رغم الظواهر المناخية المتطرفة التي شهدتها ليبيا بداية موسم الخريف الحالي وتمثلت خصوصا في الإعصار دانيال، توقع خبراء أرصاد ليبيون أن تشهد البلاد موسم جفاف طويل قد يمتد لسنوات والسبب يكمن في تكرار ما سموه "الدورات المناخية".
واعتبر خبراء محليون ودوليون إعصار دانيال، الذي تحول إلى عاصفة متوسطية ضربت شمال شرق ليبيا، حالة استثنائية جاءت نتيجة لتغير المناخ الناتج عن الاحتباس الحراري سواء لناحية طبيعة تشكلها أو من حيث تأثيراتها المدمرة التي تسببت في مقتل الآلاف.
موسم جفاف طويل
ورغم كميات الأمطار الهائلة التي تسببت العاصفة في هطولها، يلفت خبراء الأرصاد الجوية في ليبيا أنها كانت كميات استثنائية بالنظر إلى مؤشرات سقوط الأمطار في البلاد التي اعتبرت متأخرة في هذا العام.
وكشف مدير مركز أبحاث تغير المناخ، عضو هيئة التدريس بجامعة بنغازي، فارس فتحي، أن تأخر موسم الأمطار جاء نتيجة لتغير المناخ الناجم عن النشاطات البشرية المدمرة للبيئة وما نتج عنها من ظاهرة الاحتباس الحراري.
المركز الوطني للأرصاد للجوية: حالة الطقس في #ليبيا هذا الشهر غير اعتيادية بسبب التغير المناخي. #المرصد https://t.co/IXAJEhncJK
— صحيفة المرصد الليبية (@ObservatoryLY) October 23, 2023
وأشار فارس، في تصريح لوكالة الأنباء الليبية، إلى انخفاض معدل سقوط الأمطار في ليبيا إلى 30% ، لافتا إلى أن ذلك سيؤدي إلى سنوات طويلة من الجفاف، إذ ما أستمر على هذا النحو.
وفي ذات السياق، قال رئيس قسم الطقس في مؤسسة "رؤية" لعلوم الفضاء، رشيد الصغير، إن العديد من المناطق في ليبيا لم تشهد مع بداية شهر نوفمبر الحالي هطول "قطرة مطر واحدة".
دورات مناخية "صغرى وكبرى"
وبالإضافة إلى الرأي العلمي الذي ينسب التغير المناخي للعامل البشري، يرى قسم آخر من المجتمع العلمي أن السبب في التغير المناخي طبيعي صرف ولا دخل للبشرية فيه، على غرار الصغير الذي علل ذلك بوجود دورات مناخية تحدث كل فترة وصنفت الى دورات مناخية "صغرى" وأخرى "كبرى".
وبين الصغير أن الدورات الصغرى قدرها علماء المناخ بحوالي 30 عاما، تحدث فيها تغيرات من قبيل شح أو غزارة الأمطار، ونوعية العواصف من رملية وثلجية وغيرها، بينما الدورات المناخية الكبرى تتراوح مددها الزمنية بين 500 وألف عام.
وفي هذا الصدد أشار المتحدث إلى أن العلماء استدلوا على حدوث ظاهرة الدورات المناخية بتكون عديد "الشواهد" التاريخية مثل الصحراء الكبرى التي تحتل الجزء الأكبر من جنوب ليبيا وشمال إفريقيا.
واني نتجول في #صحراء_ليبيا لقيت قطيع #زرافات 🦒🦒
— osama thini (@osamathini) May 29, 2023
تقول لمن يشاهدها هانحن لقد كنا هنا يومآ،
هذا النقش الصخري يحتوي على 27 زرافة، يعتبر من أجمل اللوحات الصخريه في الصحراء الليبية, مما يدل على طبيعة حياة مختلفة تماماً كانت في الصحراء قديمآ قبل أن يحل #الجفاف وتمدد #رمال_الصحراء. pic.twitter.com/1l0tl3ThrI
ولاحظ أن العلماء استدلوا على هذا التغير المناخي الكبير بالأحافير والرسوم الموجودة على حوائط الكهوف في جبال أكاكوس وفي جبال الهروج وسط وجنوب ليبيا، والتي تعتبر "من أقوى الأدلة التاريخية على تغير المناخ".
وفي إشارة إلى ظواهر المناخ المتطرفة التي شهدتها ليبيا عبر تاريخها الحديث أشار الصغير إلى ما حدث في عام 1922 عندما وصلت إلى 57 درجة مئوية، وعلى النقيض من ذلك حدوث يعرف بـ"عام الثلج" وهي العاصفة الثلجية الاستثنائية التي ضربت ليبيا عام 1949.
يذكر أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لفتت إلى تزايد احتمالات ارتفاع حرارة كوكب الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2026، محذرة في تقرير صدر العام الماضي من أن ذلك سيحدث تأثيرات مناخية ضارة بشكل متزايد.
دراسة علمية حديثة لـ "وورلد ويذار أتريبيوشن" تؤكد أن الأمطار التي سببت السيول في ليبيا زادت بنسبة 50 مرة نتيجة التغير المناخي في العالم#أبعاد #ليبيا #انقذو_الشرق_الليبي pic.twitter.com/6JvnEqdVbj
— أبعاد (@abaadnews_ly) September 19, 2023
وفي 11 سبتمبر الماضي تسببت العاصفة المتوسطية دانيال في هطول كميات أمطار استثنائية تجاوزت 400 مليمتر خلال 24 ساعة، حسب البيانات الصادرة عن المركز الوطني للأرصاد الجوية الذي أكد أن ليبيا لم تشهدها منذ أربعين عاما.
المصدر: أصوات مغاربية