تقارير

تحذيرات لليبيا من إدمان النفط.. النقد الدولي: بحاجة لرؤية اقتصادية عاجلة 

21 نوفمبر 2023

حذر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، الإثنين، من استمرار ليبيا في التعويل على عائدات النفط والغاز، مشددا على أهمية تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط والغاز، الذي تشكل عائداتها ما يقدر بنحو 98 في المئة من إجمالي إيرادات الحكومة الليبية.

ويشكل الإدمان على النفط تحدياً كبيرا قد يُعرض البلاد إلى صدمات اقتصادية سواء على المدى القصير بسبب انخفاض أسعار النفط، أو على المدى البعيد بسبب تحركات دولية للاستغناء عن الهيدروكربونات لفائدة الطاقة النظيفة. 

"رؤية اقتصادية واضحة"

وقال صندوق النقد الدولي إن ليبيا بحاجة إلى رؤية اقتصادية واضحة بشكل عاجل.

وأضاف "على المدى القصير، تحتاج ليبيا إلى ميزانية لدعم مصداقية السياسات، لأن الإنفاق المالي غير المستهدف يؤدي إلى تعقيد تنفيذ سياسة الاقتصاد الكلي"، في إشارة إلى تخصيص موارد المالية العامة لمشروعات أو برامج لا تتوافق مع الأهداف الاقتصادية الأوسع، مثل تحفيز النمو، أو الحد من البطالة، أو السيطرة على التضخم.

وعلى المدى المتوسط - يضيف التقرير - تحتاج البلاد إلى استراتيجية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز وأيضا تعزيز نمو أقوى وأكثر شمولا بقيادة القطاع الخاص.

وتعتمد البلاد في الوقت الراهن على الإنفاق العام الضخم وليس على القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد.

وأضاف "من شأن خفض إعانات الدعم غير المستهدف أن يحرر الموارد اللازمة للإنفاق الاجتماعي والاستثمارات الإنتاجية بشكل أفضل". 

وتحدث التقرير أيضا على ضرورة تركيز الجهود الإصلاحية على تقوية المؤسسات، وتحديث إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومعالجة المخاوف المتعلقة بالفساد والحوكمة.

ورحب الصندوق بالإصلاحات التي قامت بها السلطات الليبية في 2023، قائلا إنه "تم إحراز تقدم ملحوظ نحو تحسين جمع البيانات، وتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، ومواءمة الإشراف المصرفي مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات". 

وأشاد أيضا بتشكيل لجنة عليا للرقابة المالية، تضم ممثلين من الشرق والغرب، لتخصيص الإيرادات المالية، مستدركاً أنها "تحتاج إلى التطور في نهاية المطاف نحو إعداد الميزانية بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية".

وفي يوليو الماضي، تأسست "اللجنة المالية العليا" - كما تسمى اختصارا - بهدف وضع حد للخلاف بين الشرق والغرب على توزيع الثروة في ليبيا، في أعقاب تهديد حكومة الشرق بفرض حراسة قضائية على موارد النفط.

ويرأس اللجنة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، وتضم في عضويتها 17 ممثلاً عن الأطراف السياسية الليبية ومؤسسات الدولة، إضافة إلى مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط، وكشفت مؤخراً عن تشكيل فريق للعمل على إعداد أسس ومعايير الميزانية الموحدة "على أن تكفل جودة الإنفاق العام وعدالة التوزيع وتحسين الخدمات".

وبخصوص إعادة توحيد البنك المركزي الذي أُعلن عنه في أغسطس، وصف ذلك بـ"الخطوة في الاتجاه الصحيح"، مشيرا إلى فوائد إعادة توحيد فرعَيه في غرب ليبيا وشرقها بعد انقسام استمرّ نحو عقد في مجالات "تحسين التنسيق في السياسة النقدية وسيولة النظام المصرفي والرقابة".

وأردف: "يجب أن تتضمن الخطوات المقبلة دمج نظام الدفع وتوحيد الهيكل التنظيمي للبنك المركزي والإجراءات الحسابية قبل أن يتسنى تحقيق إعادة التوحيد الكامل".

آثار الفيضانات المدمرة

من جانب آخر، أكد صندوق النقد الدولي أن التوقعات الاقتصادية على المدى المتوسط لا تزال إيجابية على الرغم من الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد في سبتمبر الماضي، مرجعاً ذلك بالدرجة الأولى إلى الارتفاع المتوقع في أسعار النفط العالمية.

وأضاف: "على الرغم من عدم توفر تقديرات للأضرار الناجمة عن الفيضانات حتى الآن، فمن المرجح أن يكون تأثير الكارثة على الناتج المحلي الإجمالي ضئيلا نسبيا نظرا لأن الاقتصاد الليبي يعتمد إلى حد كبير على إنتاج النفط والغاز". 

وتسببت أمطار طوفانية ناجمة عن العاصفة دانيال، سبتمبر الماضي، في انهيار سدين بالقرب من مدينة درنة الساحلية، ما أدى إلى هلاك ونزوح الآلاف وتضرر البنى التحتية على نطاق واسع.

وإجمالاً، يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 12.5 في المائة هذا العام، بعد انكماشه بنسبة 9.6 في المائة في عام 2022، وفقا لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي.

وتعد هذه المؤشرات الجديدة أقل من توقعات سبتمبر التي تحدثت عن نمو نسبته 17.5 في المائة في عام 2023.

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

تقارير

نصف قرن من التقارب.. تعرف على الشراكة المغربية الإماراتية بالأرقام

05 ديسمبر 2023

خلال لقاء القمة المغربي-الإماراتي في أبو ظبي، وقّع الملك محمد السادس، ورئيس الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، إعلانا مشتركا حمل شعار الالتزام المستقبلي بتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في مجموعة واسعة من القطاعات.

وبحسب نص الإعلان، فإن زيارة العاهل المغربي جاءت بدعوة من آل نهيان، وأن الزعيمين شددا على "العلاقات العميقة" بين بلديهما، مع التأكيد على ضرورة العمل على الارتقاء بها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية.

وبموجب الإعلان، تعهد البلدان بتفعيل التعاون في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية والنقل ومياه الشرب والزراعة والطاقة، والسياحة والعقارات.

وبالدرجة الأساسية، تشمل مذكرات التفاهم الموقعة مد خطوط السكك الحديدية، وبالخصوص القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، وتطوير المطارات والموانئ، بما في ذلك مطارات الدار البيضاء ومراكش.

ومنذ ما يزيد عن نصف قرن يرتبط المغرب بعلاقات دبلوماسية وثقافية واقتصادية مع الإمارات العربية المتحدة.

وفي ما يلي بعض الأرقام عن حجم هذه العلاقات:

1972.. بداية العلاقات

في عام 1972، أرسى البلدان العلاقات بينهما حينما زار الملك المغربي الراحل، الحسن الثاني، الإمارات العربية المتحدة، والتقى بالراحل، زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات. 

وقبل زيارة الحسن الثاني، زار زايد بن سلطان في أبريل 1971 المغرب، الذي كان ضمن أول الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في 18 يوليو 1971.

حينها، قرر حكّام ست إمارات من الإمارات المتصالحة، هي: أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، تكوين دولة الإمارات الاتحادية الحالية.

وفي يونيو 1972، فتحت الإمارات سفارة بالرباط، وشكل تبادل البعثات الدبلوماسية بداية لتعاون وثيق في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية.

القضايا الحدودية

يدعم المغرب مطالب الإمارات في استعادة سيادتها على الجزر الثلاث المحتلة التي تسيطر عليها إيران (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، فيما تدعم الإمارات مبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية.

ويمثل الدعم السياسي في القضايا الحدودية واحدا من أوجه التقارب السياسي بين البلدين، فقد قامت الإمارات العربية في 2020 بافتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، بالصحراء الغربية، وكانت حينها أول قنصلية عربية في المدينة.

التبادل التجاري

وفقا لأرقام مكتب الصرف المغربي (مؤسسة حكومية)، فإن قيمة صادرات المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة وصلت إلى 1.41 مليار درهم (نحو 140 مليون دولار) خلال سنة 2022.

ووصلت صادرت الإمارات إلى المغرب 14.48 مليار درهم سنة 2022، أي ما يزيد عن 1.4 مليار دولار. 

وبحسب وكالة الأنباء المغربية، فإن المملكة تُصدر إلى الإمارات "مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل المنتجات الفلاحية ومنتجات النسيج والفوسفاط، وفي المقابل، يستورد المغرب العديد من المنتجات الإماراتية، وخصوصا البترولية والكيميائية والتجهيزات الإلكترونية".

أكبر شريك عربي

وفي مجال الاستثمارات، تعتبر الإمارات من أهم 20 سوقا يتعامل معها المغرب تجاريًا، فهي المستثمر الثاني عالميا بعد فرنسا في المملكة والأول عربيا.

وتجاوزت قيمة الاستثمارات الإماراتية في المغرب بنهاية سبتمبر 2021 نحو 22 مليار درهم (ستة مليارات دولار)، أي ما يمثل 11 في المئة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق على المغرب.

الشراكة بمجال الطاقة

وبالإضافة إلى عزم الإمارات - وفق مذكرات التفاهم الأخيرة - على استكشاف الشراكات الاقتصادية في مشاريع مثل خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، فإن البلاد تمول في الوقت الحالي بشكل جزئي أطول خط كهرباء بحري في العالم، والذي تعتزم شركة إكس لينكس إقامته بين المغرب وبريطانيا.

ففي أبريل الماضي، أعلنت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة ومجموعة أوكتوبس إنرجي البريطانية استثمار نحو 40 مليون دولار في المشروع الطموح، الذي انضمت إليه أيضا مؤخرا شركة النفط الفرنسية "توتال إنيرجيز" (TotalEnergies).

ويسعى المشروع إلى تمرير أنابيب الطاقة المتجددة لمسافة أربعة آلاف كيلومتر تقريبا من المغرب إلى إنكلترا لتزويد نحو سبعة ملايين منزل بالكهرباء المولدة من محطات الرياح والشمس في منطقة كلميم واد نون.

وأقامت شركة أبو ظبي للطاقة النظيفة (مصدر)، بالشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مشروع نظام المنزل الشمسي، لتوفير الطاقة لما يقرب من 20 ألف منزل في أكثر من 1000 قرية في جميع أنحاء المغرب، كما أن الشركة الإماراتية جزء من ائتلاف تجاري دولي فاز بمناقصة لبناء محطة طاقة شمسية بقدرة 800 ميغاواط في المغرب.

المصدر: أصوات مغاربية