سفير جزائري بإسبانيا بعد 20 شهرا من الأزمة.. هل تعود العلاقات لطبيعتها؟
وضعت الجزائر وإسبانيا نهاية لأزمة دبلوماسية دامت 20 شهرا، بإعلان الخارجية الجزائرية أمس الخميس، موافقة السلطات الإسبانية على تسمية عبد الفتاح دغموم سفيرا للجزائر لديها، وهي خطوة كبيرة في سياق إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه.
وسحبت الجزائر سفيرها السابق سعيد موسي من مدريد في 19 مارس 2022، بعدما رفضت إعلان إسبانيا تأييدها خطة الحكم الذاتي المغربية لحل النزاع في الصحراء الغربية.
قطيعة دبلوماسية وضرر تجاري
وألقت الأزمة الدبلوماسية بأثقالها على العلاقات التجارية بين البلدين المتوسّطيين، فتحوّلت إلى قطيعة أضرّت خصوصا بالمستثمرين من رجال الأعمال في البلدين.
فباستثناء استمرار ضخ الغاز الجزائري إلى إسبانيا بموجب عقود طويلة المدى وقّعها الطرفان، تأثرت التبادلات التجارية حسب تقديرات اقتصادية بـ"خسائر كبيرة فاقت مليار يورو، طالت تحديدا شركات خاصة".
وبدأت هذه القطيعة في يونيو 2022، بعد توجيه الجمعية المهنية للبنوك الجزائرية (هيئة رسمية)، تعليمة إلى كافة المؤسسات المالية ومدراء البنوك في الجزائر بـ"بتجميد عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا، ووقف أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات تجارية مع مدريد".
بعدها تراجعت الجمعية المهنية للبنوك الجزائرية عن التعليمة، وعادت المبادلات التجارية بين البلدين لكن أغلبها بقي مقتصرا على القطاع الخاص، وفق تصريح سابق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
"مفيدة للطرفين"
ولا تتجاوز الصادرات الإسبانية نحو الجزائر ملياري دولار سنويا، فيما تبلغ الصادرات الجزائرية إلى إسبانيا أكثر من 90 بالمائة أغلبها مواد نفطية.
في الموضوع على المحلل السياسي الجزائري أنس بن عمر، إن "الموافقة على تعيين سفير بين بلدين يعني في الأعراف الدبلوماسية زوال الأزمة، باعتبار السفير يمثل أرقى صفات التمثيل بين بلدين".
وبرأي بن عمر فإن أسباب الخلاف بين الجزائر ومدريد زالت، والتي تتعلق "بالموقف الإسباني من النزاع في الصحراء الغربية، خصوصا بعد خطاب رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الأخير في الأمم المتحدة، إذ عاد فيه إلى الموقف التقليدي لبلاده بدعم القانون الدولي، الذي يلزمها كقوة استعمارية سابقة بإدارة الإقليم غير المتمتّع بالاستقلال - وفق مقررات الأمم المتحدة – وأن لا تنحاز لأيّ من الطرفين".
وذكر المتحدث بأن الضرر الاقتصادي "بدا بالغا على الطرف الإسباني خصوصا، حيث تضررت قطاعات الصناعات الخزفية والنسيجية واللحوم خصوصا، وفق شكاوى تقدّمت بها شركات خاصة للحكومة الإسبانية، وهو ضرر طال أيضا الطرف الجزائري لكن ليس بالحدّة ذاتها.. لكن من المفيد الآن أن تعود الأمور إلى طبيعتها وأن تترك القضية بيد الأمم المتحدة".
"عودة أقوى"
من جهته قال وزير الاقتصاد الأسبق عبد الرحمان مبتول، إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشكل "شريانا مهما تضرر إلى حد ما خلال الأزمة الفارطة".
وأوضح مبتول في حديث مع "أصوات مغاربية" بأن قطاعات محددة تضررت أبرزها "الصناعات الخزفية، ولكن رغم هذا وجد الجزائريون بديلا في مصانع محلية في بلادهم تنافس نظيرتها الإسبانية من حيث الجودة والأسعار، وهو ما خفّف من حدّة الأزمة في هذا المجال".
وتوقّع الوزير الجزائري الأسبق أن تعود العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية إلى ما كانت عليه قبل الأزمة ، وقال إن "رجال الأعمال أصحاب الشركات من البلدين سيباشرون ضخ أموالهم وسلعهم بقوة هذه المرة وبصفة مباشرة من موانئ إسبانيا إلى الجزائر، بعدما كانت تمرّ عبر الموانئ الفرنسية عوض أن تنطلق من الموانئ الإسبانية".
المصدر: أصوات مغاربية