ناشطون مغاربة رفعوا شعار محاربة الفساد في عدة مسيرات (أرشيف)
متظاهر يرفع شعار محاربة الفساد في مسيرة بالمغرب (أرشيف)

ذكرت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة المغربية، غيثة مزور، أن مؤشرات الفساد بالمغرب "مركبة وتدخل فيها عدة عوامل وأن البلاد اليوم لديها استراتيجية متكاملة في محاربة الفساد تجاوزت نسبة إنجازها 74٪".

وكشفت الوزيرة، خلال جلسة الأسئلة الشفوي بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، الاثنين، أن وزارتها قامت بإعداد مشروع قانون من أجل حماية الموظفين المبلغين عن أفعال الفساد، وقالت "اليوم نحن في التوافق النهائي مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ومع المجلس الأعلى للحسابات قبل وضعه قريبا في مسطرة المصادقة".

وكانت النائبة البرلمانية من فريق التقدم والاشتراكية، نهى الموسوي، قد وجهت سؤالا للوزيرة عن أسباب "إخفاق" الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد المعتمدة منذ عام 2016، مؤكدة أن "الفساد يبقى عقبة حقيقية ورئيسية للتنمية".

وانتقدت النائبة البرلمانية الإجراءات الحكومية للقضاء على الفساد، معتبرة أنه "رغم الأشواط المهمة التي قطعها المغرب في اعتماد منظومة محاربة الفساد إلا أنه سجل تراجعا في مؤشر إدراك الفساد بسبع درجات حسب التقرير السنوي 2022 لمنظمة الشفافية".

فطيش: مشروع القانون غير مكتمل

وتعليقا على الموضوع، يرى الأمين العام للهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام، عبد الجبار فطيش، أن "مشروع القانون لحماية الموظفين المبلغين عن الفساد يبقى غير مكتمل رغم أهميته في تعزيز الترسانة القانونية"، منتقدا "اقتصاره على حماية الموظفين وتغييب فعاليات المجتمع المدني".

ويضيف فطيش، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الهيئات الحقوقية والجمعيات المدنية تتعرض للعديد من المضايقات والتهديدات اليومية بسبب التبليغ عن الفساد دون أي قانون يحميها"، مستدركا أن "القانون الجنائي يتعامل مع هذه الهيئات كأي شخص تعرض لتصرف يعاقب عليه القانون".

وينبه المتحدث من "تداعيات ما يتعرض له المبلغون بصفة عامة في سبيل محاربة الفساد حيث تشمل حملات التضييق تهديد وتعنيف أفراد أسرهم"، لافتا إلى أن الأشخاص المتطوعين من الهيئات الحقوقية والمدنية هم "أكثر نشاطا من الموظفين في محاربة الفساد عبر التبليغ وأيضا رفع قضايا داخل المحاكم المغربية".

النويضي: يجب تسريع المسطرة القضائية

من جانبه، ينوه الكاتب العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبرانسي المغرب"، عبد العزيز النويضي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بـ"إصلاح المقتضيات القانونية التي تنظم حماية المبلغين والشهود والخبراء والتي كانت لا تستجيب لعدد من المعايير ويترتب عنها الخوف من التبليغ خشية الانتقام".

ويؤكد النويضي، وهو عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، أنه "رغم ذلك يبقى التبليغ أحد الوسائل لمحاربة الفساد بينما المشكل يكمن في توفير الوسائل الكافية للقضاء حتى لا يتأخر البث في ملفات الفساد"، مشيرا إلى "ملفات مرت عليها سنوات وهي قيد التحقيق والبحث وقد تأخذ سنوات أخرى قبل الحسم فيها بمحكمة النقض".

وفي هذا السياق، يدعو النويضي إلى ضرورة مواكبة جميع القوانين عبر "تسريع المسطرة القضائية والبث في قضايا الفساد خلال مدة معقولة مع الالتزام بمحاكمات عادلة يكون فيها جميع الأشخاص متساوون أمامها"، مشددا على "التطبيق الجيد للقانون".

 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية