People shop for fruit and vegetables in the central market, in Tunis, Tunisia, Wednesday, Jan. 13, 2021, a day before a…
تشهد مواد أساسية نقصا وغلاء في الأسواق التونسية

حجزت وزارة التجارة التونسية خلال حملة لمكافحة الاحتكار ، الأسبوع الفائت، بمحافظة المنستير (وسط) 5.5 طن من المواد الغذائية، كما احتفظت قوات الأمن بمتهمين يشتبه في ضلوعهما في جرائم اقتصادية.

وبات مشهد مداهمة محلات التخزين غير القانونية مألوفا لدى التونسيين منذ أشهر بعد إعلان الرئيس قيس سعيد "الحرب على الاحتكار".

ورغم إشادة خبراء بالإجراءات القانونية والأمنية في محاربة هذه الظاهرة، فإنهم يرجعون في الوقت ذاته نقص المواد الأساسية إلى عوامل أخرى من بينها خفض السلطات لحجم الواردات في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها هذا البلد المغاربي.

قانون صارم

أعلن الرئيس سعيد العام الفائت، عن شن "حرب بلا هوادة" ضد المحتكرين للبضائع، مصدرا مرسوما يتضمن عقوبات رادعة ضد الممارسات الاحتكارية.

ويهدف المرسوم، وفق فصله الأول، إلى "مقاومة المضاربة غير المشروعة لتأمين التزويد المنتظم للسوق وتأمين مسالك التوزيع".

ويتضمن المرسوم حزمة من العقوبات السجنية والمالية ضد المخالفين من التجار، مانحا السلطات الأمنية صلاحيات واسعة للمراقبة.

وتصل العقوبات الجديدة إلى السجن المؤبد في بعض المخالفات المتعلقة بالمضاربة غير المشروعة التي عرفها المرسوم بأنها "كل تخزين أو إخفاء للسلع أو البضائع أيا كان مصدرها وطريقة إنتاجها يكون الهدف منه إحداث ندرة فيها واضطراب في تزويد السوق بها، وكل ترفيع أو تخفيض مفتعل في أسعارها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو عن طريق وسيط أو استعمال الوسائل الإلكترونية أو أي طرق أو وسائل احتيالية"

ووفقا للفصل 17 من المرسوم "يعاقب بالسجن بقية العمر وبخطية مالية قدرها خمسمائة ألف دينار ( 160 ألف دولار) إذا ارتكبت الجرائم من قبل وفاق أو عصابة أو تنظيم إجرامي أو عند مسك المنتجات بنية تهريبها خارج أرض الوطن".

كما يسمح التشريع الجديد للسلطات بمصادرة المكاسب المحققة من وراء عمليات المضاربة.

هل نجحت الحرب؟

بعد مرور فترة طويلة على بدء السلطات لهذه "الحرب" يُطرح أكثر من سؤال حول الأهداف التي تم تحقيقها وإلى أي مدى نجحت في القضاء على الاحتكار.

إجابة على هذا السؤال، يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن "أي إجراء لمقاومة الاحتكار والمضاربة يعد أمرا جيدا"، لكنه أرجع "نقص المواد الأساسية في الأسواق إلى سياسات التوريد التي تعتمدها السلطات".

وفسر الشكندالي موقفه بالقول إن "الاحتكار كان موجودا وسيبقى قائما لكنه لا يعد الحلقة الأهم في نقص التزود بالمواد الأساسية في السوق، إذ يعود ذلك إلى التراجع الكبير في حجم الواردات بسبب نقص رصيد العملة الصعبة".

وتابع الخبير الاقتصادي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "خيار التقليص في الواردات هو ما أدى بشكل أساسي إلى نقص المواد الأساسية بينما عمق الاحتكار هذه الظاهرة".

وتساءل "إذا كانت الممارسات الاحتكارية هي السبب الرئيسي في نقص المواد الأساسية فلماذا لم تنته هذه الإشكاليات بعد الإعلان عن حجز كميات كبيرة من السلع لدى المحتكرين".

مواجهة النقص

وفي الأشهر الأخيرة شهدت الأسواق التونسية نقصا حادا في لائحة طويلة من المواد الأساسية كالوقود وزيت الطبخ والدقيق والسكر والقهوة والحليب وغيرها.

وفي السياق ذاته، أشار القيادي بحركة الشعب أسامة عويدات إلى "وجود جهد وإرادة للتضييق على ظاهرة الاحتكار التي تفاقمت في السنوات الأخيرة".

لكنه دعا السلطات في المقابل إلى عدم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية التقليدية والتوجه إلى اعتماد حلول جديدة تساهم في وضع حد لهذه الممارسات".

واقترح عويدات في تصريح لـ"أصوات مغاربية"  "إمكانية إعادة مشروع تم طرحه في حكومة إلياس الفخفاخ يتمثل في إعداد منظومة الكترونية  يتم عبرها تتبع جميع السلع بدءا بالمنتج وصولا إلى المستهلك مرورا عبر الأسواق".

المصدر: أصوات مغاربية
 

مواضيع ذات صلة

A drone from the RoboCare startup company, flies over an agricultural domain, to scan the trees from the air and assess their hydration levels, soil quality and overall health, to prevent irreversible damage, in the region of Nabeul, southwest of Tunis on August 30, 2023. The use of modern technologies in agriculture is globally on the rise, including in North Africa where countries rank among the world's 33 most water-stressed, according to the World Resources Institute.
طائرة مسيرة تحلق فوق حقل بتونس

تحلّق طائرة مسيرة فوق حقل برتقال في محافظة نابل بشرق تونس لإجراء مسح للأشجار وتحديد كميات الماء والأسمدة اللازمة لها اعتمادا على تقنيات حديثة تكتسب دورا متزايدا في الزراعة في المغرب العربي المهدد بالتغير المناخي.

ويعد التغير المناخي أهم تحد تواجهه الزراعة في دول المنطقة (تونس، المغرب، ليبيا والجزائر)، إذ تصنّف هذه البلدان ضمن الـ33 الأولى في العالم المعرّضة لشح المياه وفقا للمعهد الأميركي للموارد العالمية ("وورلد ريسورسز انستيتيوت").

دفع ذلك مستثمرين في مجال الزراعة للجوء تدريجيا إلى تقنيات حديثة لحماية محاصيلهم. وفي حقول نابل، يخرق سكون الطبيعة هدير محرك الطائرة المسيّرة وهي تحلّق لجمع معطيات من الصور التي تلتقطها ومن المستشعرات المنتشرة بين أشجار الحمضيات، ومن صور الأقمار الاصطناعية، ليتمّ تحليلها وإعداد تقرير يقدّم للمزارع ليكون بمثابة دليل توجيهي للوضع في حقله.

أطلقت الشركة التونسية الناشئة "روبوكير" المتخصصة في هذه التكنولوجيا، نشاطها منذ العام 2020.

وتقول مؤسستها إيمان الهبيري لوكالة "فرانس براس" بينما تراقب مسار الطائرة عبر شاشة كومبيوتر في الحقل إن "اللجوء للتكنولوجيات الحديثة في مجال الزراعة أصبح أمرا حتميا".

استهلاك أقل، إنتاج أكثر 

تبيّن الهبيري "من خلال الاعتماد على التكنولوجيا يمكن أن نصل إلى تقليل نسبة استهلاك كميات المياه بـ30%  وكذلك التخفيض بـ20% من مصاريف الأدوية والأسمدة، مقابل الترفيع بـ 30% في الإنتاجية".

يطرح خبراء الشركة الكثير من الأسئلة على أصحاب الحقل الذي يمتد على مساحة 15 هكتارا، للحصول على معلومات أساسية بشأن نوعية التربة وطرق الريّ وأنواع الأمراض التي تصيب الأشجار وكمية المبيدات، لمقارنتها بما يتحصلون عليه من صور الأقمار الاصطناعية. ولاحقا، يقدمون للمزارع توصيات بشأن ما يجب القيام به على المديين القريب والبعيد لحماية المحصول والزيادة في إنتاجيته.  

استعان مسؤول الحقل في نابل ياسين القرقوري بالشركة لخفض المصاريف.

ويوضح لفرانس برس "80% من المصاريف تشمل شراء الأدوية والأسمدة بالعملة الصعبة وهذا يؤثر على الميزانية. ونريد الحد من ذلك".

ويعزو سبب ارتفاع المصاريف إلى عدم انتظام المناخ لأن البلاد أصبحت تشهد "درجات حرارة مرتفعة خلال شهر ماي وأمطار خلال أغسطس ما يساهم في تنامي الأمراض الجديدة وهذا يتطلب في كل مرة تغيير طرق المعالجة. في السابق كانت هناك طريقة واحدة، لكن تغير الوضع".

يريد هذا المزارع المستثمر كذلك أن يستبق تراجع الموارد المائية في بلاده من خلال "التكنولوجيا التي تقدم لنا معلومات حول كم يلزم من ماء لكل شجرة دون زيادة أو نقصان".

وتشهد تونس ثامن عام من الجفاف والرابع تواليا، بحيث تراجعت نسبة امتلاء السدود التي تمثل المصدر الأساسي لمياه الشرب والري إلى مستوى 22%، فضلا عن أن 20 سدا غالبتيها بجنوب البلاد خرجت عن الخدمة.

لا يختلف الوضع كثيرا في باقي دول المغرب العربي. ففي المغرب حيث تمثل الزراعة 13% من الناتج المحلي الإجمالي و14% من الصادرات و33% من الوظائف، تمر البلاد بموجة جفاف لم تشهد مثيلا لها منذ عقود.

يقتصر استخدام التكنولوجيات الرقمية في القطاع الزراعي في المملكة حاليًا على كبار المزارعين. ويستخدم ما يقرب من 3% من المنتجين الحلول الرقمية في أنشطة مختلفة في سلاسل الإنتاج. 

والهدف هو تعميم هذه الخدمات على ما نحو مليوني مزارع بحلول العام 2030، بحسب مديرة المركز الرقمي بوزارة الزراعة المغربية لبنى المنصوري.

وتشدد المسؤولة على أن الطائرات المسيرة المستخدمة في عمليات ري الحقول "تستهلك أقل من 20 لترًا من الماء لري هكتار واحد مقارنة بحوالي 300 لتر بالنظم التقليدية"، وفق دراسة مقارنة قامت بها الوزارة.

ترخيص استعمال المسيرات

في الجزائر، تقوم وزارة الزراعة عن طريق استخدام الطائرات المسيّرة وصور الأقمار الاصطناعية، بإعداد "خريطة وطنية للمواقع والقدرات الإنتاجية" التي ستسمح، بحسب تصريحات المسؤولين في المجال الزراعي، "بالاستغلال الأمثل" للمنتجات الزراعية من خلال تقييم خصائصها ومدى ملاءمتها للإنتاج.

غير أنه غالبا ما تصطدم المساعي لتعزيز حضور أوسع للتكنولوجيا في عمليات الإنتاج بعوائق إدارية وقانونية تحول دون تسهيل نشاط الشركات الناشئة في هذا المجال.

تأمل الهبيري من الدولة التونسية أن تساعدها وغيرها من أصحاب الشركات في تكثيف الحملات التوعوية للمزارعين بضرورة توظيف التكنولوجيا. وهي تقدّر بأن 10% فقط من المزارعين في تونس يعتمدون تقنيات كهذه.

فضلا عن ذلك تطالب بأن تكون المسائل الإدارية "سلسة" في ما يتعلق بالحصول على تراخيص استعمال المسيّرات.

وكذلك الحال في المغرب والجزائر حيث يمنع استخدام الطائرات المسيّرة من دون تراخيص يتطلّب الحصول عليها الانتظار لمدة زمنية قد تطول، من دون أن يضمن ذلك نيل هذه الموافقة.

وتؤكد الهبيري "نريد أن نركز في عملنا في التكنولوجيا لا أن نهدر الوقت في المسائل الإدارية والتنقل بين الإدارات والبنوك ما يعيق تقدمنا".

  • المصدر: أ ف ب