تقارير

توقعات إيجابية.. "ستاندرد آند بورز" تعدل تصنيف الاقتصاد المغربي لهذه الأسباب

30 مارس 2024

عدلت الوكالة الأميركية "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، الجمعة، نظرتها المستقبلية للمغرب من مستقرة إلى إيجابية، مشيرة لتحسن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، كما ثبتت الوكالة تصنيفها الائتماني السيادي للمغرب بالعملة المحلية والأجنبية طويل وقصير الأجل عند "BB+/B".

وتصنيف BB+ طويل الأجل يُشير إلى مستوى معتدل من مخاطر الائتمان المرتبطة بالاستثمار في المغرب أو الإقراض للحكومة، ما يعني وجود عوامل مهمة تجعل المملكة قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية. أما تصنيف "B" فيمنح المستثمرين والمقرضين الأجانب الفكرة نفسها عن أداء الاقتصاد وقدرة المغرب على سداد الديون، لكن على المدى القصير.

إصلاحات محلية

وأظهر الاقتصاد المغربي نوعا من المرونة وسط تحديات مختلفة خلال نصف العقد الماضي، مع الحفاظ على إمكانية الوصول إلى التمويل المحلي والخارجي، وفقاً لـ"ستاندرد آند بورز" . 

ويعكس التصنيف الجديد الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية وإصلاحات الميزانية، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى تحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي مع تقليل عجز الميزانية تدريجياً.

ويؤكد قرار تعديل النظرة المستقبلية للمغرب من مستقرة إلى إيجابية ثقة "ستاندرد آند بورز" في مسار البلاد خصوصا ما يتعلق بالجدارة الائتمانية الحالية.

وبحسب وكالة ستاندرد آند بورز، فإن "التنفيذ المستمر للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية وإصلاحات الميزانية سيساعد في إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد بشكل أكبر ويجعله أكثر شمولا وتنافسية، وبالتالي تحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي وخفض العجز في الميزانية". 

وقد انخفض عجز الموازنة والميزان التجاري (المؤشر الذي يقيس الفرق بين الصادرات والواردات) "أكثر مما توقعنا في عام 2023، إلى 4.4 في المئة و0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، على التوالي، ونتوقع استمرار ضبط الأوضاع المالية"، تقول الوكالة.

وتشير إلى إمكانية رفع التصنيف خلال الـ 12 إلى 18 شهرا المقبلة إذا استمر المغرب في الإصلاحات الهيكلية، ما يؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وقاعدة ضريبية أوسع، واستمرار خفض العجز.

وعلى العكس من ذلك، قد يتراجع التصنيف المغربي إذا تراجع النمو أو التحكم بالميزانية أو توقف الزخم الإصلاحي. لكن في الوقت الراهن، تتوقع "ستاندرد آند بورز" تسارع النمو الاقتصادي السنوي إلى 3.6 في المئة بين عامي 2024 و2027، إلى جانب انخفاض عجز الموازنة إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027 مدعوما بارتفاع الإيرادات والإصلاحات المستدامة.

تحديات اقتصادية

وعلى الرغم من الصعوبات العالمية والإقليمية والمحلية، فقد حافظ الاقتصاد المغربي على أداء قوي، وفق الوكالة الدولية، إذ انتعش قطاع السياحة بشكل مهم في عام 2023، متجاوزاً مستويات ما قبل الوباء. 

وفي عام 2023، كان عدد السياح الوافدين أعلى بنسبة 12.3 في المئة من مستويات قبل الجائحة، وهو أداء أفضل من المتوسط العالمي، على الرغم من الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز (وسط البلاد) في سبتمبر 2023.

ووفقا للوكالة، فإن الاقتصاد المغربي واجه رياحا عالمية وإقليمية معاكسة  في السنوات الأخيرة، من بينها الارتفاع في أسعار الطاقة والمواد الغذائية، إثر الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات وباء كوفيد-19، ونوبات الجفاف المتعددة. 

ومع ذلك، فقد حافظت البلاد على قدرتها على الوصول دون قيود إلى التمويل الخارجي والمحلي.

وانخفض عجز الميزان التجاري إلى 0.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقابل التقديرات السابقة البالغة 2.7 في المئة، "ما يعكس جزئيا استمرار تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد، فالقطاعات الرئيسية الموجهة نحو التصدير في المغرب في الوقت الحالي هي السياحة والسيارات والفوسفات".

المصدر: أصوات مغاربية/ موقع وكالة "ستاندرد آند بورز"

مواضيع ذات صلة

 البنك المركزي التونسي
البنك المركزي التونسي

رفعت وكالة "فيتش رايتنغ" للتصنيف الائتماني، الإثنين، تصنيف تونس للديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، في خطوة قال خبراء إنها ستنعكس على الوضع الاقتصادي للبلد.

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن هذا "التحسن الإيجابي"، بالانتقال من تصنيف CCC- إلى  CCC+، مردّه تحسن قدرة تونس على تلبية تعهداتها المالية الخارجية للفترة ما بين 2024 و2025.

وأشارت إلى أن التصنيف الجديد "يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجاتها المالية، وذلك بفضل الاحتياطات الدولية الكافية إضافة إلى انخفاض خطر السيولة الخارجي والاقتراض الداخلي".

وتوقعت فيتش في تقريرها أن تبلغ احتياجات تونس التمويلية 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2024، على أن تظل أعلى من 14 بالمائة حتى 2026.

ويأتي التصنيف الائتماني الجديد لتونس في ظرف يواجه فيه هذا البلد المغاربي صعوبات في الحصول على تمويلات من الصناديق المالية العالمية، وهو ما أثار النقاش بشأن دلالاته ومدى مساهمته في إرجاع تونس ثقة الأسواق المالية الدولية.

منطقة الخطر

"التصنيف السيادي الجديد لتونس مؤشر إيجابي يعكس بعمق نجاح السياسة المالية التي اعتمدتها الدولة التونسية من خلال التعويل على الذات في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وتسديد الديون الخارجية"، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي، ماهر بلحاج، معلقا علعى تقرير "فيتش رايتنغ".

ويضيف المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن المؤشرات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مقارنة بالوضع الاقتصادي لسنتي 2017 و2018، تجعل تونس "تتجاوز مربع الدول عالية المخاطر من حيث القدرة على تسديد الديون"، مؤكدا أنه "كان يفترض تصنيفها في مستوى B+".

ويتفق بلحاج على أن التصنيف قد يساعد إلى استعادة تونس ثقة المانحين، متوقعا أن تصير المفاوضات مع الصناديق الدولية المانحة "أيسر" مقارنة بالفترات السابقة، وذلك بالنظر "الاستقرار المالي الذي تعيشه تونس وكذلك تواصل ارتفاع مخزون البلاد من العملات الأجنبية إلى مستوى آمن أي ما يعادل 118 يوم توريد".

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن تونس "ستواصل سياسة التعويل على الذات دون التفاوض مع صندوق النقد الدولي"، مشددا على أن هذه السياسة "لا تقوم على الاقتراض الخارجي من أجل تسديد الديون بل لتوجيهها في دفع الاستثمار وتحقيق النمو".

ويتابع موضحا وجهة نظره "الحديث على أن تونس لجأت إلى الاقتراض الداخلي وقلصت من فرص الاستثمار وقللت من استيراد المواد الأساسية لا معنى له، لأن 70 بالمائة من عجز الميزان التجاري متأتّ من الطاقة التي شهدت أسعارها ارتفاعا".

تفاؤل حذر

في مقابل ذلك، يقول الأستاذ في الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إنه رغم تسجيل تحسن في الترقيم السيادي لتونس إلاّ أن بقاء البلد ضمن الدول عالية المخاطر لا يسمح له بالولوج إلى السوق المالية الدولية.

ويوضح الشكندالي في حديثه لـ "أصوات مغاربية" أن وكالة "فيتش رايتنغ" اعتمدت أساسا على تحسن المؤشرات المالية لتونس، وضمنه تحسن الموجودات من العملة الصعبة، والقدرة على سداد الديون خاصة منها الخارجية، وتحسن الميزان التجاري، إلاّ أن ذلك لا يجب أن يحجب حسب رأيه "الكلفة الاقتصادية الباهظة وهي الانكماش الاقتصادي وتفاقم معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وهو ما يهم فعلا التونسيين".

ويشير في السياق ذاته إلى أن تحسن التوازنات الخارجية التي اعتمدتها الوكالة لتحسين الترقيم السيادي لتونس كان على حساب تزويد السوق الداخلية بما يلزم من مواد غذائية أساسية وأدوية، خاصة ما يلزم المؤسسات الاقتصادية من مواد أولية ونصف مصنعة ضرورية للإنتاج.

لكن ما علاقة تحسن التصنيف بالمستوى المعيشي للتونسيين؟

توضيحا لذلك، يبرز المتحدث أن وكالات التصنيف الائتمائي تعمل على مراقبة قدرة الدول على سداد ديونها، وبالتالي تقديم صورة للمقرضين عن الوضع المالي لهذه الدول، وهو ما يعني أن التقرير الصادر ليس موجها لتونس بقدر ما هو موجه للصناديق المالية الدولية.

بمعنى آخر، يرى رضا الشكندالي أن الحكومة التونسية أن تستغل تحسن التصنيف إلى "الاشتغال على تحسين الوضع المعيشي للتونسيين وتحسين قدرتهم الشرائية والتحكم في مستوى الأسعار وتوفير مواطن الشغل".


المصدر: أصوات مغاربية