تحذيرات لليبيا من إدمان النفط.. النقد الدولي: بحاجة لرؤية اقتصادية عاجلة
حذر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، الإثنين، من استمرار ليبيا في التعويل على عائدات النفط والغاز، مشددا على أهمية تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط والغاز، الذي تشكل عائداتها ما يقدر بنحو 98 في المئة من إجمالي إيرادات الحكومة الليبية.
ويشكل الإدمان على النفط تحدياً كبيرا قد يُعرض البلاد إلى صدمات اقتصادية سواء على المدى القصير بسبب انخفاض أسعار النفط، أو على المدى البعيد بسبب تحركات دولية للاستغناء عن الهيدروكربونات لفائدة الطاقة النظيفة.
"رؤية اقتصادية واضحة"
وقال صندوق النقد الدولي إن ليبيا بحاجة إلى رؤية اقتصادية واضحة بشكل عاجل.
وأضاف "على المدى القصير، تحتاج ليبيا إلى ميزانية لدعم مصداقية السياسات، لأن الإنفاق المالي غير المستهدف يؤدي إلى تعقيد تنفيذ سياسة الاقتصاد الكلي"، في إشارة إلى تخصيص موارد المالية العامة لمشروعات أو برامج لا تتوافق مع الأهداف الاقتصادية الأوسع، مثل تحفيز النمو، أو الحد من البطالة، أو السيطرة على التضخم.
وعلى المدى المتوسط - يضيف التقرير - تحتاج البلاد إلى استراتيجية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز وأيضا تعزيز نمو أقوى وأكثر شمولا بقيادة القطاع الخاص.
وتعتمد البلاد في الوقت الراهن على الإنفاق العام الضخم وليس على القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد.
وأضاف "من شأن خفض إعانات الدعم غير المستهدف أن يحرر الموارد اللازمة للإنفاق الاجتماعي والاستثمارات الإنتاجية بشكل أفضل".
وتحدث التقرير أيضا على ضرورة تركيز الجهود الإصلاحية على تقوية المؤسسات، وتحديث إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومعالجة المخاوف المتعلقة بالفساد والحوكمة.
ورحب الصندوق بالإصلاحات التي قامت بها السلطات الليبية في 2023، قائلا إنه "تم إحراز تقدم ملحوظ نحو تحسين جمع البيانات، وتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، ومواءمة الإشراف المصرفي مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات".
وأشاد أيضا بتشكيل لجنة عليا للرقابة المالية، تضم ممثلين من الشرق والغرب، لتخصيص الإيرادات المالية، مستدركاً أنها "تحتاج إلى التطور في نهاية المطاف نحو إعداد الميزانية بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية".
وفي يوليو الماضي، تأسست "اللجنة المالية العليا" - كما تسمى اختصارا - بهدف وضع حد للخلاف بين الشرق والغرب على توزيع الثروة في ليبيا، في أعقاب تهديد حكومة الشرق بفرض حراسة قضائية على موارد النفط.
ويرأس اللجنة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، وتضم في عضويتها 17 ممثلاً عن الأطراف السياسية الليبية ومؤسسات الدولة، إضافة إلى مصرف ليبيا المركزي ومؤسسة النفط، وكشفت مؤخراً عن تشكيل فريق للعمل على إعداد أسس ومعايير الميزانية الموحدة "على أن تكفل جودة الإنفاق العام وعدالة التوزيع وتحسين الخدمات".
وبخصوص إعادة توحيد البنك المركزي الذي أُعلن عنه في أغسطس، وصف ذلك بـ"الخطوة في الاتجاه الصحيح"، مشيرا إلى فوائد إعادة توحيد فرعَيه في غرب ليبيا وشرقها بعد انقسام استمرّ نحو عقد في مجالات "تحسين التنسيق في السياسة النقدية وسيولة النظام المصرفي والرقابة".
وأردف: "يجب أن تتضمن الخطوات المقبلة دمج نظام الدفع وتوحيد الهيكل التنظيمي للبنك المركزي والإجراءات الحسابية قبل أن يتسنى تحقيق إعادة التوحيد الكامل".
آثار الفيضانات المدمرة
من جانب آخر، أكد صندوق النقد الدولي أن التوقعات الاقتصادية على المدى المتوسط لا تزال إيجابية على الرغم من الفيضانات المدمرة التي ضربت البلاد في سبتمبر الماضي، مرجعاً ذلك بالدرجة الأولى إلى الارتفاع المتوقع في أسعار النفط العالمية.
وأضاف: "على الرغم من عدم توفر تقديرات للأضرار الناجمة عن الفيضانات حتى الآن، فمن المرجح أن يكون تأثير الكارثة على الناتج المحلي الإجمالي ضئيلا نسبيا نظرا لأن الاقتصاد الليبي يعتمد إلى حد كبير على إنتاج النفط والغاز".
وتسببت أمطار طوفانية ناجمة عن العاصفة دانيال، سبتمبر الماضي، في انهيار سدين بالقرب من مدينة درنة الساحلية، ما أدى إلى هلاك ونزوح الآلاف وتضرر البنى التحتية على نطاق واسع.
وإجمالاً، يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 12.5 في المائة هذا العام، بعد انكماشه بنسبة 9.6 في المائة في عام 2022، وفقا لأحدث بيانات صندوق النقد الدولي.
وتعد هذه المؤشرات الجديدة أقل من توقعات سبتمبر التي تحدثت عن نمو نسبته 17.5 في المائة في عام 2023.
- المصدر: أصوات مغاربية