تقارير

الأغلبية بموريتانيا ترشح ولد الغزواني لولاية ثانية.. ما هي حظوظه؟ 

08 نوفمبر 2023

أعلنت أحزاب الأغلبية الحاكمة بموريتانيا أنها متمسكة بترشيح الرئيس محمد الشيخ ولد الغزواني لعهدة جديدة في خطوة اعتبرت إيذانا بحملة انتخابية مبكرة للاقتراع الرئاسي المتوقع في عام 2024. 

وقالت أحزاب الأغلبية بموريتانيا، الثلاثاء، في بيان مشترك نشره حزب الإنصاف (الحاكم) عبر فيسبوك، إنه "بعد تدارس الوضعية السياسية للبلد وتقييم أداء المنسقية، تم الاتفاق على تفعيل العمل المشترك، والتأكيد على التمسك بنهج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مرشحا". 

وتولى ولد الغزواني (64 عاما) مقاليد الحكم في 2019 بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الموريتانية، ليصبح الرئيس التاسع للجمهورية منذ استقلالها عام 1960، وثاني من يخلف رئيسا منتخبا.

وذكرت الأحزاب الداعمة للرئيس الموريتاني أن إعلانها يأتي للتأكيد على السعي للتمكين لاستمرار "برنامجه (...) والعمل من أجل التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية القادمة".  

ورغم الحظوظ الكبيرة والشعبية التي عكستها الانتخابات المحلية والجهوية في ماي الماضي، إلا أن الانتقادات اللاذعة من المعارضة بخصوص "التزوير" لازمت الساحة السياسية في البلد طيلة الشهور الماضية. 

حملة رئاسية "مبكرة"

وفي حديث مع "أصوات مغاربية" يرى الكاتب الصحفي محمد عالي، أن أحزاب الأغلبية من خلال إعلانها الأخير "أطلقت حملة رئاسية مبكرة، وتحاول أن ينفرد مرشحها بالساحة السياسية قبل مرشح المعارضة". 

وحذر عالي من يكون هذا الإعلان "بداية لصرف موارد الحكومة وجهود الوزراء عن عملهم في خدمة الشعب"، إذ أن "القانون الموريتاني يمنع الدعاية الانتخابية في غير أوقاتها الدستورية كما يحظر استخدام المال العام لصالح أي مرشح". 

وبخصوص حظوظ ولد الغزواني، قال المتحدث نفسه إنه على الرغم  من الحديث الطاغي على الساحة السياسية بـ"كونه المرشح الأبرز" إلا أنه "لا يمكن الحسم دون معرفة توجهات المعارضة وهل ستتفق على مرشح واحد أم ستنقسم". 

وأشار عالي، إلى أنه حتى الآن لم تحسم الأحزاب الكبيرة في صف المعارضة على "ضمانات حقيقية بأن الانتخابات القادمة ستكون شفافة ولن تشوبها شوائب الماضي القريب (...) ما يصعب المنافسة". 

ولفت المتحدث نفسه إلى أن التحديات التي ستقف أمام ولد الغزواني في حملته الانتخابية هل "تأخر جميع المشاريع الكبرى التي وعد بها الشعب في حملته عام 2019 كما أن تعاظم السخط الشعبي من ضعف الأداء الحكومي باد للعيان وعلى منصات التواصل". 

مرشح "الإجماع" 

من جانبه لفت المحلل السياسي جعفر ولد سيدي، إلى أن ولد الغزواني يبقى "سابقا" في تاريخ موريتانيا الحديث كونه "مرشح الإجماع الأبرز وتضم كتيبته السياسية وجوها معارضة كبيرة وشخصيات وازنة من كل الأطياف السياسية". 

وأردف سيدي، في اتصال مع "أصوات مغاربية" أن الإعلان الحالي ليس "بداية حملة انتخابية" ولا يترافق مع أي جهد سياسي ميداني بل هو: "تأكيد على أن الرجل هو مرشح غالبية الموريتانيين ويؤكدون على ذلك في كل مناسبة". 

وحول المنافسة الانتخابية في 2024، قال المحلل السياسي إنه بشكل قطعي، "لا يوجد منافس لولد الغزواني لأسباب عدة من أهمها الإجماع الذي يتسلح به واكتساح الأحزاب الداعمة له للمقاعد في الانتخابات الماضية". 

في السياق نفسه، تحدث سيدي عن مسألة "شفافية الانتخابات" قائلا إن موريتانيا وبشهادة دول عدة باتت "نموذجا للديمقراطية والهدوء السياسي في المنطقة"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "من يروجون تلك الادعاءات هم المهزومون في انتخابات ماي المنصرم".

وكان ولد الغزواني تعهد للموريتانيين خلال حملته الانتخابية عام 2019، بحفر قناة نهر السنغال وإقامة جسر عليه لزيادة التبادل التجاري، و"تأمين فرص عمل أكثر وخلق اقتصاد قوي والنهوض بالتعليم إلى مستوى عال".

وفي إطار تنفيذ تلك الوعود أطلقت مشاريع عدة من أهمها "المدرسة الجمهورية" التي تهدف لمحو الفروق بين الطلاب، لكن جسري الحي الساكن وباماكو بالعاصمة نواكشوط ما زالا متأخرين. 

ويقول المتحدث ذاته، إن "هذين الجسرين شارفا على الانتهاء وسيغيران وجه العاصمة قبل العهدة الثانية للرئيس" بحسب تعبيره. 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية