دعا وزير المياه والصرف الصحي الموريتاني، إسماعيل ولد عبد الفتاح، الجمعة، في اجتماع عقده مع عمال الشركة الوطنية للماء إلى استكشاف قدرات موريتانيا من المياه الجوفية كحل لاحتواء أزمة ندرة المياه.
وقال المسؤول الحكومي "موريتانيا تتمتع بمخزون مائي جوفي مقدر، يجب العمل على استكشافه والمحافظة عليه قدر الإمكان، مع التوجه نحو استغلال المياه السطحية بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة".
وشدد على "ضرورة مضاعفة الجهود وفق خطة واضحة والتحضير الجيد لموسم الصيف المقبل من الآن حيث يكثر الطلب على الماء".
وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت أواخر العام الماضي عن إنجاز 27 دراسة تنقيب هيدروجيولوجية ومواكبة 7 حقول لجمع المياه الجوفية في عدد من ولايات البلاد.
وتعاني موريتانيا كغيرها من الدول المغاربة من أزمة جفاف مستمرة منذ سنوات، إلى جانب تحديات في بنيتها التحية المائية وهو ما يقلل نسبة ولوج سكان القرى الريفية إلى الماء الصالح للشرب.
وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2019، فإن 45 في المئة فقط من سكان المناطق القروية في موريتانيا يلجون إلى الماء الصالح للشرب، موضحا حينها أن المناطق الريفية مثلا في كل من اليمن (63 في المئة) والسودان (51 في المئة) أفضل من البوادي الموريتانية على مستوى هذا المؤشر.
ويبقى نهر السنغال من المواد الأساسية التي تعتمد عليها موريتانيا لتوفير حاجياتها من المياه، ويخضع النهر لإشراف "منظمة استثمار نهر السنغال" التي تأسست عام 1972 بموجب اتفاق وقعته موريتانيا والسنغال ومال ثم انضمت إليها غينيا عام 2006.
وإلى جانب النهر، تعول موريتانيا على تدبير مواردها الجوفية التي تقدر بنحو 120 مليار مكعب وعلى المياه السطحية للتقليل من تداعيات الجفاف وندرة المياه.
المياه الجوفية.. هل تكون حلا؟
جوابا على السؤال، يرى المهندس إخليهن الشيخ محمد أحمد، إن المياه الجوفية تبقى غير كافية دون ترشيد استعمالات المياه ودون تشييد المزيد من السدود.
واعتبر إخليهن، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن إمكانيات البلاد من المياه الجوفية، خاصة في جنوب البلاد، تبقى مهمة وتزويد لوحدها مناطق شاسعة بالمياه الصالحة للشرب.
مع ذلك، يوضح المتحدث أن المياه الجوفية في عموم مناطق البلاد "لا تغذيها مياه الأمطار بشكل مستمر، وبعضها ليس حلا جذريا لمشكل ندرة المياه".
وأضاف "لا تتوفر باقي مناطق البلاد على مياه جوفية، بل على جيوب مائية وتشققات صخرية تغذى بمياه الأمطار وبالكاد تكفي لتغذية القرى الصغيرة".
على صعيد أخر، قال الخبير في الشأن المائي، إن المياه السطحية تظل أكثر أهمية بالنظر لتجددها سنويا، قبل أن يستدرك أن بعض البحيرات التي تعتمد عليها موريتانيا في بعض مناطق البلاد "تتعرض للاستنزاف".
وأشار إلى أن الجفاف التي تمر به البلاد يستدعي "جردا وتقييما للمياه الجوفية وترشيدا لاستعمالاتها مع إقامة مشاريع استراتيجية على البحيرات وتشييد المزيد من السدود".
وتعليقا على حصول بلاده مؤخرا على استثمارات من عدة دول لتدبير أزمة ندرة المياه، أضاف خليهن موضحا "فترة الخريف في موريتانيا قصيرة وتشهد أمطارا مهمة، ولكنها تنتهي غالبيتها في البحر، لذلك من الضروري الاستثمار في تشييد سدود استراتيجية في عموم البلاد وصيانة البنى التحتية مع الانفتاح على تحلية المياه رغم كلفتها المرتفعة".
"وضعية معقدة"
في المقابل، يقول إبراهيم بلال رمظان، رئيس "هيئة الساحل للدفاع عن حقوق الإنسان ودعم التعليم والسلم الاجتماعي"، إن المياه الجوفية لن تكون كافية لاحتواء أزمة ندرة المياه في بلاده.
وأضاف رمضان، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن ولايات ومناطق شاسعة من البلاد لا تتوفر على مياه جوفية، معتبرا "ولاية البراكنة والعصابة وكيفة، من الولايات التي تعاني من أزمة المياه نتيجة غياب المياه الجوفية وكذلك الأمر في الشمال الموريتاني".
وتابع "عدت مؤخرا من زيارة للشرق الموريتاني وأكثر المدن التي زرتها لا تتوفر على المياه، هي وضعية صعبة ومعقدة لذلك لا أرى الحل في المياه الجوفية، بل في الانفتاح على حلول أخرى كتحلية المياه".
على صعيد آخر، يرى الناشط الحقوقي أن الاستثمارات التي حصلت عليها مؤخرا "يجب أن تستثمر في تشييد بحيرات اصطناعية انطلاقا من نهر السنغال وصولا إلى المناطق التي تشهد نقصا في المياه، مع تشييد سدود كبيرة لتخزين مياه الأمطار".
المصدر: أصوات مغاربية