من مظاهرة مناهضة للعنف ضد النساء بتونس- أرشيف
من مظاهرة مناهضة للعنف ضد النساء بتونس- أرشيف | Source: Shutterstock

قال تقرير حقوقي إن تونس شهدت خلال العام الماضي "موجة مفزعة من جرائم قتل النساء بلغت 25 جريمة"، مشيرا إلى أن 13 من النساء قتلن على يد أزواجهن، 3 قتلن من طرف آبائهن، 4 قتلن من قبل أقاربهن و5 قتلن من طرف مجهول. 

ولفت التقرير الذي قدمته جمعيتا "أصوات نساء" و"المرأة والمواطنة بالكاف"، الأربعاء، إلى أن 7 نساء قتلن بالطعن بآلات حادة، في حين قتلت 3 نساء ذبحا و6 خنقا و4 قتلن بالضرب على الرأس. 

واستحضر التقرير معطيات سبق أن قدمتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، تفيد بتسجيل 69 جريمة قتل نساء في 19 محافظة خلال الفترة الممتدة من 1 يناير 2018 إلى غاية 30 يونيو 2023.

ونبه إلى أن الإحصائيات المنشورة تبين أن عدد جرائم قتل النساء تضاعف أربع مرات من 2018 إلى حدود شهر يونيو من العام الماضي إذ بلغ 23 جريمة قتل إلى حدود السداسي الأول من سنة 2023 مقابل 6 جرائم قتل للنساء سنة 2018.

ونددت الجمعيتان بما وصفتها بـ" إحصائيات مفزعة" وانتقدت "غياب السياسات العمومية الناجعة" لمواجهة هذه الظاهرة، داعية إلى عدم الاستهانة بالعنف ومكافحة تبريره أو التسامح معه. 

كما دعا المصدر ذاته إلى تحسين وتطوير الخدمات القانونية والاجتماعية والنفسية والصحية المقدمة للنساء والفتيات المعرضات للعنف، وتوفير برامج تأهيلية وعلاجية شاملة لهن إلى جانب الدعم والحماية.

"الإفلات من العقاب"

وتعليقا على الموضوع، تقول الكاتبة العامة لجمعية "نساء ديمقراطيات" (جمعية حقوقية نسوية) أحلام بوسروال، إن "تنامي ظاهرة العنف المسلط على النساء وتقتيلهن ينم عن تكريس سياسة الإفلات من العقاب" وذلك "في ظل تراكم القضايا في المحاكم وطول مسار التقاضي الذي يصل أحيانا إلى 24 شهرا يرافقه ارتفاع خطاب الكراهية على المنصات الاجتماعية وبروز حالة من التطبيع المجتمعي مع العنف ضد النساء".

ونبهت بوسروال في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى أن الفضاء الرقمي في تونس "ليس مقننا مائة بالمائة إذ لم يتم بعد إعداد مجلة إلكترونية تكميلية، تتعلق بمكافحة جرائم العنف المسلط على النساء" وهو ما أدى إلى "الخروج من مجرد خطاب كراهية وتحريض على العنف إلى تنفيذ على أرض الواقع". 

ودعت المتحدثة السلطات التونسية إلى العمل على تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة العنف المسلط على النساء وتحديد تكلفة العنف ورصد ميزانية في الغرض، إلى جانب تكثيف التعاون مع الجمعيات الحقوقية "خاصة في المناطق الداخلية في البلاد في ما يتعلق بالتعهد بمتابعة وضعيات النساء الضحايا". 

"ظواهر عنف جديدة" 

من جانبها، دعت الناشطة الحقوقية سلمى ساسي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إلى "تحيين التشريعات في تونس بما يتناسب مع ظواهر العنف الجديدة التي تهدد حياة النساء"، وطالبت بتنقيح القانون عدد 58 لسنة 2017 وتضمينه فصولا جديدة تتعلق بالعنف الرقمي الذي تتعرض له النساء في المنصات الاجتماعية.

وشددت ساسي على أهمية تكثيف الحملات التوعوية والتحسيسية إلى جانب توفير الإحاطة الصحية والقانونية للنساء المعرضات للعنف وإعادة تأهيلهن، لافتة إلى أن التقارير الحقوقية تشير إلى أن تونس سجلت ما يفوق 8 حالات قتل في سنة 2024 الأمر الذي أكدت أنه يستوجب "ضرورة تغيير السياسات المنتهجة من طرف السلطات التونسية في معالجة هذه الظاهرة".

من جهة أخرى، نبهت المتحدثة إلى أن الأرقام التي يتم إعلانها من قبل الجهات الرسمية أو المنظمات الحقوقية قد لا تعكس حقيقة ما يتم تسجيله من عنف ضد النساء في تونس، موضحة أن "الأرقام الحقيقية لحالات العنف قد تتجاوز ذلك بكثير ولا يتم التصريح بها من قبل الأسر التونسية بسبب الخشية من نظرة المجتمع". 

عقوبات وحماية

يذكر أن القانون المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء في تونس ينص على عقوبات مادية وسجنية مشددة ضد المخالفين، ويفرض على الدولة تأمين الحماية للمعنفات، علاوة على توفير الرعاية الصحية والنفسية والقانونية في مواجهة ظاهرة العنف.

ويُلزم القانون السلطات بتوفير "الحماية القانونية المناسبة لطبيعة العنف الممارس ضد المرأة بما يكفل أمنها وسلامتها وحرمتها الجسدية والنفسية".

وكانت وزيرة الأسرة والمرأة أمال بلحاج موسى أكدت في تصريحات بمناسبة انطلاق الحملة الدولية السنوية "16 يوما من النشاط لمناهضة العنف ضد المرأة"، نوفمبر الماضي، "التزام تونس بدعم حقوق النساء ضحايا العنف وحمايتهن عملا بمقتضيات دستور تونس لسنة 2022" .

وفي ديسمبر الماضي، أكدت بلحاج أن الوزارة أحدثت 24 تنسيقية جهوية لمقاومة العنف ضد المرأة موزعة على كامل محافظات البلاد بهدف تمكين النساء ضحايا العنف من النفاذ إلى الخدمات المقدمة في ذلك الإطار، مشيرة إلى أنه تم التعهد بأكثر من 76 ألف شكاية لدى الفرق المختصة لمقاومة جرائم العنف ضد المرأة والطفل مع تسليم أكثر من 4 آلاف قرار حماية.

  • المصدر: أصوات مغاربية
     

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية