تقارير

هل يرفع مخطط تقليص استهلاك الطاقة من صادرات الغاز الجزائري؟

15 نوفمبر 2023

قررت الجزائر تقليص استهلاك الطاقة بنسبة 10 في المائة في ثلاثة قطاعات تعتبر من أكبر القطاعات المستهلكة للطاقة، وفق ما كشف عنه المدير العام للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيده، مروان شعبان، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، الثلاثاء. 

وقال شعبان في حلقة نقاش على هامش أشغال النسخة الحادية عشر للمعرض ومؤتمر شمال أفريقيا للطاقة والهيدروجين "ناباك 2023" بوهران (غرب)، إن بلاده "التزمت ورصدت التمويل اللازم من أجل وضع حيز التنفيذ المخطط الوطني لترشيد والتحكم في استهلاك الطاقة في إطار استراتيجيتها لعقلنة استهلاك الطاقة مع تقليص الاستهلاك بنسبة 10 بالمائة".

وأوضح المتحدث ذاته بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية أن "الأمر يتعلق ببرنامج معد لهذا الغرض ويشمل عدة أنشطة ومشاريع في قطاعات البناء الذي يعتبر القطاع الأكثر استهلاكا للطاقة بحوالي 50 بالمائة من الطاقة الأولية متبوعا بقطاع النقل بحوالي 30 بالمائة ثم الصناعة بحوالي 20 بالمائة"، مشيرا في السياق إلى "أهمية التفكير في الانتقال إلى الطاقات المتجددة والسهر على تجسيد هذا الانتقال".

فهل يؤدي مخطط تقليص استهلاك الطاقة إلى الرفع من حجم صادرات الغاز الجزائري علما أن الجزائر تنتج قرابة 102 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يذهب نصفها تقريبا للاستهلاك المحلي؟

"استراتيجية شاملة"

تعليقا على الموضوع، يقول خبير الطاقة أحمد ترتار، إن الجزائر "تضع منذ 2020 الانتقال الطاقوي وتقليص الاستهلاك الداخلي ضمن رهانات التحول نحو الطاقات النظيفة عبر عدة خطط ومشاريع تتولاها وزارات ومؤسسات عدة بإشراف الوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيدها".

ويرى ترتار في تصريح لـ"أصوات مغاربية"  أن تقليص استهلاك الطاقة في ثلاثة قطاعات أساسية "من شأنه تعزيز الصادرات بنسبة قد تصل إلى نحو 5 بالمائة خلال السنوات القادمة"، مشيرا إلى أنه "قد سبقت هذا المخطط عمليات أخرى لاستخدام الطاقة الشمسية في عدد من المدارس والمساجد والهياكل التابعة للجماعات المحلية، بما في ذلك الإنارة العمومية ومشاريع المنشآت الإدارية الجديدة".

وأضاف الخبير الجزائري أن ذلك "يدخل ضمن استراتيجية وطنية شاملة من شأنها أن تؤدي إلى الرفع من صادرات البلاد من الغاز بترشيد الاستهلاك الداخلي"، متوقعا أن" تستمر هذه السياسية إلى غاية خفض فاتورة الطلب المحلي الذي يثقل كاهل الخزينة".

"رهان مشروط"
ومن جهته، يرى الخبير في الطاقات المتجددة، حسني توفيق أن "تقليص الاستهلاك الداخلي من الطاقة بما يسمح من رفع الصادرات لن يتم بين عشية وضحاها، بسبب منحى الاستهلاك الداخلي المتزايد للطاقة"، واصفا تحقيق ذلك الهدف بـ"الرهان المشروط".

وقال توفيق في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن الأمر يتطلب "إجراءات تقنية كثيرة لربط وتوزيع الطاقة الجديدة تسبق خفض الاستهلاك المحلي ورفع حجم الصادرات"، مضيفا أن "تجسيد سياسة الانتقال الطاقوي نقطة تحول هامة نحو كبح حجم الاستهلاك الداخلي للطاقة الذي بدأ يفوق نصف الإنتاج الوطني من الغاز، لكنها تصطدم بعدة عقبات".

ويرى المتحدث ذاته أن خفض الاستهلاك الطاقوي المحلي نحو أقل من 50 بالمائة يرتبط بـ"الاعتماد أكثر على توليد الطاقة الشمسية باستخدام الألواح التي تتميز بمردودية أعلى، لتجاوز حجم 15 ألف ميغاواط من الكهرباء المتوقع إنتاجها مع حلول سنة 2035 بينها 4 آلاف ميغاواط في السنة القادمة".

  • المصدر: أصوات مغاربية
     

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية