في خضم الاحتقان الذي يعرفه القطاع التعليمي بالمغرب إثر استمرار إضرابات الأساتذة للأسبوع الخامس على التوالي احتجاجا على النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي التعليم، قررت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأساسي والرياضة تفعيل عشرات الآلاف من الاقتطاعات من أجرة موظفي التعليم.
وبررت الوزارة قرارها الذي نشرته عبر مراسلتين إلى مدير نفقات الموظفين بالخزينة العامة للمملكة أنه "بسبب التغيب عن العمل بصفة غير مشروعة"، حيث أوردت المراسلة الأولى (الخميس) 22 ألف أمر بالاقتطاع بينما ذكرت المراسلة الثانية (الجمعة) 47 ألف اقتطاع.
وتثير هذه الاقتطاعات تساؤلات حول نجاعتها في الحد من إضرابات الأساتذة، لاسيما بعد أن سجلت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك "احتقانا غير مسبوق في قطاع التعليم مما يؤثر سلبا على المدرسة العمومية ويحرم ملايين التلاميذ من الحق في التمدرس وتكافؤ الفرص وجودة التعلمات ويعرضهم للهدر المدرسي".
وأعلنت عدد من الهيئات النقابية، السبت والأحد، عن خوض إضراب وطني لثلاثة أيام ابتداء من الثلاثاء المقبل، من بينها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل و"التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي" و"التنسيقية الوطنية لأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد".
وعبرت "التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي" عن رفضها لما أسمته بـ"الاقتطاع الجائر من أجور المضربين"، مؤكدة أنه "سيقابل هذا التعسف بعدم تعويض الزمن المدرسي الذي تتحمل الوزارة وحدها مسؤولية هدره وسيواجه بأشكال نضالية غير مسبوقة وأكثر تصعيدا".
"حالة استثنائية"
وتعليقا على الموضوع، يستبعد الأستاذ الجامعي والخبير في السياسات التربوية والعمومية، محمد اكديرة، أن يؤثر الاقتطاع بأي شكل في الحد من التشنج المتصاعد بقطاع التعليم أو أن يكون عاملا للضغط على الأساتذة المضربين لوقف احتجاجهم.
ويضيف اكديرة في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الإضراب حق دستوري والقانون الذي ترتكز عليه الوزارة للاقتطاع من الأساتذة المضربين هو فقط قانون الوظيفة العمومية، مستدركا أن سياق هذا الاقتطاع مرتبط بحالة استثنائية وشاذة تتمثل في احتقان عام بالقطاع.
ويحذر الخبير في السياسات التربوية، من تداعيات قرار الاقتطاع في تصاعد احتجاجات الأساتذة التي تضر بمصلحة الوطن والتعليم والتلاميذ، معتبرا أن الظرفية الحالية التي يمر منها التعليم بالمغرب غير مناسبة لتفعيل مبدأ الأجر مقابل العمل.
وفي المقابل، يدعو المتحدث ذاته رئيس الحكومة المغربية إلى سحب النظام الأساسي الجديد الخاص بموظفي التعليم والرجوع إلى طاولة الحوار كحل وسط في انتظار تهدئة الأوضاع والاتفاق على الحلول المناسبة لتجاوز هذا الاحتقان.
"فتح أبواب الحوار"
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، قد أوضح في تصريحات سابقة، أن الاقتطاعات التي تعتزم الوزارة تفعيلها "قانونية" بمقتضى "مرسوم رئيس الحكومة لعام 2012"، مشددا على أن "الحكومة لا يمكن أن تخالف القانون بل هي مجبرة على تطبيق القوانين".
وذكر بايتاس أن رئيس الحكومة قد عين في اجتماع أحزاب الأغلبية الذي انعقد مؤخرا، لجنة تتكون من وزير التعليم والوزير المكلف بالميزانية والوزير المكلف بالشغل، مؤكدا أن "اللجنة مستعدة للجلوس والحوار مع النقابات التعليمية وقتما عبرت عن رغبتها في ذلك".
ويضيف بايتاس في الندوة الصحفية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي الأخير، أن "الحكومة تفتح الأبواب ومستعدة للحوار حالا بدون أي إبطاء حول مختلف القضايا التي تثير تخوفات رجال التعليم".
ويشير المسؤول الحكومي إلى أن الغاية من الاجتماع ستكون تجويد نص هذا النظام الأساسي وتبديد التخوفات وإيجاد أفق مشترك بين الحكومة وبين رجال ونساء التعليم من أجل حل هذه الإشكاليات المطروحة وضمان عودة التلاميذ إلى أقسامهم.
- المصدر: أصوات مغاربية