نساء موريتانيات - أرشيف
نسبة النساء في موريتانيا تتجاوز ٥٠.٧ في المائة بحسب أرقام رسمية

تكثف موريتانيا من جهودها لتثبيت حقوق النساء عبر خطاب رسمي وإجراءات عدة من بينها محاربة الخطاب الذكوري، وذلك في ظل حديث عن "عدم حصول المرأة على كامل حقوقها" في هذا البلد المغاربي. 

وقالت وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، الموريتانية صفية انتهاه، مساء الثلاثاء، إن وضعية النساء الموريتانيات ستتحسن. 

وأشادت المسؤولة الحكومية خلال حضورها أعمال الدورة الثامنة للجنة الاتحاد الافريقي الفنية المتخصصة للمساواة بين الجنسين و تمكين المرأة، بالجهود الأفريقية في هذا الصدد وسجلت تحفظ بلادها على مفهوم "الذكورية"، مطالبة بالاستعاضة عنه بـ"الرجولية" لما يحيل إليه من "قيـم النبل والتضحية". 

تصريحات منت انتهاه تتقاطع مع ما ذهبت إليه الخبيرة التابعة للأمم المتحدة، ميسكريم جيسيت تيشان، مطلع أكتوبر الماضي، أن "انتشار السلفية في موريتانيا تسبب في تكريس ما وصفته بالذكورية"، وعزز من "الإفلات من عقاب العنف ضد النساء". 

مطالبات بالتمكين  

وخلال الشهور الماضية ارتفعت وتيرة المطالبات من جمعيات حقوقية بتمكين المرأة وإعطائها مكانتها اللائقة عبر "تمكينها من نصف الوظائف في الحكومة والخارجية" بما يتناسب و"حجم المرأة الديموغرافي". 

وفي هذا الصدد قالت رئيسة التجمع العام للمرأة الموريتانية،  رقية بنت حبت، في أغسطس، إن "كفاح النساء الموريتانيات من أجل المطالبة بحقوقهن هو قديم ومكنهن من تحدي أصعب الظروف وأقساها".  

وتظهر أرقام صادرة عن وزارة الاقتصاد أن نسبة النساء في موريتانيا تتجاوز ٥٠.٧ في المائة لكن مشاركتهن في الحياة الاقتصادية، ما زالت "دون المطلوب" في هذا البلد الذي بلغ عدد سكانه حوالي 4.8 مليون نسمة عام 2012، وفق آخر أرقام البنك الدولي.

وتقول رئيسة منظمة "شباب من أجل السلام" الحقوقية فنفونة بوبة جدو في حديث مع "أصوات مغاربية"، إن الخطاب الذكوري في موريتانيا يجب أن "ينحسر لما يحمله من تقليص لدور النساء اللوتي قدمن الكثير لموريتانيا". 

وأردفت المتحدثة أنه إلى جانب ذلك، يجب وضع سياسات حكومية واضحة وقابلة للتطبيق بخصوص "تمكين المرأة في مستويات الاقتصاد والوظائف الحكومية"، إذ أنها حاليا "محرومة من الكثير من المناصب وضعيفة في التمثيل". 

"حرمان من مناصب" 

ومن جانبه أبدى رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد سالم ولد بوحبيني استغرابه من عدم وجود سيدة واحدة على رأس اللجان الوطنية، مشددا في حديث لـ"أصوات مغاربية" أنه يجب "تسليط الضوء على هذه الظاهرة لتحل". 

وأردف ولد بوحبيني، قائلا :"من الغريب عدم وجود سيدة على رأس المؤسسات الإعلامية الرسمية أو الخاصة رغم كثرة الصحفيات المتميزات"، كما أن عدد النساء في التعليم العالي "قليل مقارنة مع الرجال". 

وأشار ولد بوحبيني إلى أن هذه الظاهرة المنتشرة بموريتانيا حاليا تؤكدها "قلة وجود مسؤولات في الإدارات العليا لوزارة الصحة رغم كثرة الطبيبات الموريتانيات"، مستطردا في نفس الوقت "حان الوقت للتغيير". 

ولفت المسؤول الحقوقي إلى أن الواقع الحالي بموريتانيا، يسهل القروض للرجال بينما "تعاني النساء ذوات المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحصيل قروض ميسرة تعينهن على الصمود في واقع المنافسة الشديد". 

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية