أعلن مصرف ليبيا المركزي، الخميس، اختتام اجتماعاته مع ممثلي صندوق النقد الدولي تمهيدا لانعقاد مشاورات "المادة الرابعة" مع الصندوق في شهر أبريل 2024.
ومحادثات "المادة الرابعة" تحيل على نفس المادة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي والتي تنص، بحسب ما جاء في موقع الصندوق، على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي.
ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في البلد يعد على إثرها تقرير يشكل أساسا لمناقشات المجلس التنفيذي ليتم بعد ذلك إرسال ملخص آراء المدراء التنفيذيين إلى سلطات البلد المعني.
صندوق النقد الدولي يشيد
واستأنفت ليبيا محادثاتها في إطار مشاورات "المادة الرابعة" مع النقد الدولي في مارس الماضي، وذلك بعد توقف دام أكثر من 10 سنوات بسبب الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها البلاد منذ سقوط نظام القذافي في عام 2011.
وفي يونيو الماضي أعلنت المؤسسة المالية الدولية عن استئناف أنشطتها الرقابية في ليبيا، مثنية على "تحسنات" طرأت على "جمع البيانات وتبادلها وشفافيتها " الأمر الذي "مَكَّنَ صندوق النقد الدولي من استئناف أنشطته الرقابية بعد توقف دام عقدا كامل" بحسب فريق ليبيا بالصندوق.
وضمت المحادثات، التي استضافتها تونس خلال الأسبوع الجاري، فريق خبراء صندوق النقد، وعن الجانب الليبي شارك فيها كل من محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير ونائبه مرعي البرعصي إضافة إلى ديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط، وممثلين عن وزارات المالية والاقتصاد والتجارة والعمل ومصلحة الإحصاء والتعداد.
وخلال المحادثات، "أشاد الصندوق بتطوير مصرف ليبيا المركزي لإجراءاته الرقابية، ومنصات معلوماته للحد من المخاطر المصرفية وتعزيزه لنظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونجاحه في المحافظة على الاستدامة المالية والاستقرار النقدي رغم التحديات، وأهمية استقرار وزيادة إنتاج النفط وتصديره"، بحسب ما أورد المصرف على موقعه الإلكتروني.
"أزمة الدينار" والإنفاق العمومي
وتزامنت الاجتماعات الأخيرة مع جدل شهدته ولا تزال الساحة الليبية بسبب تراجع سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار.
وسبقت ذلك نتائج تقرير ديوان المحاسبة للعام 2022 المنشورة مؤخراً، والتي سجلت مجموعة من "التجاوزات" في مجال الإنفاق العمومي، ما عده خبراء اقتصاديون من بين أسباب تدهور قيمة الدينار.
غير أن حكومة الوحدة الوطنية سعت إلى طمأنة الشارع الغاضب بسبب أزمة انخفاض قيمة الدينار، مؤكدة أن الوضع الاقتصادي في البلاد "مستقر" وأن الارتفاع الحاصل في سعر الصرف "يعد أمرا عارضا"، وفق تصريحات أدلى بها وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج الأحد الماضي.
ودلل الحويج على حديثه بشأن استقرار الوضع الاقتصادي في ليبيا بالإشارة إلى ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي بشأن احتفاظ ليبيا باحتياطات من النقد الأجنبي تتجاوز 82 مليار دولار.
من جهته، ربط رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، أسباب تراجع قيمة الدينار الليبي أمام الدولار بوجود إنفاق مواز "لايخضع لأي جهة رقابية محلية أو دولية"، في إشارة إلى نفقات حكومة الشرق المكلفة من قبل البرلمان.
"مؤشرات على عدم تعافي الاقتصاد"
وبحسب الخبير الاقتصادي الليبي، عبدالله الأمين، فإن أزمات من قبيل انخفاض سعر العملة وشبهات الفساد في الإنفاق العام التي أظهرها تقرير ديوان المحاسبة 2022، تعتبر مؤشرات "أكثر من كافية" على عدم تعافي الاقتصاد الليبي بالكامل منذ 2011.
وأكد الأمين، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن إشادة صندوق النقد الدولي المشار إليها في اجتماعات هذا الأسبوع، كانت حول تحسن آلية جمع المعلومات وبعض الإجراءات الإدارية لدى المصرف المركزي، معتبرا أنها "لاتدل على أن اقتصاد البلاد بات محصناً".
وتوقع الأمين أن تستمر "أجواء عدم اليقين السياسي في الوجود كعائق أمام عملية صنع السياسات الاقتصادية للبلاد ما دام الانقسام الحكومي والمؤسساتي قائماً"، مشدداً على أن إجراء الانتخابات وتوحيد البلاد تحت حكومة منتخبة هو المسار الوحيد لإنعاش الاقتصاد والخروج من الأزمة.
ويأمل كثير من الليبيين أن تتعافى قيمة الدينار مقابل الدولار قبل حلول نهاية العام الحالي، وذلك رغم استمرار حالة الانقسام السياسي وتشتت جهود وإمكانات الدولة الغنية بالنفط بين كيانات سياسية متعددة تتصارع على الشرعية وعلى التصرف في إيرادات النفط منذ 2014.
- المصدر: أصوات مغاربية