تقارير

سفير جزائري بإسبانيا بعد 20 شهرا من الأزمة.. هل تعود العلاقات لطبيعتها؟

17 نوفمبر 2023

وضعت الجزائر وإسبانيا نهاية لأزمة دبلوماسية دامت 20 شهرا، بإعلان الخارجية الجزائرية أمس الخميس، موافقة السلطات الإسبانية على تسمية عبد الفتاح دغموم سفيرا للجزائر لديها، وهي خطوة كبيرة في سياق إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه.

وسحبت الجزائر سفيرها السابق سعيد موسي من مدريد في 19 مارس 2022، بعدما رفضت إعلان إسبانيا تأييدها خطة الحكم الذاتي المغربية لحل النزاع في الصحراء الغربية.

قطيعة دبلوماسية وضرر تجاري

وألقت الأزمة الدبلوماسية بأثقالها على العلاقات التجارية بين البلدين المتوسّطيين، فتحوّلت إلى قطيعة أضرّت خصوصا بالمستثمرين من رجال الأعمال في البلدين.

فباستثناء استمرار ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا بموجب عقود طويلة المدى وقّعها الطرفان، تأثرت التبادلات التجارية حسب تقديرات اقتصادية بـ"خسائر كبيرة فاقت مليار يورو، طالت تحديدا شركات خاصة".

وبدأت هذه القطيعة في يونيو 2022، بعد توجيه الجمعية المهنية للبنوك الجزائرية (هيئة رسمية)، تعليمة إلى كافة المؤسسات المالية ومدراء البنوك في الجزائر بـ"بتجميد عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا، ووقف أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات تجارية مع مدريد".

بعدها تراجعت الجمعية المهنية للبنوك الجزائرية عن التعليمة، وعادت المبادلات التجارية بين البلدين لكن أغلبها بقي مقتصرا على القطاع الخاص، وفق تصريح سابق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

"مفيدة للطرفين"

ولا تتجاوز الصادرات الإسبانية نحو الجزائر ملياري دولار سنويا، فيما تبلغ الصادرات الجزائرية إلى إسبانيا أكثر من 90 بالمائة أغلبها مواد نفطية.

في الموضوع على المحلل السياسي الجزائري أنس بن عمر، إن "الموافقة على تعيين سفير بين بلدين يعني في الأعراف الدبلوماسية زوال الأزمة، باعتبار السفير يمثل أرقى صفات التمثيل بين بلدين".

وبرأي بن عمر فإن أسباب الخلاف بين الجزائر ومدريد زالت، والتي تتعلق "بالموقف الإسباني من النزاع في الصحراء الغربية، خصوصا بعد خطاب رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الأخير في الأمم المتحدة، إذ عاد فيه إلى الموقف التقليدي لبلاده بدعم القانون الدولي، الذي يلزمها كقوة استعمارية سابقة بإدارة الإقليم غير المتمتّع بالاستقلال - وفق مقررات الأمم المتحدة – وأن لا تنحاز لأيّ من الطرفين".

وذكر المتحدث بأن الضرر الاقتصادي "بدا بالغا على الطرف الإسباني خصوصا، حيث تضررت قطاعات الصناعات الخزفية والنسيجية واللحوم خصوصا، وفق شكاوى تقدّمت بها شركات خاصة للحكومة الإسبانية، وهو ضرر طال أيضا الطرف الجزائري لكن ليس بالحدّة ذاتها.. لكن من المفيد الآن أن تعود الأمور إلى طبيعتها وأن تترك القضية بيد الأمم المتحدة".

"عودة أقوى"

من جهته قال وزير الاقتصاد الأسبق عبد الرحمان مبتول، إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشكل "شريانا مهما تضرر إلى حد ما خلال الأزمة الفارطة".

وأوضح مبتول في حديث مع "أصوات مغاربية" بأن قطاعات محددة تضررت أبرزها "الصناعات الخزفية، ولكن رغم هذا وجد الجزائريون بديلا في مصانع محلية في بلادهم تنافس نظيرتها الإسبانية من حيث الجودة والأسعار، وهو ما خفّف من حدّة الأزمة في هذا المجال".

وتوقّع الوزير الجزائري الأسبق أن تعود العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة ، وقال إن "رجال الأعمال أصحاب الشركات من البلدين سيباشرون ضخ أموالهم وسلعهم بقوة هذه المرة وبصفة مباشرة من موانئ إسبانيا إلى الجزائر، بعدما كانت تمرّ عبر الموانئ الفرنسية عوض أن تنطلق من الموانئ الإسبانية".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية