يُسجّل وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة عودة جديدة إلى المشهد الدبلوماسي الدولي، عبر تعيينه من طرف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس الجمعة، مبعوثا شخصيا له إلى السودان.
وهذه أول مهمة رسمية للعمامرة منذ مغادرته الحكومة الجزائرية، في التعديل الذي أجراه الرئيس عبد المجيد تبون شهر مارس الفارط.
ويأتي تعيين لعمامرة بعد تلقي الأمم المتحدة رسالة من الحكومة السودانية، يفيد بـ"إنهاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لتقديم المساعدة في الفترة الانتقالية (يونيتامس) على الفور"، وهي البعثة التي تأسست في يونيو 2020 ، وكان مقررا أن ينتهي تفويضها في 3 ديسمبر المقبل.
وزيرا للخارجية مرتين
ويملك رمطان لعمامرة، المولود سنة 1952 في بلدية واد أميزور بمنطقة القبائل وسط الجزائر، رصيدا دبلوماسيا كبيرا، كانت بدايته من المدرسة الوطنية للإدارة، التي تخرّج منها بشهادة في الدبلوماسية.
شغل الدبلوماسي، البالغ 71 عاما، عدة مناصب منها ما كان في وزارة الخارجية بالجزائر ومنها سفيرا لبلاده في عدة دول ولدى الأمم المتحدة؛ وكان أمينا العام لوزارة الشؤون الخارجية العام 2010.
في العام 2013 عيّنه الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وزيرا للخارجية ثم غادر الحكومة في العام 2017، وفي هذه السنة عينته الأمم المتحدة ضمن مجلس استشاري رفيع المستوى مختص في الوساطة الدولية.
لم يمكث لعمامرة طويلا في منصبه الجديد بالأمم المتحدة حتى عاد إلى منصبه السابق، إذ كلّفه الرئيس عبد المجيد تبون في يوليو 2021 بقيادة الدبلوماسية الجزائرية وهي المهمة التي غادرها بعد سنتين.
وساطات ناجحة
أما دوليا فليست مهمة لعمامرة الحالية للسودان الأولى في سجلّ وساطاته لحل الأزمات الأفريقية تحديدا، حيث كان مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007، وقاد وساطة بين الحكومة و"حركة الليبيريين المتحدة من أجل المصالحة والديمقراطية"، بعد حرب أهلية وصراع دام على السلطة، أفضت إلى وضع السلاح.
كما انتُخب لعمامرة مفوّضا لمجلس السلم والأمن الأفريقي سنة 2008، وأعيد انتخابه على رأس هذا المجلس حتى عام 2010.
كان الرجل أيضا مهندس "اتفاق المصالحة" في مالي بصفته وزير خارجة بلاده بين عامي 2014 و2016 برعاية الأمم المتحدة، وأُطلق على ذلك الاتفاق تسمية "مبادرة إسكات البناق"، وقد نجح في وضع حد للحرب بين الحكومة المالية و"حركة الأزواد" في شمالي البلاد.
كذلك سجّل لعمامرة نجاحا في ملف وساطة آخر في مدغشقر، حيت تم التوصل إلى اتفاق العام 2017 برعاية من الاتحاد الأفريقية بين الحكومة والحركات المعارضة لها.
وفي أبريل 2020 طُرح اسم لعمامرة ليكون مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا، لكن واشنطن اعترضت على تعيينه.
بوغرارة: خبير الأزمات الأفريقية
وتعليقا على مهمته الجديدة، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدبلوماسية بجامعة الجزائر عبد الحكيم بوغرارة، إن لعمامرة "خبير في معرفة وحل الأزمات الأفريقية، وهو ما جعل الأمم المتحدة تختاره دون غيره".
ووصف بوغرارة تعيين لعمامرة لهذه المهمة، بأنّه "تعيين مسؤول أفريقي عربي لأزمة أفريقية عربية ذات أبعاد عالمية".
وأوضح المتحدّث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن لعمامرة "نجح في مهمات وساطة عديدة بليبيريا ومدغشقر ومالي وبين دولتي إثيوبيا وإريتريا"، وقال إن كل ما سبق "كوّن لديه رصيدا في معرفة تفاصيل الأزمات الأفريقية، ومنها الأزمة السودانية الحالية، التي هو على اطّلاع بخلفياتها وحيثياتها".
وبحسب بوغرارة فإن الدبلوماسي الجزائر "لن يحتاج الى وقت كبير ليُلمّ بالملف السوداني، لأنّه مطلع على أهم تفاصيله، وبعدها سينطلق مباشرة في جهود السلام، التي أوقّع أن ينجح فيها".
وأشار بوغرارة إلى أن هناك "أرضية مفروشة أمام لعمامرة تتعلق بمساع أميركية سعودية سابقة، وكانوا قريبين جدا من توقيع الإعلان السياسي لحل الأزمة في السودان، فضلا عن زيادة وتيرة الاجتماعات بين البرهان وحميدتي"، وخلص المتحدث إلى القول إن لعمامرة "سينطلق من هذه الأرضيات لإتمام ما سبق".
المصدر: أصوات مغاربية