياسية التي شهدتها بعض دول الساحل". 

لكن التنسيق الاستخباراتي والأمني بين دول منطقة الساحل والقرن الأفريقي، يوضح أيب، يصطدم بضعف بعض دول المنطقة ويحول دون وضع مخططات أمنية لتحييد خطر الجماعات المتطرفة والعصابات الناشطة في الجريمة العابرة للحدود. 

ويضيف "تجربة موريتانيا في مكافحة الإرهاب تجربة أشادت بها كل الدول ويمكن للدول الأفريقية الاستفادة منها في حال توفر الدعم التقني والدعم العسكري الغربي لباقي الدول الأفريقية".

الشين: لا بد من دعم دولي

من جانبه، يرى المحلل السياسي والخبير في شؤون الساحل الأفريقي، المختار ولد الشين، أن الاضطرابات الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل عجل بضرورة تفعيل آليتي نواكشوط وجيبوتي لمحاربة الإرهاب. 

وقال ولد الشين، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن منطقة الساحل ووسط أفريقيا "باتت مرتعا لنشاط عدد من الحركات والجماعات الإرهابية، هذا كله عجل بضرورة تفعيل مساري نواكشوط وجيبوتي للحد من خطر هذه الجماعات وتقوية البنية الأمنية لدول المنطقة". 

وتابع المتحدث "الجميع ينسى الخلافات السياسية عندما يتعلق الأمر بمهمة محاربة الإرهاب، لأن ما يهدد نواكشوط يهدد واشنطن وباريس ومختلف البلدان، وكل دول العالم معنية اليوم بمهمة محاربة نشاط هذه الجماعات المسلحة". 

من جهته، يعتقد وولد الشين أن المقاربة الموريتانية في محاربة الإرهاب أثبت نجاعتها مع مرور السنوات ويمكنها أن تكون مثالا لباقي الدول الأفريقية، وفق تعبيره. 

وأضاف "الجماعات الإرهابية تعمل ليل نهار ولا تؤمن بالدول، لذلك لابد من التنسيق الاستخباراتي لتحييد خطر هذه الجماعات، لكن في المقابل، الأفارقة لا يمكنهم وحدهم محاربة هذه الجماعات لا بد من دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتفكيكها ولا بد من الاستثمار في العنصر البشري وتدريب القوات الأفريقية حتى ينجح التنسيق الاستخباراتي فيما بينها". 

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية