تشكل كتلة الأجور حاليا ما يزيد عن 40 في المئة من حجم الإنفاق العام في ليبيا
تعاني ليبيا وضعا اقتصاديا غير مستقر

يستمر التراشق الإعلامي والسياسي في عدة دوائر ليبية حول أزمة تراجع الدينار أمام الدولار بالإضافة إلى مسألة الإنفاق العمومي في ظل توجيه العديد من الانتقادات إلى حكومة الوحدة الوطنية.

وقد دخلت منظمة الخبراء الليبيين المستقلة على خط هذا النقاش المفتوح في ليبيا، لتوجه جملة من الملاحظات حول ما يجري في الساحة المالية والاقتصادية.

وقالت المنظمة المهنية في بيان أصدرته حول الموضوع إن "تصرفات حكومة الوحدة دفعت لتزايد تردي إدارة المال العام"، مستشهدة بما ورد في التقرير السنوي الأخير الصادر عن ديوان المحاسبة، حيث تضمن عدة تحفظات فيما يتعلق بتسيير المال العام.

واتهمت منظمة الخبراء الليبيين المستقلة حكومة عبد الحميد الدبيبة بـ "التعدي على صلاحيات السلطة التشريعية وإخفاء إجزاء من الإيرادات النفطية".

وأضافت في الصدد بأن حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لنشاطها "تقوم بتوريد الوقود بشكل غير شفاف وبدون تفويض من السلطة التشريعية".

وواجه أداء حكومة عبد الحميدذ الدبيبة انتقادات كبيرة من طرف ديوان تقرير المحاسبة، حيث أشار في تقريره السنوي 2022، المنشور مؤخرا، إلى مجموعة من "التجاوزات ارتكبت في مجالات الإنفاق العمومي".

وتطرقت الهيئة الرسمية إلى "ارتفاع نفقات السفر والمبيت بالنسبة لأعضاء مجلس الوزراء من 4.1 مليون دينار ليبي بنهاية عام 2021 إلى 12.2 مليون دينار ليبي بنهاية عام 2022"، كما شملت الانتقادات الموجهة لحكومة الدبيبة موافقتها على صفقة "شراء سيارات للوزراء ووكلاء الوزارات وديوان رئاسة الوزراء بقيمة 40.5 مليون دينار خلال العام 2022".

البترول والدولار..

وتزامن موضوع الإنفاق العمومي مع أزمة تراجع الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي، وهو الأمر الذي أثار غضبا كبيرا في الأوساط الاقتصادية والشعبية.

وتسعى حكومى الوحدة الوطنية إلى امتصاص غليان الشارع حيال الأزمة المكورة من خلال توجيه تطمينات إلى الرأي العام.

وفي الصدد، لفت وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، محمد الحويج، في تصريحات إعلامية أدلى بها الأحد، إلى أن "الوضع الاقتصادي في البلاد مستقر"، مؤكدا أن "الارتفاع الحاصل في سعر الصرف يعد أمرا عارضا".

ودلل الحويج على حديثه بشأن استقرار الوضع الاقتصادي في ليبيا بالإشارة إلى ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي بشأن احتفاظ ليبيا باحتياطات من النقد الأجنبي تتجاوز 82 مليار دولار.

بالمقابل ربط خبراء اقتصاديون القفزة التي وصل إليها سعر الدولار بما كشف عنه تقرير ديوان المحاسبة الأخير من نفقات هائلة لحكومة الوحدة الوطنية خلال السنة الماضية 2022، معتبرين أن  "الإنفاق الكبير يعد أحد أسباب تدهور قيمة الدينار".  

يذكر أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، كان قد ربط أسباب تراجع قيمة الدينار الليبي أمام الدولار بـ"وجود إنفاق مواز ساهم في ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، موضحًا أن «هذا الإنفاق لم يخضع لأي جهة رقابية محلية أو دولية".

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية