Policemen stand by a stationary patrol vehicle at the Martyrs' Square of Libya's capital Tripoli on December 13, 2021. (Photo by Mahmud Turkia / AFP)
عناصر من القوات الأمنية في العاصمة طرابلس - صورة إرشيفية

تثير حالة الاستنفار الأمني التي تعيشها بعض المناطق في غرب ليبيا تساؤلات عديدة لدى المتابعين لما يجري في هذا البلد المغاربي، خاصة في ظل تعثير العملية السياسية واستمرار حالة التشظي وسط الفاعلين في المشهد المحلي حيال مشروع الانتخابات.

ونقلت وسائل إعلامية محلية، أمس الأحد، خبرا يفيد باتخاذ المجلس الرئاسي قرارات أمر من خلالها إبطال كل التريبات الأمنية التي اتخذتها حكومة الوحدة الوطنية، مؤخرا، بدعوى تثبيت الأمن ومطاردة الجماعات المسحلة التي تنشط خارج الأطر القانونية.

وقالت قناة "ليبيا الأحرار" إن "رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بصفته القائد الأعلى للجيش أمر كافة الوحدات العسكرية بعدم القيام بأي تحركات عسكرية مهما كانت الأسباب إلا بعد الحصول على إذن مسبق"، كما "نبه كافة آمري الوحدات العسكرية إلى ضرورة التقيد بالتعليمات وعودة الآليات والأسلحة والأفراد إلى معسكراتهم".

في السياق ذاته، طلب المنفي أيضا من رئاسة الأركان العامة وإدارة الاستخبارات العسكرية بالإبلاغ عن أي وحدة عسكرية مخالفة لهذه التعليمات لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.

من غريان إلى رأس جدير

وتأتي قرارات المجلس الرئاسي الليبي بعد حوالي أسبوع من شروع حكومة الوحدة الوطنية في وضع ترتيبات أمنية جديدة في مناطق الساحل الغربي، من خلال قرارات شملت تكلبف العميد خيري شنقارو عميدا لمعبر رأس اجدير الحدودي مع تونس.

وقبلها أيضا، تم الإعلان عن تشكيل غرفة أمنية مشتركة في أعقاب المواجهات المسحلة التي شهدتها مدينة غريان عندما أعلنت إحدى الجماعات المسلحة تمردها على السلطات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.

وقد أثارت هذه القرارات والتحركات الأمنية سجالا كبيرا لدى العديد من الأطراف السياسية في ليبيا، حيث حذر المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا من أي تحركات عسكرية تجر المنطقة لأحداث لا يمكن توقع نتائجها.

وطالب مجلس الأمازيغ بحل وسحب غرفة العمليات المشتركة للدفاع عن المنطقة الغربية والجنوب الغربي التي شكلتها حكومة الوحدة الوطنية في أكتوبر الماضي لفرض الأمن في المنطقة.

وعقد مجلس الدفاع وبسط الأمن بحضور رئيس  المجلس الرئاسي والقائد الأعلى للجيش الليبي، محمد المنفي، اليوم الإثنين، اجتماعا لمناقشة الأوضاع الأمنية والعسكرية بالمنطقة الغربية.

وتزامن الاجتماع مع التطورات الأمنية التي تشهدها المنطقة الغربية والجنوب غربية من البلاد، وبعد الاتهامات التي وجهتها الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بـ"إثارة توترات أمنية واجتماعية" في غرب البلاد، وتحذيره من مغبة "إشعال فتيل أزمة أمنية وسياسية واجتماعية عن طريق سلطات الأمر الواقع".

ما وراء الترتيبات

ويرى العضو في مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، أن "الهدف من وراء الترتيبات التي أعلنتها حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا لا يتوقف فقط عند محاولة فرض السيطرة عن طريق القوة، بل يسعى إلى إشعال حرب جديدة في الجهة الغربية بين عدة مجموعات".

وأشار المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إلى أن "مخطط الدبيبة واضح ولا يحتاج إلى أي تفسير فهو يريد عرقلة مشروع تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تكون بديلا عن الهيئة غير الشرعية التي يشرف عليها".

وقال أحيدة "هناك إجماع كبير بين كل الشركاء السياسيين بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل الشروع في تحضير الانتخابات، وهو طرح تتبناه الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي يكون قد أزعج العديد من الجهات، ومنها حكومة الوحدة الوطنية، ما دفعها إلى محاولة خلط الأوراق وقلب الطاولة".

وتابع "أعتقد أن تدخل المجلس الرئاسي في الوقت المناسب يكون قد أنقذ البلاد من مشاكل أمنية هي في غنى عنها"

استعجال وحساسية

في المقابل، قال المحلل السياسي، محمود إسماعيل إن "الجدل المتواصل في الساحة المحلية حيال الإجراءات المعلنة من قبل حكومة الوحدة يعكس حساسية مبالغ فيها من قبل بعض الأطراف".

وأكد في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "هذه الجهات حاولت إعطاء قراءات خاطئة لما قامت به السلطات في غرب ليبيا وتحميلها ما لا ينبغي من خلفيات وإسقاطات وسلطت حتى اتهامها بمحاولة ضرب استقرار البلاد".

وقال السنوسي "ربما تكون حكومة الوحدة الوطنية قد ارتكبت بعض الخطأ عندما اتخذت ترتيبات عسكرية وأمنية بدون استشارة المجلس الرئاسي، لكن تصرفها نابع من الأولوية التي تفرضها الحالة الأمنية".

وأشار المتحدث ذاته إلى "إمكانية عودة الهدوء إلى الساحة المحلية قريبا، خاصة بعد دخول المجلس الرئاسي على الخط واتخاذه لجملة من القرارات لإرجاع نوع من التوازن بين الأجسام السياسية المتصارعة في الساحة المحلية".

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

سوق السكوار بالعاصمة الجزائر
سوق "السكوار" الموازي لصرف العملات بالعاصمة الجزائر

أكد وزير المالية الجزائري، لعزيز الفايد، أن "إزالة السوق المالي الموازي" يتطلب "مساهمة العديد من الإدارات الوزارية والمؤسسات لإرساء قواعد السوق" والمتمثلة في "الشفافية والمراقبة الصارمة للعمليات التجارية والاقتصادية".

 جاء ذلك في رد للوزير على سؤال كتابي وجهه النائب في المجلس الشعبي الوطني، أحمد رابحي، بشأن أسباب "الامتناع عن إزالة السوق المالي الموازي" والذي وصفه بأنه "بنك في الهواء الطلق يمارس أنشطة الصرف علانية في شوارع قلب العاصمة مقابل مؤسسات سيادية وبمرأى ومسمع من أجهزة الأمن الوطني". 

واعتبر لفايد أن تحقيق ذلك الهدف يعتمد أيضا على "التوجه نحو التحرير الكلي للدينار والذي يسمح للجميع باستبدال العملة الوطنية بحرية" قبل أن يستدرك بأن "الظروف الحالية وطبيعة الاقتصاد الوطني لا تسمح باعتماد" ذلك النظام. 

وشدد الوزير في ختام جوابه على أن "أهم المفاتيح التي يمكنها المساهمة بشكل فعال وجوهري في تحقيق هذا الهدف (إزالة السوق المالي الموازي) تكمن في توعية الجمهور حول أهمية اللجوء إلى السوق الرسمية".

وتنامت في الجزائر ظاهرة السوق الموازية لصرف العملات الأجنبية بشكل لافت في غياب مكاتب الصرف الرسمية. 

وقد باشرت السلطات في الفترة الأخيرة خطوات إدارية لفتح مكاتب الصرف الرسمية، إذ تضمنت الجريدة الرسمية في عددها الصادر يوم 30 أكتوبر الماضي، شروط الترخيص بإنشاء تلك المكاتب واعتمادها ونشاطها.

"جزء من المنظومة المالية" 

وفي هذا الصدد، يرى المحلل المالي والاقتصادي، مراد كواشي، أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات لفتح مكاتب رسمية للصرف تحت سلطة بنك الجزائر "تهدف إلى التقليل من هيمنة السوق الموازية للعملة الأجنبية بالسكوار، وليس القضاء عليها".

وعن أسباب عدم غلقها، قال كواشي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إنه "لا يمكن تصفية تلك السوق بسهولة أو في وقت وجيز نظرا لحجم الأموال الضخمة المتداولة فيها".

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أفاد في سبتمبر 2021 بأن حجم الأموال المتداولة في السوق الموازية  تقدر بنحو 90 مليار دولار، داعيا المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي "للمساهمة في إيجاد حلول لهذه المعضلة".

في الوقت نفسه، اعتبر  كواشي أن لتلك السوق "إيجابيات عدة من حيث تشغيل أعداد ضخمة من البطالين"، كما أنها تشكل، وفقه "المكان الوحيد الذي تتوفر فيه للجزائريين فرص الحصول على العملة الصعبة، وهو ما لا توفره البنوك أو أي مؤسسات مالية أخرى في البلاد".

ويرى المتحدث أنه "لا يمكن القضاء على تلك السوق لمجرد فتح مكاتب رسمية للصرف" مفسرا ذلك بالقول إن "امتداداتها في السوق الوطنية الموازية عميقة كونها تغذي العديد من الأنشطة والتعاملات التجارية غير الرسمية، نظرا لحجم الأموال الكبيرة المتداولة فيها"، ما جعلها تصبح "بحكم الأمر الواقع جزءاً من المنظومة المالية رغم عدم قانونيتها".

"عبء لا بد منه"

وبخلاف ذلك، يرى أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر، عبد الرحمان عية، أن السوق الموازية للصرف في الجزائر قد "تحولت إلى عبء مالي واقتصادي لابد منه" وفق تعبيره.

وأكد عية في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن تلك السوق "أثرت بشكل كبير على استقرار العملة الوطنية المدعمة من طرف بنك الجزائر"، مشيرا إلى أن "دولارا واحدا يساوي 134 دينارا بحسب السعر الرسمي، لكن ذلك يختلف في السوق الموازية حيث يتراوح سعر الدولار الواحد ما بين 217 و219 دينارا". 

في الوقت نفسه، لفت عية إلى أن شراء العملة الصعبة المدعمة من البنك "ليس متاحا لكافة المواطنين"، بل لفئات وأغراض حددها القانون مثل "العلاج أو الدراسة في الخارج، بما في ذلك منحة السفر السنوية التي يمكن من خلالها شراء أقل من 100 دولار بالسعر المدعم رسميا من بنك الجزائر".

وفي سياق حديثه عن تداعيات استمرار السوق الموازية، نبه عية إلى أنها "تكرس التعاملات التجارية والمالية الموازية غير الخاضعة للمراقبة المالية من قبل الدولة"، مضيفا أنها "تؤدي إلى إلحاق أضرار بالخزينة العمومية من حيث تحصيل الجباية والضرائب، ووجود كتلة مالية تسبب الزيادة في التضخم وتؤثر على التوازنات المالية وخطط الإصلاح الاقتصادي".

ويرى المتحدث ذاته أن الإجراءات الحكومية المتمثلة في الترخيص لمكاتب الصرف الرسمية "من شأنها حل المشكلة ومعالجتها بتحرير سعر العملات وفق السوق".

  • المصدر: أصوات مغاربية