تقارير

موريتانيا.. المعارضة تسعى للتكتل وضبابية حول المرشح لمواجهة الغزواني

14 نوفمبر 2023

تحث المعارضة الموريتانية الخطى لتوحيد صفوفها قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ٢٠٢٤ وذلك في ظل ضبابية في قضية "المرشح الواحد" بعد أسبوع من إعلان الأغلبية الحاكمة اصطفافها خلف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

وقال زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية في موريتانيا، حمادي ولد سيد المختار، أمس الاثنين، إنه يأمل في "بلورة وثيقة تحدد الرؤية المشتركة للمعارضة حول إشكالات البلد وتحدياته".

وتأتي تصريحات ولد سيد المختار، وهو رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل/ إسلامي معارض) إثر اجتماع حضره ممثلون عن أحزاب وتشكيلات عدة ضمن الأحزاب المعارضة في البلد.

كما جاءت هذه التحركات في جبهة المعارضة بعد نحو أسبوع من إعلان أحزاب الموالاة بقيادة الإنصاف (الحاكم)، اصطفافها، خلف الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في الاستحقاقات القادمة، للتجديد له في حكم البلاد لعهدة ثانية بعد فوزه بانتخابات ٢٠١٩.

تشتت وضبابية

وتتقاطع هذه الحالة السياسية مع جمود ميداني طبع تحركات المعارضة خلال السنوات الماضية، يرى معلقون في منصات التواصل أنه أضر بصورتها أمام الشعب، كما عمق من "الانقسامات الداخلية فيها" بحسب المحلل السياسي محمد عبد الله.

غير أن "العقبة الحيقيقة" يضيف عبد الله في اتصال مع "أصوات مغاربية" هي حالة "الضبابية والتشتت غير المسبوق التي تعيشها المعارضة"، وتظهر جليا في "عدم الاتفاق على مرشح واحد أو حتى مسار واحد ضد النظام".

تصريحات زعيم المعارضة أمس، يرى المتحدث ذاته أنها "صرخة في وجه الواقع بعد نوم عميق طيلة سنوات تمكنت الحكومة من خلاله من القضاء على الصورة الموحدة لأحزاب المعارضة".

كما أن الأحزاب المعارضة يضيف عبد الله: "لم تكتف بذلك، بل فشلت حتى في الوصول إلى أي نتيجة سياسية لصالح الشعب أو لمصلحة وجودها في الساحة"، والأمل "يتضاءل أمامها وعليها النهوض لتدارك الموقف".

وعن المرشح المحتمل باسم المعارضة، قال المتحدث نفسه إنه "من غير الوارد الحديث عن ذلك الآن"، إذ أن المعارضة باتت "معارضتين"، "ولا يوجد وجه سياسي بارز فيهما يمكن أن يشكل خطرا سياسيا على ولد الغزواني".

وكانت غالبية الأحزاب السياسية المعارضة في موريتانيا شهدت استقالات خلال الأعوام الماضية من قياديين فيها انتهى بهم المطاف في صفوف حزب "الإنصاف" الحاكم أو أحزاب الأغلبية الموالية لولد الغزواني. 

اللعب على ورقة الشوط الثاني

انطلاقا من التجارب الماضية في الساحة السياسية الموريتانية، فشلت المعارضة في أغلب الاستحقاقات الرئاسية منذ عام ١٩٩٢ في التوحد خلف مرشح واحد، وظلت تراهن على توزع المرشحين للوصول للشوط الثاني.

لكن الأمر مختلف الآن، بالنسبة للمحلل السياسي أحمد المصطفى، إذ يرى أن المعضلة الراهنة باتت في "الثقة" التي يرى أنها "انعدمت بين القواعد والساسة والمعارضة والنظام والمعارضة فيما بينها".

المشاكل بين المعارضة الموقعة للميثاق الجمهوري والممتنعة عنه هي "دليل على عدم وحدة الصف" بحسب المصطفى، كما أنها نقطة يمكن الاستدلال بها في مجامع "المستبعدين للمرشح الموحد".

وفي سبتمبر الماضي وقعت ثلاثة أحزاب موريتانية هي اتحاد قوى التقدم والتكتل (معارضان) وحزب الإنصاف (الحاكم) مع وزارة الداخلية، على "الميثاق الجمهوري" الذي كان موضوع جدل واسع طيلة الشهور الماضية وتحفظت عليه أحزاب سياسية.

وآنذاك وصفت البرلمانية المعارضة كادياتا مالك ديالو، الاتفاق السياسي الموقع بين حزبي التكتل وقوى التقدم والحكومة ممثلة في حزب الإنصاف ووزارة الداخلية بأنه "طعنة في ظهر المعارضة ومحاولة لخداع الرأي العام".

وتعليقا على ذلك يقول المتحدث ذاته إن "الأحزاب الموقعة على ذلك الاتفاق تسر حاليا نوعا من الغضب تجاه ولد الغزواني إذ لم يحضر حفل التوقيع وتخلى عنهم رغم لقائهم معه عبر تكليف وزير داخليته بتولي المهمة".

وفي محاولة لاستنطاقه حول القيادات المحتملة، طرحت "أصوات مغاربية" على المحلل السياسي أسماء قيادات الأحزاب المعارضة ومن بينهم النائب الحقوقي بيرام ولد الداه عبيدي الذي حل ثانيا في انتخابات ٢٠١٩، لكنه استبعد الاصطفاف خلفهم.

وبرر ذلك بـ "الاختلافات المتراكمة بين الجميع منذ ما ينوف على أربع سنوات مضت"، واستطرد: "ساعدت المعارضة بيدها فعلا في تشتيت صفها قبل الاستحقاقات الرئاسية ٢٠٢٤".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية