إحدى جلسات البرلمان الجزائري - أرشيف
إحدى جلسات البرلمان الجزائري - أرشيف

توتر جديد أضحى يطبع العلاقة بين برلمانيين في الجزائر ومسؤولي المؤسسة التشريعية على خلفية عدم برمجة مجموعة من القوانين التي اقترحها النواب خلال العهدة الجارية.

وقد دفع الوضع إلى تحرك مجموعة من النواب، حيث توجهوا بأسئلة مكتوبة إلى مكتب البرلمان لمعرفة مصير المشاريع التي يطالبون بإدراجها في ساحة النقاش قبل انتهاء العهدة البرلمانية الحالية.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن البرلماني، أحمد ربحي، صاحب مقترح تعديل القانون الأساسي للوظيفة العمومية تقدم بمراسلة إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي تساءل فيها عن مصير مقترح المشروع الذي يتضمن إلغاء التعاقد والإدماج الآلي للعمال المتعاقدين في القطاع العمومي الوظيفي.

وقال رئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني، عبد القادر بريش، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"،  إنه "منذ بداية العهدة البرلمانية الحالية، تقدم النواب بحوالي 30 مشروع قانون لم تتم برمجتهم إلى حد الساعة، وهو أمر مقلق بالنسبة لممثلي الشعب".

وتتشكل المؤسسة التشريعية في الجزائر من غرفتين، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، والذي يملك صلاحيات كبيرة في تمرير مختلف القوانين، كما يتواجد به أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية.

قوانين مثيرة للجدل

وصادق البرلمان الجزائري، في عهد الرئيس السابق، على تعديلات تتعلق بقوانين مثيرة للجدل، كما هو الأمر بالنسبة لقانون التقاعد الذي لقي معارضة شرسة من طرف أغلب المنظمات النقابية وبعض الأحزاب السياسية.

ومع بداية العهدة الجارية، تقدمت حركة مجتمع السلم بمشروع جديد لتعديل هذا القانون، ونفس الأمر أيضا فعلته مجموعات نيابية أخرى مع قانوني الوظيفة العمومية والمهندسين المدنيين.

ولم تتم إحاطة أعضاء الغرفة التشريعية الأولى بأي تفسير أو تبرير بخصوص برمجة هذه القوانين، مع العلم أن الدستور الجزائري يمنح النواب صلاحية التقدم بمقترحات مشاريع قوانين، على غرار ما تقوم به الحكومة والسلطات التنفيذية بشكل دوري.

تجارب سابقة

ولا تعد تجربة ممثلي الشعب خلال العهدة الجارية، سابقة في تاريخ التشريع بالجزائر، حيث سبق للسلطات تجاهل مبادرات مماثلة في وقت سابق.

واضطر الناشط الحقوقي، مصطفى بوشاشي، إلى تقديم استقالته من البرلمان، قبل نحو 10 سنوات، بعدما رفض مكتب البرلمان جميع المقترحات التي تقدم بها، وفق ما أكده في تصريحات إعلامية.

كما رفضت المؤسسة التشريعية في الجزائر تمرير قانون تجريم الاستعمار، الذي تقدم به حزب جبهة التحرير الوطني منذ ما يزيد عن 15 سنة، ودون أيضا أن يتم تقديم أي تبرير لخلفيات هذا الرفض.

المبادرات والفراغ

ويقول رئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني، عبد القادر بريش، "تقدمت أغلب المجموعات البرلمانية بمشاريع قوانين، خلال الفترة البرلمانية الجارية، لكن لم يكتب لها التوفيق رغم استيفائها لجميع الشروط القانونية والإدارية من حيث التسجيل وإخطار مكتب البرلمان".

وأضاف في تصريح لـ"أصوات المغاربية": "باستثناء حقهم في التقدم بمشاريع قوانين، لا يوجد هناك أي نص قانوني واضح يضبط عملية متابعة هذه المبادرات مع مكتب البرلمان".

وأفاد بريش بأن "أغلب المقترحات التي تقدم بها النواب لم تجد طريقا إلى النقاش بخلاف مشاريع الحكومة".

ويبرر قانونيون حالة البرلمان الجزائري بطبيعة الدستور الذي يمنع صلاحيات كبيرة للسلطات التنفيذية مقارنة بباقي المؤسسات الأخرى في الدولة.

بالمقابل، سبق للرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التعبير عن إعجابه بأداء المؤسسة التشريعية الحالية، ووصفه بـ "البرلمان النظيف".

 

المصدر: أصوات مغاربية

 

مواضيع ذات صلة

 البنك المركزي التونسي
البنك المركزي التونسي

رفعت وكالة "فيتش رايتنغ" للتصنيف الائتماني، الإثنين، تصنيف تونس للديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، في خطوة قال خبراء إنها ستنعكس على الوضع الاقتصادي للبلد.

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن هذا "التحسن الإيجابي"، بالانتقال من تصنيف CCC- إلى  CCC+، مردّه تحسن قدرة تونس على تلبية تعهداتها المالية الخارجية للفترة ما بين 2024 و2025.

وأشارت إلى أن التصنيف الجديد "يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجاتها المالية، وذلك بفضل الاحتياطات الدولية الكافية إضافة إلى انخفاض خطر السيولة الخارجي والاقتراض الداخلي".

وتوقعت فيتش في تقريرها أن تبلغ احتياجات تونس التمويلية 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2024، على أن تظل أعلى من 14 بالمائة حتى 2026.

ويأتي التصنيف الائتماني الجديد لتونس في ظرف يواجه فيه هذا البلد المغاربي صعوبات في الحصول على تمويلات من الصناديق المالية العالمية، وهو ما أثار النقاش بشأن دلالاته ومدى مساهمته في إرجاع تونس ثقة الأسواق المالية الدولية.

منطقة الخطر

"التصنيف السيادي الجديد لتونس مؤشر إيجابي يعكس بعمق نجاح السياسة المالية التي اعتمدتها الدولة التونسية من خلال التعويل على الذات في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وتسديد الديون الخارجية"، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي، ماهر بلحاج، معلقا علعى تقرير "فيتش رايتنغ".

ويضيف المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن المؤشرات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مقارنة بالوضع الاقتصادي لسنتي 2017 و2018، تجعل تونس "تتجاوز مربع الدول عالية المخاطر من حيث القدرة على تسديد الديون"، مؤكدا أنه "كان يفترض تصنيفها في مستوى B+".

ويتفق بلحاج على أن التصنيف قد يساعد إلى استعادة تونس ثقة المانحين، متوقعا أن تصير المفاوضات مع الصناديق الدولية المانحة "أيسر" مقارنة بالفترات السابقة، وذلك بالنظر "الاستقرار المالي الذي تعيشه تونس وكذلك تواصل ارتفاع مخزون البلاد من العملات الأجنبية إلى مستوى آمن أي ما يعادل 118 يوم توريد".

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن تونس "ستواصل سياسة التعويل على الذات دون التفاوض مع صندوق النقد الدولي"، مشددا على أن هذه السياسة "لا تقوم على الاقتراض الخارجي من أجل تسديد الديون بل لتوجيهها في دفع الاستثمار وتحقيق النمو".

ويتابع موضحا وجهة نظره "الحديث على أن تونس لجأت إلى الاقتراض الداخلي وقلصت من فرص الاستثمار وقللت من استيراد المواد الأساسية لا معنى له، لأن 70 بالمائة من عجز الميزان التجاري متأتّ من الطاقة التي شهدت أسعارها ارتفاعا".

تفاؤل حذر

في مقابل ذلك، يقول الأستاذ في الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إنه رغم تسجيل تحسن في الترقيم السيادي لتونس إلاّ أن بقاء البلد ضمن الدول عالية المخاطر لا يسمح له بالولوج إلى السوق المالية الدولية.

ويوضح الشكندالي في حديثه لـ "أصوات مغاربية" أن وكالة "فيتش رايتنغ" اعتمدت أساسا على تحسن المؤشرات المالية لتونس، وضمنه تحسن الموجودات من العملة الصعبة، والقدرة على سداد الديون خاصة منها الخارجية، وتحسن الميزان التجاري، إلاّ أن ذلك لا يجب أن يحجب حسب رأيه "الكلفة الاقتصادية الباهظة وهي الانكماش الاقتصادي وتفاقم معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وهو ما يهم فعلا التونسيين".

ويشير في السياق ذاته إلى أن تحسن التوازنات الخارجية التي اعتمدتها الوكالة لتحسين الترقيم السيادي لتونس كان على حساب تزويد السوق الداخلية بما يلزم من مواد غذائية أساسية وأدوية، خاصة ما يلزم المؤسسات الاقتصادية من مواد أولية ونصف مصنعة ضرورية للإنتاج.

لكن ما علاقة تحسن التصنيف بالمستوى المعيشي للتونسيين؟

توضيحا لذلك، يبرز المتحدث أن وكالات التصنيف الائتمائي تعمل على مراقبة قدرة الدول على سداد ديونها، وبالتالي تقديم صورة للمقرضين عن الوضع المالي لهذه الدول، وهو ما يعني أن التقرير الصادر ليس موجها لتونس بقدر ما هو موجه للصناديق المالية الدولية.

بمعنى آخر، يرى رضا الشكندالي أن الحكومة التونسية أن تستغل تحسن التصنيف إلى "الاشتغال على تحسين الوضع المعيشي للتونسيين وتحسين قدرتهم الشرائية والتحكم في مستوى الأسعار وتوفير مواطن الشغل".


المصدر: أصوات مغاربية