حجزت وزارة التجارة التونسية خلال حملة لمكافحة الاحتكار ، الأسبوع الفائت، بمحافظة المنستير (وسط) 5.5 طن من المواد الغذائية، كما احتفظت قوات الأمن بمتهمين يشتبه في ضلوعهما في جرائم اقتصادية.
وبات مشهد مداهمة محلات التخزين غير القانونية مألوفا لدى التونسيين منذ أشهر بعد إعلان الرئيس قيس سعيد "الحرب على الاحتكار".
ورغم إشادة خبراء بالإجراءات القانونية والأمنية في محاربة هذه الظاهرة، فإنهم يرجعون في الوقت ذاته نقص المواد الأساسية إلى عوامل أخرى من بينها خفض السلطات لحجم الواردات في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها هذا البلد المغاربي.
قانون صارم
أعلن الرئيس سعيد العام الفائت، عن شن "حرب بلا هوادة" ضد المحتكرين للبضائع، مصدرا مرسوما يتضمن عقوبات رادعة ضد الممارسات الاحتكارية.
ويهدف المرسوم، وفق فصله الأول، إلى "مقاومة المضاربة غير المشروعة لتأمين التزويد المنتظم للسوق وتأمين مسالك التوزيع".
ويتضمن المرسوم حزمة من العقوبات السجنية والمالية ضد المخالفين من التجار، مانحا السلطات الأمنية صلاحيات واسعة للمراقبة.
وتصل العقوبات الجديدة إلى السجن المؤبد في بعض المخالفات المتعلقة بالمضاربة غير المشروعة التي عرفها المرسوم بأنها "كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع أيا كان مصدرها وطريقة إنتاجها يكون الهدف منه إحداث ندرة فيها واضطراب في تزويد السوق بها، وكل ترفيع أو تخفيض مفتعل في أسعارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو استعمال الوسائل الإلكترونية أو أي طرق أو وسائل احتيالية"
ووفقا للفصل 17 من المرسوم "يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية مالية قدرها خمسمائة ألف دينار ( 160 ألف دولار) إذا ارتكبت الجرائم من قبل وفاق أو عصابة أو تنظيم إجرامي أو عند مسك المنتجات بنية تهريبها خارج أرض الوطن".
كما يسمح التشريع الجديد للسلطات بمصادرة المكاسب المحققة من وراء عمليات المضاربة.
هل نجحت الحرب؟
بعد مرور فترة طويلة على بدء السلطات لهذه "الحرب" يُطرح أكثر من سؤال حول الأهداف التي تم تحقيقها وإلى أي مدى نجحت في القضاء على الاحتكار.
إجابة على هذا السؤال، يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن "أي إجراء لمقاومة الاحتكار والمضاربة يعد أمرا جيدا"، لكنه أرجع "نقص المواد الأساسية في الأسواق إلى سياسات التوريد التي تعتمدها السلطات".
وفسر الشكندالي موقفه بالقول إن "الاحتكار كان موجودا وسيبقى قائما لكنه لا يعد الحلقة الأهم في نقص التزود بالمواد الأساسية في السوق، إذ يعود ذلك إلى التراجع الكبير في حجم الواردات بسبب نقص رصيد العملة الصعبة".
وتابع الخبير الاقتصادي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "خيار التقليص في الواردات هو ما أدى بشكل أساسي إلى نقص المواد الأساسية بينما عمق الاحتكار هذه الظاهرة".
وتساءل "إذا كانت الممارسات الاحتكارية هي السبب الرئيسي في نقص المواد الأساسية فلماذا لم تنته هذه الإشكاليات بعد الإعلان عن حجز كميات كبيرة من السلع لدى المحتكرين".
مواجهة النقص
وفي الأشهر الأخيرة شهدت الأسواق التونسية نقصا حادا في لائحة طويلة من المواد الأساسية كالوقود وزيت الطبخ والدقيق والسكر والقهوة والحليب وغيرها.
وفي السياق ذاته، أشار القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات إلى "وجود جهد وإرادة للتضييق على ظاهرة الاحتكار التي تفاقمت في السنوات الأخيرة".
لكنه دعا السلطات في المقابل إلى عدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية التقليدية والتوجه إلى اعتماد حلول جديدة تساهم في وضع حد لهذه الممارسات".
واقترح عويدات في تصريح لـ"أصوات مغاربية" "إمكانية إعادة مشروع تم طرحه في حكومة إلياس الفخفاخ يتمثل في إعداد منظومة الكترونية يتم عبرها تتبع جميع السلع بدءا بالمنتج وصولا إلى المستهلك مرورا عبر الأسواق".
المصدر: أصوات مغاربية