جهود لإنقاذ مهاجرين حاولوا الوصول إلى جزر الكناري  المقابلة للسواحل المغربية
جهود لإنقاذ مهاجرين حاولوا الوصول إلى جزر الكناري الإسبانية- أرشيف

قالت موريتانيا إنها باتت خط الدفاع الأول بوجه موجات المهاجرين غير النظاميين، وذلك في ظل تصاعد أعداد المتوجهين نحو الشواطئ الإسبانية، وتزايد الأعباء على سواحل مدينة نواذيبو، شمال موريتانيا.

وقال وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك الخميس، إن "هاجس الهجرة غير النظامية من إفريقيا جنوب الصحراء نحو إسبانيا، وتهديد الجماعات الإرهابية في الساحل، يجعلان من موريتانيا خط الدفاع الأول عن الأراضي الإسبانية". 

وكانت وزارة الداخلية الإسبانية، أعلنت الخميس، أن حكومة إقليم جزر الكناري وجهت نداءات لتقديم مساعدة "عاجلة" بعد وصول ثلاثة قوارب تقل ما يقارب ٥٠ مهاجرا غير نظامي.

وجاءت تصريحات ولد مرزوك، في إطار مداخلة خلال جلسة للبرلمان الموريتاني للمصادقة على "معاهدة صداقة وحسن جوار وتعاون" موقعة بين نواكشوط ومدريد.

هذه المعاهدة يضيف المسؤول الموريتاني، "تنظم التعاون بين البلدين بشكل عام لكن هناك اتفاقيات خاصة تهتم بالتفاصيل الدقيقة للملفات المشتركة كالهجرة والصيد والتعليم والصحة والتنمية".

وتعتبر مدينة نواذيبو (٤٠٠ كلم شمال نواكشوط) وجهة رئيسية للمهاجرين من دول وسط وغير أفريقيا، الراغبين في العبور نحو حدود الاتحاد الأوروبي البحرية، ما يلقي أعباء إضافية على حرس الحدود الموريتاني وقوات خفر السواحل.

وقف الموجات البشرية

وتحاول إسبانيا أن تكون جهود وقف الموجات البشرية من المهاجرين غير النظاميين من دول المنطقة المغاربية، خصوصا موريتانيا والمغرب التين تعتبران من الوجهات المفضلة للمهاجرين الأفارقة.

وبحسب أرقام صادرة عن وزارة الداخلية الإسبانية، فقد زاد عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إسبانيا بنحو ٦٢ في المائة في الفترة من يناير إلى منتصف نوفمبر الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

ويصل معظم هؤلاء بحسب المصدر ذاته عن طريق البحر من سواحل شمال أفريقيا، متوجهين نحو جزر الكناري وبعدها لمناطق متفرقة من الاتحاد الأوروبي.

وفي إطار محاولاتها لوقف نزوح المهاجرين نحو شواطئها، سعت إسبانيا في السنوات الأخيرة إلى تعزيز التعاون مع موريتانيا على المستويات الأمنية وفي مجالات مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب.

أعباء مالية وأمنية

وقال المحلل السياسي محمد ولد عالي، لـ "أصوات مغاربية" إن الاتفاقيات الجديدة مع إسبانيا "تحمل أعباء وتحديات مالية على كاهل السلطات المحلية في موريتانيا"، ويجب أن تتحمل "إسبانيا دورها في التمويل".

وأضاف ولد عالي أن الواقع الحالي "اضطرا موريتانيا مطلع نوفمبر الجاري لعقد قمة أمنية لبحث الحلول بمشاركة قيادات أمنية وإدارات مختلفة"، ويجب أن توفر إسبانيا "تمويلا للتكفل بأعباء صد المهاجرين عن أراضيها".

وأشار المتحدث ذاته إلى أن أعداد المهاجرين الذين تدفقوا على مدينة نواذيبو كبير، وخلال أيام "دخل مياهها الإقليمية نحو ألف بعضهم دخل للبلد إثر تعطل المراكب التي كانوا يستقلونها باتجاه إسبانيا".

السلطات الأمنية الموريتانية، في ظل تعاظم أعداد المهاجرين غير النظاميين على ترابها قامت بترحيل "عشرات المهاجرين" بحسب مواقع محلية.

وفي نوفمبر من ٢٠٢٢ أعلنت موريتانيا توقيع اتفاقية للتعاون الأمني مع إسبانيا ستحصل بموجبها الدولة المغاربية على آليات لوجستية وأخرى تقنية حديثة لمساعدتها في المجال الأمني، وذلك على هامش زيارة لوزير الداخلية الإسباني غراندي مارلاسكا كوميز، لنواكشوط.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية