تم في ليبيا تفكيك وانتشال لغم جديد بمنطقة سكنية في إحدى ضواحي طرابلس التي شهدت أحد أطوار حرب 2019، ما يعيد المخاوف بشأن استمرار تهديد الألغام التي تسببت في مقتل وجرح المئات ومن بينهم مدنيين خلال السنوات الأخيرة.
وذكر فريق مكتب التفتيش الأمنى وتفكيك المتفجرات التابع للمباحث الجنائية في طرابلس، الخميس، أنه تمكن من تفكيك وانتشال لغم مضاد للأفراد نوع (Mon50) شديد الخطورة من داخل مزرعة مواطن بالقرب من "طريق السبيعة" بمنطقة العزيزية جنوب طرابلس.
فريق تفكيك المتفجرات بجهاز المباحث الجنائية يتمكن من انتشال وتفكيك لغم مضاد للأفراد شديد الخطورة من مخلفات العدوان من مزرعة مواطن بمنطقة #العزيزية، وينقله إلى وحدات التخزين لحين إتلافه.#قناة_فبراير #ليبيا pic.twitter.com/3E9ySGpoGc
— قناة فبراير (@FebruaryChannel) November 8, 2023
وذكرت وزارة الداخلية، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس، أن عملية التفكيك جاءت بعد ورود بلاغ من مديرية أمن الجفارة، مشيرة إلى أن اللغم تم نقله إلى وحدات التخزين لحين إتلافه بالطرق الأمنية المتبعة.
مخلفات حروب ما بعد 2011
وجاءت عملية التفكيك المعلن عنها ضمن عدة وقائع تتحدث فيها السلطات المحلية عن العثور إما على ألغام مزروعة في أماكن سكنية، أو مقذوفات وذخائر غير متفجرة تعود لمخلفات الحروب التي شهدتها البلاد منذالعام 2011.
والعام الماضي ذكرت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة أن الألغام المزروعة في المناطق السكنية قرب العاصمة، تعود إلى فترة الحرب التي حاولت فيها قوات المشير خليفة حفتر السيطرة على طرابلس 2019 - 2020.
واتهمت اللجنة الأممية مرتزقة "فاغنر" التي قاتلت إلى جانب حفتر بزراعة ما لا يقل عن 35 لغما أرضيا في المناطق المدنية التابعة لبلدية "عين زارة" في طرابلس، وهي إحدى المناطق التي دارت فيها رحى الحرب بين الأطراف الليبية آنذاك.
ما يزال المدنيون معرضين للخطر جراء الألغام والمفخخات في المناطق التي شهدت مواجهات مسلحة جنوبي طرابلس.
— UNSMIL (@UNSMILibya) July 15, 2020
- لا تقترب ولا تلمس الأجسام الغريبة ومخلفات الحرب
- حذّر من حولك
- بلغ السلطات
- ساهم في رفع الوعي
#احذرالذخائرالمتفجرة
#ليبيا pic.twitter.com/eTQ2XYNTFs
وبخلاف محيط العاصمة طرابلس، كشفت السلطات المحلية بمدن ومناطق ليبية أخرى عن وجود ألغام أو مخلفات حروب أخرى بها في عدة مناسبات، داعية المواطنين إلى الحذر وعدم الاقتراب تلك المناطق.
وفي 23 أكتوبر الماضي تم العثور على صاروخ غير منفجر يبلغ وزنه 500 كيلوغرام في مزرعة بمنطقة "جارف" قرب مدينة سرت (وسط الساحل الليبي) يرجح أن يكون من بقايا الحرب التي خاضتها قوات غرب ليبيا لتطهير المدينة من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي.
وفي حادثة مماثة قبل ذلك، حذر المجلس البلدي بمدينة زليتن (160 كم شرق طرابلس) المواطنين بالابتعاد عن منطقة ترغلات وذلك لوجود حقول ألغام، حسب بيان البلدية على صفحتها في موقع فيسبوك.
وبين شهري فبراير ومارس من العام الماضي أعلنت إدارة الهندسة العسكرية برئاسة الأركان العامة بطرابلس، أنها أبطلت مفعول 12 طنًّا من الألغام والمفخخات ومخلفات الحرب، جمعت من عدة مناطق جنوب طرابليس، وذلك عبر تفجيرها في منطقة نائية، بينما أعلنت "هيئة السلامة المدنية" في بني وليد (جنوب غرب طرابلس) التخلص من حوالي 5 أطنان من المتفجرات بعد إزالتها من المنازل والوديان المحيطة بالمدينة.
عشرات الضحايا بين المدنيين
وحصدت الألغام والمتفجرات من بقايا الحروب عشرات الأرواح من المدنيين ومن بينهم أطفال في مناطق سكنية وزراعية، بحسب ما وثقته تقارير محلية ودولية خلال السنوات القليلة الماضية.
ومن بين تلك التقارير ما صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" في مايو من العام الماضي مشيراً إلى مصرع مالا يقل عن 130 شخصا وإصابة 196 آخرين جراء الألغام الأرضية و "الذخائر المتروكة أو غير المنفجرة".
وحدد التقرير المدة الزمنية التي وقعت خلالها الإصابات بالفترة بين شهر ماي 2021 وشهر مارس 2022، داعياً مدعى عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إلى التحقيق في "جرائم حرب" ارتكبتها قوات فاغنر الروسية عبر زرع الألغام في ضواحي العاصمة.
وأشار التقرير على الخصوص إلى الألغام والمقذوفات التي تعود لفترة هجوم قوات حفتر على العاصمة طرابلس في الفترة من أبريل 2019 إلى يونيو 2020.
يروي موظفو نزع الألغام في #ليبيا أن بعض الألغام والعبوات الناسفة التي وجدوها في طرابلس كانت مزروعة في البيوت، إحداها تحت كنبة.
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) June 6, 2022
جزء من هذه المتفجرات التي تهدد المدنيين، بحسب معلومات، زرعتها مجموعة فاغنر الروسية التي دعمت قوات حفتر https://t.co/sfhlQ0H04z pic.twitter.com/vGoM8ritFB
وفي تقرير آخر صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في أبريل 2022، ورد أن العدد الإجمالي لضحايا الألغام في ليبيا حتى نهاية العام 2021، بلغ نحو 298 بين قتيل وجريح بلغت نسبة المدنيين بينهم 72%.
وأوضح ذات التقرير أن من بين إجمالي العدد المذكور نحو 20 امرأة وما لا يقل عن 78 فردا (28%) متخصصين في التخلص من الذخائر المتفجرة تابعين وزارتي الدفاع والداخلية، لافتاً إلى أن أعمار الضحايا تراوحت بين 4 سنوات و 70 عاما.
ومنذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر 2011، شهدت ليبيا ما لا يقل عن 5 حروب كبرى، عدا المواجهات والاشتباكات المؤقتة، ومن بينها حرب قوات حفتر على الجماعات المتطرفة في درنة وبنغازي (شرق)، 2014 - 2019، و حرب "فجر ليبيا" التي شهدتها العاصمة طرابلس عام 2014، وحرب "البنيان المرصوص" ضد تنظيم داعش الإرهابي في سرت عام 2016، وانتهاءً بالحرب التي خاضها حفتر للسيطرة على طرابلس عام 2019 والتي انتهت بتوقيع وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020.
المصدر: أصوات مغاربية / تقارير دولية