تقارير

الهجرة من إفريقيا لأوروبا.. أعباء إضافية على موريتانيا والترحيل أولى الحلول

07 نوفمبر 2023

شهدت مدينة نواذيبو، العاصمة الاقتصادية لموريتانيا والمعبر الرئيسي للأفارقة القادمين من دول الجوار والراغبين في الهجرة نحو أوروبا، انعقاد اجتماع أمني رفيع المستوى أمس الاثنين حول الهجرة بعد أن شهدت المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية تدفق مئات المهاجرين. 

وتعتبر مدينة نواذيبو (٤٠٠ كلم شمال نواكشوط) وجهة رئيسية للمهاجرين من دول وسط وغير أفريقيا، الراغبين في العبور نحو حدود الاتحاد الأوروبي البحرية، ما يلقي أعباء إضافية على حرس الحدود الموريتاني وقوات خفر السواحل.

وقال موقع الأخبار المحلي، إن الاجتماع الأمني الأخير جرى بحضور مساعدين لوزير الداخلية ومدير الإدارة الإقليمية وضباط أمنيين سامين والسلطات الإدارية والأمنية بمباني الولاية.

وفي نفس السياق قدر موقع مراسلون المحلي، أعداد المهاجرين الذين تدفقوا على المدينة الساحلية بنحو ألف بعضهم دخل المياه الإقليمية للبلد إثر تعطل المراكب التي كانوا يستقلونها.

ترحيل وتكثيف للدوريات

وفي إطار جهودها لتخفيف حدة "الأزمة"، بدأت السلطات الأمنية، الاثنين بترحيل "عشرات المهاجرين"، في خطوة أولى من مسار التعامل مع موجة المهاجرين الذين توافدوا خلال الأسابيع الأخيرة على البلاد.

وحول الأسباب التي تقف خلف هذه التطورات الأخيرة يقول الخبير في الشؤون الأفريقية محمد عبد الله إن "الأزمة الاقتصادية الطاحنة والظروف الأمنية الصعبة التي تعانيها دول غرب ووسط أفريقيا هي العامل الرئيسي الذي دفع الآلاف من الرجال والنساء لركوب قوارب الموت".

وأضاف عبد الله، في اتصال مع "أصوات مغاربية" أن هذه الحالة تستدعي "المزيد من الجهود من الجميع وخصوصا دول العبور المغاربية وعلى رأسها موريتانيا وليبيا وتونس"، وذلك في ظل الظروف "غير الاعتيادية التي تعيشها المنطقة والعالم".

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن "دول الوجهة الأوروبية وخصوصا إسبانيا بدورها مطالبة بدعم جهود السلطات المحلية والأمنية إذ أنها تتحمل أعباء كبيرة في سبيل حماية الأوروبيين من موجات المهاجرين".

وفي نفس الصدد، أشار عبد الله إلى أن التكلفة الإجمالية الناتجة عن "جهود قوات الأمنية الموريتانية لوقف تدفق المهاجرين تزيد على ٦٠ مليون دولار وعلى الأوروبيين المساعدة في تغطية النفقات".

آلاف المهاجرين

في الضفة الأخرى تحث الحكومات الأوروبية الخطى لتطبيق سياسات تعزز جهودها في وقف تدفق الآلاف من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، وذلك عبر عدة إجراءات ما زال بعضها قيد الدراسة حاليا.

وفي هذا السياق اتفق المستشار الألماني أولاف شولتس، ورؤساء الحكومات المحلية في ألمانيا ليل الاثنين الثلاثاء على سلسلة من الإجراءات تهدف إلى جعل ألمانيا "أقل جاذبية للمهاجرين وستدخل حيز التنفيذ العام المقبل"، بحسب الوكالة الفرنسية للأنباء.

وتعتبر إسبانيا إحدى أهم نقاط الدخول الرئيسية للمهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، وارتفع عدد القادمين الذين وصلوا إلى السواحل الاسبانية وجزر البليار بنسبة ٣٠ في المئة في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب وزارة الداخلية الإسبانية.

ويطبع العلاقة بين موريتانيا وإسبانيا تعاون كبير على المستويات الأمنية وفي مجالات مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب.

وكانت مدريد أعلنت في نوفمبر الماضي، توقيع اتفاقية للتعاون الأمني مع نواكشوط ستحصل بموجبها موريتانيا على آليات لوجستية وأخرى تقنية حديثة لمساعدتها في المجال الأمني.

ومنتصف يونيو الماضي، صادق مجلس الوزراء الموريتاني على مشروع قانون يجيز معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين الحكومة الموريتانية ونظيرتها الإسبانية، الموقعة في العاصمة الإسبانية مدريد في يوليو 2008.

وتشمل تلك المعاهدة بنودا تتعلق بالتعاون في مجالات من بينها الأمن الغذائي، ومكافحة المجاعة، والتعليم، والثقافة، والصحة إضافة الى التعاون في المجال القانوني، والشؤون القنصلية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات.

المصدر: أصوات مغاربية/ مواقع محلية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية