مواجهات مسلحة في ليبيا
مواجهات مسلحة في ليبيا

جدد المبعوث الأممي في  ليبيا، عبد الله باثيلي، دعوته إلى ضرورة تجريدة المناطق المكتظة بالسكان من السلاح بهدف "تعزيز التماسك الاجتماعي والسلم والاستقرار في ليبيا وفي المنطقة بشكل عام".

ولمناقشة ملف "السلاح المُنفلت" في ليبيا، عقدت البعثة الأممية، قبل يومين، لقاء في تونس ضم فريق العمل المعني بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بمشاركة فاعلة من مسؤولين ليبيين رئيسيين من الشرق والغرب، وفق ما أكدته بعثة الهيئة الأممية على صفحتها بفيسبوك.

عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، اليوم في تونس، اجتماعاً لفريق العمل المعني بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج...

Posted by ‎UNSMIL بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا‎ on Friday, November 10, 2023

وجاء هذا التحرك في أعقاب المواجهات المسلحة التي شهدتها العديد من المدن الليبية، مؤخرا، ما دفع العديد من الأطراف للتساؤل عن مصير الاتفاقيات التي وقعها مسؤولون ليبيون في وقت سابق في ما يتعلق بضرورة تحجيم دور المليشيات المسلحة وتحييد نشاطها غير القانوني.

أطنان من الأسلحة!

وتبدي بعثة الأمم المتحدة في ليبيا اهتماما بموضوع الأسلحة والجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الجهات الحكومية، إذ تعتبر أن استمرار نشاطها قد يحول دون التوصل إلى حل بخصوص الوضعية الأمنية أو تسوية سياسية وشيكة.

وأشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة إلى أن ليبيا تتوفر على أكبر مخزون من الأسلحة خارج الرقابة القانونية والرسمية، كما أكد المصدر أن كمية هذه الأسلحة تقدر بما بين 150 ألف طنا و200 ألف طن في جميع مناطق البلاد.

والأسبوع الماضي، أصدر موقع "منبر الدفاع الأفريقي"، التابع للقيادة العسكرية الأميركية في قارة أفريقيا "أفريكوم"، دراسة جديدة أكدت خطر الأسلحة المنتشرة في ليبيا وغير الخاضعة لرقابة السلطات على تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل.

وأشار خبراء عسكريون إلى أن "الكثير من الأسلحة المتداولة اليوم إنما تسربت من ترسانة الأسلحة الضخمة التي كان يمتلكها معمر القذافي رئيس ليبيا الراحل".

خطة وشروط

وقال أحمد حمزة عبد الحكيم، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية، إن "عملية نزع الأسلحة من المليشيات والأشخاص الذين يحوزونها بطريقة غير قانونية تعتبر من أكثر المهام تعقيدا في المشهد الأمني وتتطلب خطوات شاملة من شأنها أن تحقق هذا الهدف".

وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "إستراتيجية نزع السلاح تقوم على خطوات عملية وإجراءات ملموسة لا يمكن تهميش إي عنصر منها للتخلص من المشكل في أقرب زقت ممكن".

وأفاد في الصدد "أول شرط ينبغي أن تقوم عليه الخطة هو ضرورة احتكار السلاح من طرف السلطات المنضبطة والنظامية بهدف عزل أية جهة تحاول الحصول على السلاح من أجل فرض سيطرتها على أرض الواقع".

بالإضافة إلى ذلك، دعا المصدر ذاته إلى "تبني خطة إعلامية شاملة يتم خلالها توعية الناس بمخاطر حمل السلاح وأثر ذلك على الاستقرار الأمني في البلاد، مع القيام بمراجعة قانونية يتم خلالها تشديد العقوبات على الأشخاص الذين يحوزون على الأسلحة بدون رخصة".

وذكّر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية، أحمد حمزة عبد الحكيم بـ"وجب تشجيع المواطنين الراغبين في ترك السلاح بمنحهم مكافأة مالية رمزية بهدف تحفيز بقية المواطنين على نفس السلوك".

صعوبة المهمة..

وتشكك العديد من الدوائر السياسية والحقوقية في دور البعثة الأممية وقدرتها على إنهاء أزمة انتشار الأسلحة وفقدان السيطرة عليها من قبل الأجهزة النظامية على خلفية "غياب إستراتيجية شاملة يمكن لها التأثير على الجماعات المسلحة والمليشيات المسؤولة عن زعزعة الوضع الأمني في البلاد"، مثل يقول بذلك الكاتب والمحلل السياسي، عبد الله الكبير.

وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية": "ليس من المُتصور أن التشكيلات المسلحة سوف تستجيب لدعوة المبعوث الأممي أو أية دعوة أخرى تطالب بنزع السلاح في ليبيا أو تطالب بالاندماج في قوات نظامية".

وبرر المتحدث رأيه "باستمرار وقوع الاشتباكات المسلحة داخل العديد من المدن، وهو أمر يدفع العديد من المليشيات بالاحتفاظ بأسلحتها وإبداء رغبة كبيرة في عدم التنازل عنها أو تسليمها".

وأشار الكبير إلى أن "عملية نزع الأسلحة تبدو معقدة وغير قابلة التحقيق في الظروف الحالية التي تمر بها ليبيا على اعتبار أن موضوع نزع الأسلحة كان ضمن البنود التي تم البنود الرئيسية في اتفاق الصخيرات في سنة 2015، بكن بعد مرور 8 سنوات لم يتم تجسيده بعد".

وتابع "القوة هي العنصر الوحيد  الذي يمكن من خلاله ردع المخالفين والحاملين للأسلحة بطريقة غير قانونية وإرغامهم على التنازل عنها أو من خلال بديل آخر يسهل عملية إدماجهم في بعض الأجهزة الأمنية والنظامية".

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية