Algeria's Foreign Minister Ramtane Lamamra holds a press conference in the capital Algiers, on August 24, 2021. - Lamamra said…
رمطان لعمامرة- أرشيف

يُسجّل وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة عودة جديدة إلى المشهد الدبلوماسي الدولي، عبر تعيينه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، مبعوثا شخصيا له إلى السودان.

وهذه أول مهمة رسمية للعمامرة منذ مغادرته الحكومة الجزائرية، في التعديل الذي أجراه الرئيس عبد المجيد تبون شهر مارس الفارط.

ويأتي تعيين لعمامرة بعد تلقي الأمم المتحدة رسالة من الحكومة السودانية، يفيد بـ"إنهاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة في الفترة الانتقالية (يونيتامس) على الفور"، وهي البعثة التي تأسست في يونيو 2020 ، وكان مقررا أن ينتهي تفويضها في 3 ديسمبر المقبل.

وزيرا للخارجية مرتين

ويملك رمطان لعمامرة، المولود سنة 1952 في بلدية واد أميزور بمنطقة القبائل وسط الجزائر، رصيدا دبلوماسيا كبيرا، كانت بدايته من المدرسة الوطنية للإدارة، التي تخرّج منها بشهادة في الدبلوماسية.

شغل الدبلوماسي، البالغ 71 عاما، عدة مناصب منها ما كان في وزارة الخارجية بالجزائر ومنها سفيرا لبلاده في عدة دول ولدى الأمم المتحدة؛ وكان أمينا العام لوزارة الشؤون الخارجية العام 2010.

في العام 2013 عيّنه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وزيرا للخارجية ثم غادر الحكومة في العام 2017، وفي هذه السنة عينته الأمم المتحدة ضمن مجلس استشاري رفيع المستوى مختص في الوساطة الدولية.

لم يمكث لعمامرة طويلا في منصبه الجديد بالأمم المتحدة حتى عاد إلى منصبه السابق، إذ كلّفه الرئيس عبد المجيد تبون في يوليو 2021 بقيادة الدبلوماسية الجزائرية وهي المهمة التي غادرها بعد سنتين.

وساطات ناجحة

أما دوليا فليست مهمة لعمامرة الحالية للسودان الأولى في سجلّ وساطاته لحل الأزمات الأفريقية تحديدا، حيث كان مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007، وقاد وساطة بين الحكومة و"حركة الليبيريين المتحدة من أجل المصالحة والديمقراطية"، بعد حرب أهلية وصراع دام على السلطة، أفضت إلى وضع السلاح.

كما انتُخب لعمامرة مفوّضا لمجلس السلم والأمن الأفريقي سنة 2008، وأعيد انتخابه على رأس هذا المجلس حتى عام 2010.

كان الرجل أيضا مهندس "اتفاق المصالحة" في مالي بصفته وزير خارجة بلاده بين عامي 2014 و2016 برعاية الأمم المتحدة، وأُطلق على ذلك الاتفاق تسمية "مبادرة إسكات البناق"، وقد نجح في وضع حد للحرب بين الحكومة المالية و"حركة الأزواد" في شمالي البلاد.

كذلك سجّل لعمامرة نجاحا في ملف وساطة آخر في مدغشقر، حيت تم التوصل إلى اتفاق  العام 2017 برعاية من الاتحاد الأفريقية بين الحكومة والحركات المعارضة لها.

وفي أبريل 2020 طُرح اسم لعمامرة ليكون مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا، لكن واشنطن اعترضت على تعيينه.

بوغرارة: خبير الأزمات الأفريقية

وتعليقا على مهمته الجديدة، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدبلوماسية بجامعة الجزائر عبد الحكيم بوغرارة، إن لعمامرة "خبير في معرفة وحل الأزمات الأفريقية، وهو ما جعل الأمم المتحدة تختاره دون غيره".

ووصف بوغرارة تعيين لعمامرة لهذه المهمة، بأنّه "تعيين مسؤول أفريقي عربي لأزمة أفريقية عربية ذات أبعاد عالمية".

وأوضح المتحدّث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن لعمامرة "نجح في مهمات وساطة عديدة بليبيريا ومدغشقر ومالي وبين دولتي إثيوبيا وإريتريا"، وقال إن كل ما سبق "كوّن لديه رصيدا في معرفة تفاصيل الأزمات الأفريقية، ومنها الأزمة السودانية الحالية، التي هو على اطّلاع بخلفياتها وحيثياتها".

وبحسب بوغرارة فإن الدبلوماسي الجزائر "لن يحتاج الى وقت كبير ليُلمّ بالملف السوداني، لأنّه مطلع على أهم تفاصيله، وبعدها سينطلق مباشرة في جهود السلام، التي أوقّع أن ينجح فيها".

وأشار بوغرارة إلى أن هناك "أرضية مفروشة أمام لعمامرة تتعلق بمساع أميركية سعودية سابقة، وكانوا قريبين جدا من توقيع الإعلان السياسي لحل الأزمة في السودان، فضلا عن زيادة وتيرة الاجتماعات بين البرهان وحميدتي"، وخلص المتحدث إلى القول إن لعمامرة "سينطلق من هذه الأرضيات لإتمام ما سبق".

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تجمهر موريتانيين أمام قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)
قصر العدل وسط العاصمة نواكشوط (أرشيف)

عرفت موريتانيا في تاريخها السياسي الحديث عدة تجارب لرؤساء غادروا سدة الحكم إلى السجون في ظروف محتلفة في هذا البلد المغاربي الذي يعتبر أكثر دول المنطقة سجنا لقادته، بسبب كثرة الانقلابات العسكرية. 

وكانت آخر تلك التجارب اعتقال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، عام 2020 بعد واحد على مغادرة السلطة في مستهل مشوار من الملاحقات ومحاكمة ماراثونية بتهم متعددة تتعلق بالفساد والإثراء غير المشروع، اختتمت قبل أيام بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات نافذة ومصادرة أمواله. 

ولم يكن محمد ولد عبد العزيز (66 عاما) هو أول رئيس يخرج من الحكم ليدخل السجن، إذ اعتقل جميع من أطيح بهم في انقلابات العسكر في البلاد أعوام 1978 و1984 ثم 2008، في حين كان المنفى هو الملاذ الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع المطاح به عام 2005. 

"فساد العشرية" 

ويبقى ولد عبد العزيز أبرز الرؤساء الموريتانيين المودعين بالسجن، وذلك بعد أن أدين بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع مطلع الشهر الجاري، كما أمرت المحكمة بمصادرة أمواله مع دفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة (نحو مليون و260 ألف دولار). 

ويأتي الحكم على ولد عبد العزيز بعد مسار مثير بدأ في 2020 بتحقيق برلماني في الملف المعروف محليا بـ"فساد العشرية) وتعني سنوات حكم الرجل (2009 - 2019).

ولم يشفع لولد عبد العزيز مطالبته طيلة أطوار المحاكمة بحق الحصانة طبقا للمادة 93 من الدستور التي تنص على أنه "لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسته سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى". 

وظل ولد عبد العزيز حتى مرافعته الأخيرة قبل النطق بالحكم  يعتبر نفسه ضحية مساع لمنعه من المشاركة في الساحة السياسية، ودليلا على ذلك ساق دفاعه ورقة استخراج مشمولين في الملف من قائمة المتهمين وتعيينهم في مناصب سامية. 

وقبل ولد عبد العزيز كان يتم اعتقال الرؤساء السابقين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد إلغاء الدستور وتعطيل العمل به في إطار حالة الطوارئ.

 
سيدي ولد الشيخ عبد الله

وكان ولد عبد العزيز قط أطاح بسلفه الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي حكم البلاد بعد انتخابه في 2007 وغادر سدة الحكم في خضم انقلاب عسكري في أغسطس عام 2008 في سنة وصفت بـ"عام الديمقراطية الموريتانية". 

وبعد الانقلاب، خضع ولد الشيخ عبد الله للإقامة الجبرية في شقة سكنية وسط العاصمة نواكشوط، واستمر احتجازه فيها حتى منتصف شهر نوفمبر، حين نقله قادة الانقلاب آنذاك إلى مسقط رأسه في قرية لمدن شرق العاصمة.

واستمرت فترة الإقامة الجبرية التي أمضاها ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) لأربعين يومًا، كان يتمتع فيها بحرية استقبال من يريد.

خرج ولد الشيخ عبد الله من الإقامة الجبرية نهاية 2008، نتيجة ضغط من أحزاب المعارضة وفي إطار تهيئة المناخ "للقاءات تشاورية" تهدف للتحضير لمسار "العودة للانتخابات" عبر استقالة ولد عبد العزيز وترشحه من جديد عام 2009. 

وكان الراحل ولد الشيخ عبد الله أول رئيس مدني منتخب للبلاد، كما يعتبر أول من يخضع للإقامة الجبرية بين الرؤساء السابقين، رغم أن الانقلابات العسكرية قادت العديد من الرؤساء إلى السجن والمنفى. 

ولد هيدالة 

وفي ديسمبر 1984  كان محمد خونة ولد هيداله على موعد مع سجن دام 4 سنوات في مدينة كيهيدي (جنوب) وذلك بعد الإطاحة به في  انقلاب تزعمه قائد أركان الجيوش آنذاك معاوية ولد سيد أحمد الطايع.

وكان هيداله وقت تنفيذ الانقلاب في العاصمة البوروندية بوجمبورا لحضور القمة الأفريقية، وبعد تقييم الموقف توجه إلى نواكشوط ليخضع للاعتقال فور نزوله في المطار ونقل إلى سجن "كيهيدي" حيث أقام لأربع سنوات، حتى 28 نوفمبر 1988.

المختار ولد داداه

يعتبر المختار ولد داداه، الرئيس الأول لموريتانيا بعد الاستقلال، أول الذين عاشوا تجربة الانتقال من القصر الرئاسي إلى السجن بعد حكمه البلاد مدة 18 عاما (1960-1978). 

وحكم ولد داداه موريتانيا منذ إعلان استقلالها عام 1960 حتى الإطاحة به في انقلاب عام 1978 حين اقتاده الانقلابيون في البداية إلى ثكنة تابعة للهندسة العسكرية، قبل أن ينقلوه إلى مدينة "ولاته" في أقصى الشرق الموريتاني. 

وخضع الرئيس المؤسس للسجن 14 شهرًا في "قلعة ولاته" المشهورة باستضافته للمعارضين الموريتانيين وافرج عنه في أكتوبر 1979، ونقل إلى فرنسا لتلقي العلاج، واستمر فيها كمنفى اختياري وعاد لبلاده يوم 17 يوليو 2001 ووافته المنية سنة 2003، ودفن في مدينة بوتلميت (جنوب غرب).

تجربة المنفى

وفي الثالث من أغسطس عام ٢٠٠٥ أطيح بمعاوية ولد سيد أحمد الطايع من قبل قيادات من الأمن والجيش تزعمهم الرئيس الراحل اعل ولد محمد فال (1953-2017) بعد نحو عشرين عاما من إدارة البلد. 

لكنه لم يرد عيش تجربة السجن في البلاد، على غرار سابقيه، وقرر حين أبلغ بانقلاب ضباطه ضده وهو في الطريق عائدًا من المشاركة في تشييع جثمان الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، أن يذهب لمنفاه الاختياري في دولة قطر.

المصدر: أصوات مغاربية