مطار معيتيقية الدولي -ليبيا-
مطار معيتيقة الدولي في ليبيا- أرشيف

رغم استمرار الانقسام السياسي والعسكري في ليبيا، أعلنت شركة الخطوط الجوية التركية، الخميس، استئناف رحلاتها إلى طرابلس بعد توقف دام نحو عقد من الزمن، بينما تسعى السلطات في الطرفين المتحاربين (شرق وغرب) إلى فتح خطوط جوية مع بلدان عربية.

ولم تعد السلطات تنتظر نهاية الفوضى الحكومية لفتح مجالها الجوي وفك عزلة الليبيين، التي بدأت مع اندلاع الثورة التي أطاحت بالديكتاتور السابق معمر القذافي. حينها، أغلقت البعثات الدبلوماسية مقارها، وغادرت شركات الطيران الدولية، وسط مخاوف كبيرة بشأن سلامة المجال الجوي فوق البلاد.

وفي السنوات اللاحقة، أدى الصراع إلى حالة من عدم الاستقرار على نطاق واسع بسبب الحرب الأهلية بين المعسكرين الشرقي والغربي وانتشار السلاح والميليشيات، ما أضعف سلامة المجال الجوي وأدى إلى تعثر استئناف الشركات الدولية رحلاتها من ليبيا.

فك العزلة عن الليبيين

ونتيجة لذلك، اختارت العديد من شركات الطيران تجنب المجال الجوي الليبي أو توخي الحذر الشديد عند توجيه الرحلات الجوية فوق المنطقة، ريثما تتوحد السلطة التنفيذية والمؤسسة القادرة على التنسيق مع سلطات الطيران والمنظمات الدولية، مثل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، لتقييم سلامة المجال الجوي واتخاذ القرارات المتعلقة بمسارات الطيران.

ورغم تعثر مسار الحل السياسي في البلاد وانتشار السلاح والميليشيات، إلا أن السلطات في الغرب والشرق تتحركان معا من أجل فتح المجال الجوي أمام الطيران الأجنبي.

وتكللت هذه التحركات باستئناف شركة الخطوط الجوية التركية الوطنية رحلاتها إلى ليبيا بعد انقطاع دام عقدا من الزمن، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال متحدث باسم الشركة إن أول رحلة تربط اسطنبول بطرابلس أقلعت يوم الخميس، وستتبعها رحلات  أخرى إلى مصراتة وبنغازي بواقع ثلاث رحلات أسبوعياً، أيام الثلاثاء والخميس والسبت.

ويأتي استئناف فتح المجال الجوي الليبي أمام الطائرات التركية، في وقت تتحرك سلطات طرابلس وبنغازي من أجل فتح خط جوي وبحري آخر مع المغرب.

فقد استقبل وزير الخارجية والتعاون الدولي لدى حكومة بنغازي، عبد الهادي الحويج، الأربعاء، القنصل العام للمغرب في المدينة، سعيد بن كيران، حيث أكد له "أهمية التسريع بفتح خط جوي وبحري بين البلدين الشقيقين".

ولفت المسؤول الليبي، في بيان نشرته وزارة خارجية حكومة شرق البلاد، إلى "أهمية بدء منح التأشيرات لليبيين سواء للدراسة أو الأعمال وغيرها"، بالإضافة إلى "الاستفادة من الخبرات المغربية في مجالات العمالة والتدريب وعودة الشركات المغربية للعمل في ليبيا خاصة في مجالات الإعمار المختلفة".

وكان وزير المواصلات بحكومة "الوحدة الوطنية" في طرابلس، محمد الشهوبي، قد تحدث أيضاً، الخميس، عن قرب عودة خطوط الطيران المغربية والأردنية إلى ليبيا.

ووفقاً لما نقله تلفزيون "ليبيا الأحرار" عن الوزير، فإن "عودة الخطوط التركية إلى ليبيا بعد غياب نحو 10 أعوام هو بمثابة عودة الشركات العالمية الأخرى إلى ليبيا".

وقبل أشهر، بحثت حكومة طرابلس أيضاً مع الجزائر "سبل إعادة فتح المعابر الحدودية"، و"استئناف الرحلات الجوية بين طرابلس والجزائر العاصمة وإعادة فتح خط بحري لنقل البضائع والمسافرين"، وفق وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

رفع الحظر الجوي

وإضافةً إلى نفور الشركات الأجنبية في السنوات الماضية عن ليبيا، فقد فرضت العديد من الدول إجراءات صارمة على الطيران المحلي الليبي.

وفرض الاتحاد الأوروبي منذ نهاية العام 2014 حظرا على مرور الطائرات التابعة لشركات الطيران الليبية فوق الأجواء الأوروبية، لمخاوف متعلقة بضوابط السلامة والأمن، عقب الانقسام السياسي الحاد قبل نحو عشرة أعوام والذي أدى إلى نشوء حكومتين في غرب ليبيا وشرقها.

وأجرت السلطات الليبية المتعاقبة طيلة الأعوام الماضية، مباحثات مع الأوروبيين وخصوصا جيرانها إيطاليا ومالطا واليونان، بهدف رفع حظر الطيران المباشر من العاصمة طرابلس إلى عواصم الدول الثلاث.

وتعد الوجهات الدولية للطيران الليبي محدودة جدا منذ عام 2014 عندما تسببت الاشتباكات العنيفة بتدمير مطار طرابلس الدولي الرئيسي والأكبر في ليبيا، ليتم تسيير رحلات تجارية عبر مطار معيتيقة الدولي المقام داخل قاعدة جوية عسكرية، إلى كل من مصر والأردن وتونس والسودان وتركيا والنيجر.

لكن العام الماضي نجحت حكومة طرابلس في إقناع إيطاليا برفع الحظر الجوي المفروض على الطيران المدني الليبي في أعقاب "فحص إجراءات السلامة في المطارات الليبية"، وفق ما أكدته حكومة طرابلس. 

  • المصدر: أصوات مغاربية/ وكالات/ وسائل إعلام ليبية

مواضيع ذات صلة

 البنك المركزي التونسي
البنك المركزي التونسي

رفعت وكالة "فيتش رايتنغ" للتصنيف الائتماني، الإثنين، تصنيف تونس للديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، في خطوة قال خبراء إنها ستنعكس على الوضع الاقتصادي للبلد.

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن هذا "التحسن الإيجابي"، بالانتقال من تصنيف CCC- إلى  CCC+، مردّه تحسن قدرة تونس على تلبية تعهداتها المالية الخارجية للفترة ما بين 2024 و2025.

وأشارت إلى أن التصنيف الجديد "يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجاتها المالية، وذلك بفضل الاحتياطات الدولية الكافية إضافة إلى انخفاض خطر السيولة الخارجي والاقتراض الداخلي".

وتوقعت فيتش في تقريرها أن تبلغ احتياجات تونس التمويلية 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2024، على أن تظل أعلى من 14 بالمائة حتى 2026.

ويأتي التصنيف الائتماني الجديد لتونس في ظرف يواجه فيه هذا البلد المغاربي صعوبات في الحصول على تمويلات من الصناديق المالية العالمية، وهو ما أثار النقاش بشأن دلالاته ومدى مساهمته في إرجاع تونس ثقة الأسواق المالية الدولية.

منطقة الخطر

"التصنيف السيادي الجديد لتونس مؤشر إيجابي يعكس بعمق نجاح السياسة المالية التي اعتمدتها الدولة التونسية من خلال التعويل على الذات في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وتسديد الديون الخارجية"، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي، ماهر بلحاج، معلقا علعى تقرير "فيتش رايتنغ".

ويضيف المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن المؤشرات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مقارنة بالوضع الاقتصادي لسنتي 2017 و2018، تجعل تونس "تتجاوز مربع الدول عالية المخاطر من حيث القدرة على تسديد الديون"، مؤكدا أنه "كان يفترض تصنيفها في مستوى B+".

ويتفق بلحاج على أن التصنيف قد يساعد إلى استعادة تونس ثقة المانحين، متوقعا أن تصير المفاوضات مع الصناديق الدولية المانحة "أيسر" مقارنة بالفترات السابقة، وذلك بالنظر "الاستقرار المالي الذي تعيشه تونس وكذلك تواصل ارتفاع مخزون البلاد من العملات الأجنبية إلى مستوى آمن أي ما يعادل 118 يوم توريد".

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن تونس "ستواصل سياسة التعويل على الذات دون التفاوض مع صندوق النقد الدولي"، مشددا على أن هذه السياسة "لا تقوم على الاقتراض الخارجي من أجل تسديد الديون بل لتوجيهها في دفع الاستثمار وتحقيق النمو".

ويتابع موضحا وجهة نظره "الحديث على أن تونس لجأت إلى الاقتراض الداخلي وقلصت من فرص الاستثمار وقللت من استيراد المواد الأساسية لا معنى له، لأن 70 بالمائة من عجز الميزان التجاري متأتّ من الطاقة التي شهدت أسعارها ارتفاعا".

تفاؤل حذر

في مقابل ذلك، يقول الأستاذ في الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إنه رغم تسجيل تحسن في الترقيم السيادي لتونس إلاّ أن بقاء البلد ضمن الدول عالية المخاطر لا يسمح له بالولوج إلى السوق المالية الدولية.

ويوضح الشكندالي في حديثه لـ "أصوات مغاربية" أن وكالة "فيتش رايتنغ" اعتمدت أساسا على تحسن المؤشرات المالية لتونس، وضمنه تحسن الموجودات من العملة الصعبة، والقدرة على سداد الديون خاصة منها الخارجية، وتحسن الميزان التجاري، إلاّ أن ذلك لا يجب أن يحجب حسب رأيه "الكلفة الاقتصادية الباهظة وهي الانكماش الاقتصادي وتفاقم معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وهو ما يهم فعلا التونسيين".

ويشير في السياق ذاته إلى أن تحسن التوازنات الخارجية التي اعتمدتها الوكالة لتحسين الترقيم السيادي لتونس كان على حساب تزويد السوق الداخلية بما يلزم من مواد غذائية أساسية وأدوية، خاصة ما يلزم المؤسسات الاقتصادية من مواد أولية ونصف مصنعة ضرورية للإنتاج.

لكن ما علاقة تحسن التصنيف بالمستوى المعيشي للتونسيين؟

توضيحا لذلك، يبرز المتحدث أن وكالات التصنيف الائتمائي تعمل على مراقبة قدرة الدول على سداد ديونها، وبالتالي تقديم صورة للمقرضين عن الوضع المالي لهذه الدول، وهو ما يعني أن التقرير الصادر ليس موجها لتونس بقدر ما هو موجه للصناديق المالية الدولية.

بمعنى آخر، يرى رضا الشكندالي أن الحكومة التونسية أن تستغل تحسن التصنيف إلى "الاشتغال على تحسين الوضع المعيشي للتونسيين وتحسين قدرتهم الشرائية والتحكم في مستوى الأسعار وتوفير مواطن الشغل".


المصدر: أصوات مغاربية