الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة
عبد العزيز بوتفليقة بقي في مقاليد السلطة طيلة عقدين قبل أن يعصف حراك شعبي واسع

تحل اليوم (2 أبريل) الذكرى الخامسة لاستقالة الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الحراك الشعبي بعد أن مكث 20 عاما على رأس السلطة (1999-2019).

وتميزت فترة حكمه بالعديد من القرارات التي كان بعضها سببا في نهاية حكمه وعلى رأسها تعديل دستوري عام 2008 ألغى حصر الترشح في عهدتين وفتح له باب البقاء في السلطة إلى غاية إعلانه الترشح لعهدة خامسة عام 2019 وهو ما كان سببا في اندلاع حراك شعبي أطاح به.

فتح العهدات الرئاسية

مع اقتراب نهاية عهدته الرئاسية الثانية (2004-2009)، لجأ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى تعديل الدستور الجزائري سنة 2008 عن طريق البرلمان بغرفتيه، بعدما ألغى حصر الترشح للرئاسة في عهدتين، مما فتح له باب الترشح لانتخابات 2009 التي حصد غالبية أصواتها.

ويعتبر المحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط في حديث لـ"أصوات مغاربية" أن ذلك كان "العامل الرئيسي للتحول الكبير في العقيدة السياسية للرئيس الذي أظهر طموحا للبقاء في السلطة"، معتبرا أن التعديل الدستوري كان "مقدمة للزج بالبلاد في أزمة حكم لا تختلف من حيث خطورتها عن تلك التي عاشتها في التسعينيات"، ومر التعديل رغم الانتقادات الواسعة بين الحقوقيين والأحزاب الديمقراطية، ومنظمات حقوق الإنسان.

"طاب جناني"..

في منتصف العهدة الرئاسية الثالثة (2009-2014)، خاطب بوتفليقة الجزائريين من ولاية سطيف في الثامن ماي 2012، قائلا عبارته الشهيرة "إن جيلي طاب جناني، وعاش من عرف قدره" التي تعني "هرمت"، وفهم الجميع على أن ذلك تعبير سياسي عن رغبته في مغادرة الحكم، خصوصا وأنه أكد على ضرورة تسليم المشعل للشباب.

بعد نحو سنة من ذلك أصيب بوتفليقة بجلطة دماغية أقعدته الكرسي المتحرك، ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، أن بوتفليقة "فقد منذ ذلك التاريخ قرار الحكم الذي لم يعد بيده، بل بمحيطه وبيد المقربين منه".

ويضيف المتحدث لـ"أصوات مغاربية" أن سنة 2013 كانت "بداية العد التنازلي لوجود بوتفليقة كرئيس فعلي، بعد أن فقد الوعي والشعور بما يدور حوله"، مشيرا إلى أن "العلبة السوداء المحيطة به هي من قررت استمراره في السلطة".

رئاسيات على كرسي متحرك

اختفى خطاب "طاب جناني" وترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة (2014-2019)، وقادت الأحزاب السياسية التي دعمته الحملة الانتخابية نيابة عنه ولم يظهر بوتفليقة إلا يوم الاقتراع وهو على كرسي متحرك يؤدي واجبه الانتخابي، مرفوقا بأفراد عائلته، ويشير عبد الرحمان بن شريط إلى أن تلك المرحلة "عرفت تدهور الرئاسة التي لعب فيها محيط الرئيس دورا كبير تحول فيها إلى دائرة شديدة الانغلاق تدير شؤون البلاد".

وعليه فإن "بوتفليقة الذي وقع تحت تأثير محيطه المقرب الذي أحكم قبضته على دواليب الدولة ورجال الأعمال والإعلام، يتحمل المسؤولية الكبرى فيما حدث لأن ذلك أساء للجزائر"، وفق بن شريط الذي خلص إلى القول أن "بوتفليقة وبعد أن جاء عام 1999 منقذا للبلاد من الإرهاب، تحول إلى مدمر للبلاد مع ترشحه لعهدة خامسة عام 2019 رغم حالته الصحية التي كانت سيئة ومتدهورة للغاية، ما أشعل غضب الشارع" الذي دفعه إلى تقديم استقالته والتواري إلى الظل إلى أن وافته المنية يوم 17 سبتمبر 2021 عن عمر ناهز 84 عاما.

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

أمطار فيضان زاكوة المغرب
مناطق جنوب وجنوب شرق المغرب شهدت عواصف وفيضانات غير مسبوقة خلفت 18 قتيلا على الأقل

تستفيد العديد من الواحات المغربية من الأمطار الغزيرة الاستثنائية التي هطلت نهاية الأسبوع الماضي في الجنوب مع ارتفاع مستوى تعبئة السدود وتغذية المياه الجوفية، لكن الجفاف متواصل في باقي أنحاء البلاد، وفق خبراء.

وشهدت مناطق جنوب وجنوب شرق المغرب عواصف وفيضانات عنيفة غير مسبوقة خلفت 18 قتيلا على الأقل، بحسب أحدث حصيلة نشرت مساء الاثنين.

وهي مناطق صحراوية وشبه قاحلة تأثرت بظاهرة مناخية "استثنائية" مرتبطة بصعود للجبهة المدارية التي تتميز بكتلة هوائية حارة ممطرة للغاية وتلاقيها مع كتل أخرى باردة قادمة من الشمال.

يوضح الخبير في شؤون المناخ والموارد المائية محمد جليل لوكالة فرانس برس أن "هذه الأحداث تذكرنا بمظهر تم تجاهله لتغير المناخ، إذ إنه لا يؤدي فقط إلى قلة الأمطار بل أيضا إلى ارتفاع كبير في معدلات هطول الأمطار".

ويحذّر المهندس الزراعي محمد الطاهر السرايري من أن "هذه الأمطار ستعطي متنفسا للواحات وزراعتها المعيشية، لكنها لم تهطل في أي مكان آخر. لا تزال البلاد تعاني من جفاف هيكلي شديد".

يواجه المغرب أسوأ موجة جفاف خلال قرابة 40 عاما، وهي مستمرة منذ ست سنوات وتهدد القطاع الزراعي الهام (11 إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من ثلث السكان العاملين)، ما يؤدي إلى تفاقم إجهاده المائي.

ووفق خبراء، تحتاج المياه الجوفية إلى هطول أمطار مستدامة حتى تعود إلى مستوياتها الطبيعية بعد فترة جفاف طويلة.

ولكن على المستوى المحلي، مكنت هذه الأمطار النادرة من رفع منسوب بعض السدود، وستساهم على تجديد المياه الجوفية التي قاربت على النضوب وتبشر بمحصول زراعي أفضل.

يقول يوسف بن حمو مدير وكالة الحوض المائي لهذه المنطقة لفرانس برس إن الخزانات الأربعة لحوض درعة واد نون التي تغطي عدة مناطق متضررة من سوء الأحوال الجوية، "شهدت ارتفاعا في مناسيبها، من 23 أغسطس إلى 9 سبتمبر، من 101 مليون متر مكعب إلى 191 مليون مكعب، أي بنسبة امتلاء 19 بالمئة".

في هذه المنطقة، استحوذ سد ورزازات الكبير على بعد 500 كلم جنوب الرباط، وحده على 70% من التساقطات بمعدل 69 مليون متر مكعب، حسب ما أفاد بن حمو، موضحا أن سد فاصك الجديد الذي بدأ تشغيله منذ مارس 2024، حصل على 10 ملايين متر مكعب من المياه في غضون أربع وعشرين ساعة.

"أمل"
يؤكد يوسف بن حمو أن "هذه الأمطار تعتبر نعمة للمنطقة لأن هذه الاحتياطيات ستكون قادرة على ضمان أمن إمدادات مياه الشرب التي تظل أولوية".

كما ستعيد تغذية منسوب المياه الجوفية في المناطق المتضررة من الفيضانات جزئيا على الأقل، الأمر الذي من شأنه أن ينعش النشاط الزراعي المحلي.

بدوره، يؤكد الخبير محمد جليل أن "هذه المناطق تعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية، وستعمل الأمطار الغزيرة على تجديد طبقات المياه الجوفية وتحسينها، ما سيعطي متنفسا للواحات، خاصة بالنسبة للزراعة".

ورغم الظروف المناخية الصعبة، تنتشر الزراعة (أشجار النخيل، البستنة، الحبوب) على نطاق واسع في المنطقة.

يشير جليل إلى أن "التأثير النفسي مهم. فهذه الأمطار الأولى تعطي الأمل، ولكن الموسم قد بدأ للتو، ولن نتمكن من إجراء تقييم إلا بحلول مارس".

من جانبه، أعلن وزير الفلاحة محمد صديقي الثلاثاء، خلال زيارة إلى ورزازات، أنه سيتم تعبئة ميزانية تزيد على 3.7 مليون يورو من أجل "إنعاش الأنشطة الفلاحية وفك العزلة عن الساكنة المتضررة" وإعادة تأهيل البنى التحتية المائية المتضررة بسبب الفيضانات.

وفي المستقبل القريب، لا تتوقع مصالح الأرصاد الجوية المغربية فترات ذروة جديدة من الأمطار الغزيرة في الجنوب. لكن أستاذ علم المناخ محمد سعيد كروك حثّ على "الاستعداد لظواهر جديدة لا يعرف تواترها وعنفها، مع الأخذ في الاعتبار تأثيرات التغير المناخي".

المصدر: فرانس برس