أزمة المياه العالمية سوف تتفاقم مع تغير المناخ
يرى علماء الأرصاد أن انخفاض معدل سقوط الأمطار في ليبيا قد يؤدي إلى فترات طويلة من الجفاف قد تمتد لسنوات

رغم الظواهر المناخية المتطرفة التي شهدتها ليبيا بداية موسم الخريف الحالي وتمثلت خصوصا في الإعصار دانيال،  توقع خبراء أرصاد ليبيون أن تشهد البلاد موسم جفاف طويل قد يمتد لسنوات والسبب  يكمن في تكرار ما سموه "الدورات المناخية".   

واعتبر خبراء محليون ودوليون إعصار دانيال، الذي تحول إلى عاصفة متوسطية ضربت شمال شرق ليبيا، حالة استثنائية جاءت نتيجة لتغير المناخ الناتج عن الاحتباس الحراري سواء لناحية طبيعة تشكلها أو من حيث تأثيراتها المدمرة التي تسببت في مقتل الآلاف.

موسم جفاف طويل

ورغم كميات الأمطار الهائلة التي تسببت العاصفة في هطولها، يلفت خبراء الأرصاد الجوية في ليبيا أنها كانت كميات استثنائية بالنظر إلى مؤشرات سقوط الأمطار في البلاد التي اعتبرت متأخرة في هذا العام.

وكشف مدير مركز أبحاث تغير المناخ، عضو هيئة التدريس بجامعة بنغازي، فارس فتحي، أن تأخر موسم الأمطار جاء نتيجة لتغير المناخ الناجم عن النشاطات البشرية المدمرة للبيئة وما نتج عنها من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأشار فارس، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية، إلى انخفاض معدل سقوط الأمطار  في ليبيا إلى 30% ، لافتا إلى أن ذلك سيؤدي إلى سنوات طويلة من الجفاف، إذ ما أستمر على هذا النحو.

وفي ذات السياق، قال رئيس قسم الطقس في مؤسسة "رؤية" لعلوم الفضاء، رشيد الصغير، إن العديد من المناطق في ليبيا لم تشهد مع بداية شهر نوفمبر الحالي هطول "قطرة مطر واحدة".

دورات مناخية "صغرى وكبرى"

وبالإضافة إلى الرأي العلمي الذي ينسب التغير المناخي للعامل البشري، يرى قسم آخر من المجتمع العلمي أن السبب في التغير المناخي طبيعي صرف ولا دخل للبشرية فيه، على غرار الصغير الذي علل ذلك بوجود دورات مناخية تحدث كل فترة وصنفت الى دورات مناخية "صغرى" وأخرى  "كبرى".

وبين الصغير أن الدورات الصغرى قدرها علماء المناخ بحوالي 30 عاما، تحدث فيها تغيرات من قبيل شح أو غزارة الأمطار، ونوعية العواصف من رملية وثلجية وغيرها، بينما الدورات المناخية الكبرى تتراوح مددها الزمنية بين 500 وألف عام.

وفي هذا الصدد أشار المتحدث إلى أن العلماء استدلوا  على حدوث ظاهرة الدورات المناخية بتكون عديد "الشواهد" التاريخية مثل الصحراء الكبرى التي تحتل الجزء الأكبر من جنوب ليبيا وشمال إفريقيا.

ولاحظ أن العلماء استدلوا على هذا التغير المناخي الكبير بالأحافير والرسوم الموجودة على حوائط الكهوف في جبال أكاكوس وفي جبال الهروج وسط وجنوب ليبيا، والتي تعتبر "من أقوى الأدلة التاريخية على تغير المناخ".

وفي إشارة إلى ظواهر المناخ المتطرفة التي شهدتها ليبيا عبر تاريخها الحديث أشار الصغير إلى ما حدث في عام 1922 عندما وصلت إلى 57 درجة مئوية، وعلى النقيض من ذلك حدوث يعرف بـ"عام الثلج" وهي العاصفة الثلجية الاستثنائية التي ضربت ليبيا عام 1949.

يذكر أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لفتت إلى تزايد احتمالات ارتفاع حرارة كوكب الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2026، محذرة في تقرير صدر  العام الماضي من أن ذلك سيحدث تأثيرات مناخية ضارة بشكل متزايد. 

وفي 11 سبتمبر الماضي تسببت العاصفة المتوسطية دانيال في هطول كميات أمطار استثنائية تجاوزت 400 مليمتر خلال 24 ساعة، حسب البيانات الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد الجوية الذي أكد أن ليبيا لم تشهدها منذ أربعين عاما.

 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية