Logos

أصوات مغاربية الآن علي موقع الحرة

اضغط. هنا لزيارة موقع الحرة

This picture taken on June 25, 2020 shows a general view of a parliament session in the Tunisian capital Tunis. (Photo by FETHI…
البرلمان التونسي- أرشيف

أثار إقرار مكتب البرلمان التونسي، صرف مبلغ قدره 3000 دينار (نحو 1000 دولار)، لفائدة النواب، بعنوان "تكاليف مستلزمات دعم عمل النائب خلال السداسية الأولى لسنة 2024"، جدلا واسعا خاصة وأن ذلك يتزامن مع صعوبات مالية تشهدها البلاد.

وجاء ضمن قرارات مكتب البرلمان المجتمع يوم التاسع من ماي الجاري والمنشورة على موقعه الإلكتروني، أن المبلغ المذكور سيصرف من "الاعتمادات المخصّصة لنفقات التسيير بعنوان تكاليف مستلزمات دعم عمل النائب خلال السداسية الأولى لسنة 2024".

ويتكون البرلمان التونسي من 161 نائبا يتقاضى كل واحد منهم منحة شهرية تبلغ 3300 دينار تونسي (ما يعادل 1100 دولارات تقريبا).

وقد أثارت المنحة "الاستثنائية" التي أقرها البرلمان مؤخرا جدلا وردود فعل انقسمت بين من اعتبر أنها تشكل "مخالفة للقانون" ومن يرى أنها تطرح إشكالا "من الناحية الأخلاقية"، ومن أكد أنها "تدخل في سياق ما يسمح به النظام الداخلي للبرلمان".

"مخالفة للقانون" 

وعلق مرصد "رقابة" (جمعية رقابية غير حكومية) ضمن بلاغ له، الثلاثاء، على القرار بالقول إنه "الثاني الذي يصدر بصفةٍ استثنائية وفي مدة وجيزة" مضضيفا أن المكتب سبق أن أصدر  في أكتوبر الماضي قرارا "يقضي بإسناد مبلغ 3000 دينار لكل نائب بعنوان تغطية تكاليف السّكن والتنقل خلال أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2023".

وأكد المرصد أن "تواتر القرارات لنفس السبب يجعلها تفقد الصبغة الاستثنائية وتُصبح قرارات للترفيع بصفة دائمة في المنحة المخصصة للنواب وذلك بطريقة مخالفة للقوانين والتراتيب"، معتبرا أن "القرارات المذكورة فيها مخالفة صريحة للقانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية ولأحكام مجلة الضريبة على الدخل". 

وتابع مبررا ذلك بالقول إن "جميع المبالغ المدفوعة للأجراء عينية كانت أم نقدية تُعتبر أجورا و تدخُل ضمن القسم الخاص بالتأجير بالمهمة الخاصة" مضيفا أنه "لا يمكن في أي حال من الأحوال صرفُ المبالغ المذكورة من نفقات التسيير بالإضافة إلى استحالة تحويل اعتمادات من قسم التّسيير إلى قسم التأجير". 

من جهة أخرى، لفت المصدر ذاته إلى أن "هذه القرارات تتزامن من ناحية أخرى مع تغاضي هياكل المجلس في تطبيق مُقتضيات النظام الداخلي المتعلّقة بنشر غيابات النواب (...) وعدم اتخاذ ما ينجرُّ عن الغياب دون عذر شرعي، وفقَ ما يضبطه النظام الداخلي، من الاقتطاع من منحة استرجاع المصاريف".

"عبء ثقيل"

تعليقا على الموضوع، قال الصحفي المختص في الشأن البرلماني سرحان الشيخاوي، إن هذه المنحة هي تنضاف إلى المنحة الرئيسية التي يتحصل عليها نواب البرلمان التونسي شهريا، مردفا أن ذلك ما يفسر حجم الجدل الحاصل في تونس حولها.

وأضاف الشيخاوي في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن "الإشكال الأساسي يتمثل في أن البرلمان قام مؤخرا بإحالة عدد من العمال والمسؤولين فيه على التقاعد الوجوبي (الإحالة إلى التقاعد قبل بلوغ السن القانوني) للتخفيف من أجورهم، بينما قام في المقابل بتقديم منحة إضافية للنواب".

واعتبر الشيخاوي أن "الإشكال الأعمق من هذا أن أغلب عمل نواب البرلمان يتمثل في التصويت على قروض"، الأمر الذي "يؤكد الحاجة الملحة إلى الدعم المالي لميزانية الدولة، لكن في نفس الوقت يسمح النواب لأنفسهم بالترفيع في منحهم".

ويرى المتحدث ذاته أن البرلمان أصبح يمثل "عبئا ثقيلا" على تونس، لاعتبارات عدة "منها المعطى المالي، وعدم طرح القضايا الأساسية"، وهو ما يجعله "مؤسسة على هامش الأحداث" بحسب تعبيره.

"سليم ولكن…"

من جانبه، أوضح المحلل السياسي قاسم الغربي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن قرار إسناد المنحة لفائدة النواب "قد يعد من الناحية القانونية سليما لكنه من الناحية الأخلاقية قد يضع النواب في محل إحراج مع الشعب". 

وتابع الغربي مفسرا ذلك بكون المنحة تأتي بالتزامن مع "الحديث المتكرر من قبل المسؤولين في السلطة عن الصعوبات المالية التي تشهدها البلاد".

وتبعا لذلك، يرى الغربي أن السياق العام الذي جاء فيه هذا القرار "يعكس أن النواب غير مهتمين لا بواقع الدولة ولا بواقع الشعب" كما يعكس، وفقه "عدم الانتباه إلى الصورة السيئة التي ارتسمت في مخيال المجتمع التونسي حول النواب السابقين وما كان يقال عنهم من فساد ومحسوبية والتعامل مع الدولة بمنطق "الغنيمة".
 
من جهة أخرى، أكد المتحدث ذاته أن عمل النواب الحاليين "يتسم بالبطء وعدم التحرك إلا داخل مقر البرلمان نظرا لتراجع الحركات الاحتجاجية في مختلف محافظات البلاد".

"منحة تنقل"

في المقابل، قال مقرر لجنة المالية بالبرلمان عصام الجابري إن قرار إسناد منحة للنواب تقدر بـ3000 دينار هو قرار "يدخل في سياق ما يسمح به النظام الداخلي للبرلمان وهو عبارة عن منحة تنقل للنواب على اعتبار أنهم يتنقلون بين محافظات البلاد لأداء مهامهم".

واعتبر الجابري في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن الجدل الحاصل بشأن هذه المنحة "يصب في خانة المزايدات السياسية بهدف تشويه النواب" مشيرا إلى أن هذه المنحة "سيقع اقتطاعها من ميزانية البرلمان الذي يتمتع بالاستقلالية المالية وليس من وزارة المالية" مشددا في الوقت نفسه على أنها "لا تعتبر زيادة في الأجور"

وتابع المتحدث ذاته موضحا أن المبلغ المقدر بـ3000 دينار "سيقع توزيعه على 6 أشهر بمعدل 500 دينار (حوالي 165 دولارا) للشهر الواحد"، لافتا في الوقت نفسه إلى أن المنحة التي وقع إقرارها في أكتوبر الماضي "لم يتحصل عليها النواب". 

  • المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف
العنف الرقمي يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف

"أتمنى من الله أن يعجل بموتي حتى لا أعيش في هذا العذاب"، هكذا بدأت نعيمة حديثها لـ"الحرة"، وهي تصف الصدمة العميقة التي اجتاحت عائلتها بعد تعرض ابنتها القاصر مريم لابتزاز رقمي إثر نشر فيديو اعتداء ومحاولة اغتصاب لها عبر تطبيق التواصل الفوري "واتساب".

نعيمة (44 سنة)، أم لولد وثلاث بنات بمدينة الدار البيضاء، وجدت نفسها في مواجهة أزمة تفوق قدرتها على التحمل وغارقة في دوامة اليأس والقلق وهي تشاهد حياة أسرتها تنهار أمام عينيها، حيث بدأت مأساتها عندما أخذ شاب رقم هاتف ابنتها مريم عنوة أثناء اشتغالها كبائعة متجولة لشرائح الهاتف، وأصبح يضايقها رغم محاولاتها التخلص منه، وانتهت بالاعتداء عليها وتصويرها في وضع مهين، ما أدى إلى انهيارها النفسي وعزلتها عن العالم.

ورغم تقديم نعيمة لشكوى ضد الشاب الذي عنف ابنتها وحاول اغتصابها وتم الحكم عليه مؤخرا بالسجن لثلاث سنوات، إلا أن معاناة الأم المكلومة لا تزال متواصلة بعد أن تسبب الفيديو الذي أرسله الجاني إلى أخت مريم في تفكيك كامل للأسرة، زوجها هجرها وابنها الأكبر ترك المنزل، ومريم تزوجت عرفيا بشاب آخر وعدها بكتابة عقد الزواج عند إتمامها السن القانوني (18 سنة).

تعيش نعيمة اليوم مع ابنتيها المتبقيتين في حالة من الصدمة والاضطرابات النفسية، تتنقل بين المستشفى ومحاولات العمل لتوفير لقمة العيش، وتخشى نشر الفيديو على المنصات الاجتماعية أمام تهديدات مستمرة لأخ الجاني، معتبرة أن حياة أسرتها مرهونة بحجب هذا الفيديو مما يعمق معاناتها.

انتقام وتهديد
كما هو الحال مع مريم، نجد في قصة نجوى (19 سنة) نموذجا آخر لامرأة اختارت مواجهة العنف الرقمي بعد أن تعرضت لمحاولة اغتصاب من طرف شاب تعرفت عليه وعمرها يصل 16 سنة، فاضطرت للزواج من المعتدي تحت ضغوط اجتماعية رغم عدم تحرير عقد زواج رسمي بسبب سنها غير القانوني.

لم تنته معاناة نجوى بعد انتقالها إلى بيت زوجها، بل تحولت إلى حلقة من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة إلى تصويرها سرا وهي تغير ملابسها وفي وضعيات حميمية معه، وبعد بلوغها 18 سنة تم توثيق الزواج لكن سرعان ما طردها زوجها من المنزل وهي حامل، مهددا إياها بنشر فيديوهاتها إذا لم تتقدم بطلاق اتفاقي والتنازل عن حقوقها.

تقول نجوى لـ"الحرة": "رفضت الخضوع لابتزازه رغم الظروف الصعبة بعد الإنجاب والعيش مع أسرتي الفقيرة القاطنة بإحدى بيوت دور الصفيح، إذ رفعت دعوى قضائية ضده وتم اعتقاله لسبعة أشهر إلى أن تنازلت عن الدعوى بعد تسوية مع عائلته بأداء واجبات النفقة والحضانة، لكن التهديدات استمرت بعد الإفراج عنه ورفض أداء مستحقاتي".

لا تزال نجوى تواجه الابتزاز الرقمي من زوجها وتقف عاجزة على رفع دعوى قضائية جديدة بسبب ظروفها المادية الصعبة، مشيرة إلى أنها تعيش وضعا من اليأس والاكتئاب والخوف المستمر بعد أن أصبح هاتفها رمزا للرعب إذ في أي لحظة قد تنشر تلك الصور لتدمر ما تبقى من حياتها.

التفكير في الانتحار
وفي الوقت الذي قررت مريم ونجوى التبليغ ضد العنف الرقمي، فإن أغلب النساء في المغرب مازلن يترددن في اتخاذ هذه الخطوة مخافة الوصم الاجتماعي، وهو ما حصل مع قصة هدى (26 سنة)، وهي طالبة في السنة الأخيرة بشعبة الطب والصيدلة، حيث تعيش تجربة قاسية مع العنف الرقمي الذي قلب حياتها رأسا على عقب.

وفي حديثها لـ"الحرة"، تحكي هدى أنها كانت على علاقة عاطفية لمدة ثلاث سنوات مع شاب يبلغ من العمر 29 سنة، يشتغل في مركز اتصال بمدينة المحمدية، وتقول "رغم أنني كانت على علاقة رضائية معه إلا أنني قررت إنهاءها للتركيز على دراستي، لكنه لم يتقبل ذلك وبدأ يهددني بنشر فيديو جنسي سجله لي دون علمي".

وتوضح هدى أن التهديدات كانت موجهة إلى أسرتها ومعارفها على منصات التواصل الاجتماعي وتخاف أن تدمر سمعتها المهنية كمستقبل طبيبة، منبهة إلى أنها "تحولت من شابة مفعمة بالحياة ومقبلة على مهنة إنقاذ الأرواح إلى شابة مكتئبة تعيش في السواد وتفكر في الانتحار".

رغم رغبتها في تقديم شكاية، تخشى هدى من اتهامها بالفساد نظرا لتجريم القانون الجنائي للعلاقات الرضائية، ولا تزال مترددة في اتخاذ هذه الخطوة، مكتفية بالبوح وكسر حاجز الصمت مما وفر لها بعض الارتياح بعيدا عن أحكام المجتمع القاسية، بحسب تعبيرها.

أرقام مقلقة
في السنوات الأخيرة، نبهت تقارير رسمية وحقوقية إلى تنامي معدلات العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب، إذ سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) في دراسة أجراها عام 2023 وشملت 180 حكما قضائيا تتعلق بقضايا العنف ضد النساء، بأن العنف الرقمي يتصدر قائمة أشكال العنف التي تتعرض لها النساء بنسبة 33٪.

وذكر تقرير للمندوبية السامية للتخطط (مؤسسة رسمية) صدر خلال مارس من العام الماضي، أن قرابة 1.5 مليون امرأة تعرضن للعنف الرقمي إما بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، بينما تؤكد معطيات المديرية العامة للأمن الوطني وجود ارتفاع في عدد الشكايات المتعلقة بالعنف ضد النساء والفتيات بواسطة التكنولوجيا الحديثة، إذ سجلت 622 شكاية عام 2019 و761 عام 2020.

وسجلت دراسة أعدتها جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" تزايد العنف الرقمي خلال الخمس سنوات الأخيرة (سبتمبر 2018 إلى غاية سبتمبر 2023)، موضحة أن العنف الرقمي يمارس في معظم الحالات من قبل الأشخاص المقربين من الضحية بما في ذلك الزوج (14٪) والمقربون بنسبة 36٪، وأن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأكثر استخداما في ممارسة العنف الرقمي ضد المرأة بنسبة 70.2٪ من إجمالي وسائل التواصل التي تم استخدامها.

وبحسب الجمعية، فإن العنف الرقمي هو "كل عمل من أعمال العنف ضد المرأة التي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه أو تزيد من حدته جزئيا أو كليا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كالهواتف المحمولة والذكية أو الانترنت أو منصات التواصل الاجتماعي أو البريد الالكتروني، ويستهدف المرأة أو يؤثر في النساء بشكل غير متناسب".

"أكثر تعقيدا"
وتعتبر منسقة مراكز الاستماع بجمعية "تحدي المساواة والمواطنة"، رجاء حمين، أن العنف الرقمي ضد النساء هو "أخطر أنواع العنف ضد المرأة وأكثر تعقيدا من أشكال العنف التقليدية وأعمقها أثرا حيث ينتشر بسرعة وغير محدود في الزمان والمكان"، مشيرة إلى أنه يشمل التحرش والابتزاز والتنمر والتمييز والسب والقذف والتهديد بنشر صور حميمة وأنه يبقى مفتوحا على أشكال أخرى أمام التطور التكنولوجي.

وتؤكد حمين في حديثها لـ"أصوات مغاربية"، أن هذا العنف لا يقتصر على فئة عمرية أو اجتماعية محددة، بل يستهدف نساء وفتيات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بما في ذلك المتزوجات اللواتي يتعرضن للابتزاز والتهديد بنشر صورهن الحميمية من أجل التنازل عن حقوقهن في النفقة أو حضانة الأطفال.

وتشدد الناشطة الحقوقية على ضرورة تعزيز التوعية والتحسيس في ظل التنامي المهول لهذه الظاهرة بسبب انتشار الأمية الرقمية، داعية إلى تشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم التي يتعرضن لها "لأن الصمت يشجع الجناة على الإفلات من العقاب واستهداف ضحايا جدد".

وبشأن تداعيات العنف الرقمي، تقول المتحدثة ذاتها إنه "يدمر حياة الأسر ويصعب علاج آثاره النفسية التي تصل إلى حد انتحار الضحايا أو أقربائهم"، مؤكدة أنه لا يمكن الحديث عن ناجيات من هذا العنف في غياب أي ضمان لإعادة نشر مثلا تلك الصور أو مقاطع الفيديو على المواقع الرقمية بعد مرور سنوات.

"أزمة قيم"
ومن جانبها، ترى عضوة "فيدرالية رابطة حقوق النساء"، خديجة تيكروين، أن البيئة الاجتماعية والثقافية بالمغرب تشكل تربة خصبة لانتشار العنف الرقمي ضد النساء، حيث تعامل المرأة كجسد ويطبع المجتمع مع العنف ضدها، سواء في الواقع أو الفضاء الرقمي.

وأوضحت تيكروين في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن العديد من شهادات النساء ضحايا العنف الرقمي أظهرت قلة الوعي التقني والجهل بإدارة المحتوى الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي مما يعرضهن لخطر انتشار صورهن الخاصة بسبب ضعف أدوات الحماية، إضافةً إلى العقلية الاجتماعية التي غالبا ما تلقي باللوم على الضحية.

وفي هذا السياق، تحذر الناشطة الحقوقية أن هناك أزمة قيم اجتماعية باتت تساهم بارتفاع نسبة ضحايا العنف الرقمي عبر ما يتم ترويجه في تطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك"، إذ تدفع الفتيات للتركيز على مظهرهن الخارجي كأداة لجذب الانتباه، ما يغير من نظرة المجتمع لهن كأفراد رغم أن الواقع والإحصائيات تشير إلى أن الفتيات متفوقات أكاديميا.

ويضيف المصدر ذاته، أن القوالب الثقافية السائدة تدين النساء بشكل مضاعف وتحد من الإبلاغ عن حالات الابتزاز الرقمي، خاصة عندما ينظر للنساء على أنهن مسؤولات عن تعرضهن للعنف، منبهة إلى تفاقم آثار العنف الرقمي ضد النساء في ظل غياب الدعم النفسي والمجتمعي الكافي لهن.

ضعف المعالجة الرقمية
وبدوره يؤكد الخبير في الأمن الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي، أمين رغيب، استمرار تنامي العنف الرقمي ضد النساء بالمغرب بسبب الارتفاع المتزايد لمستخدمي المنصات الاجتماعية وتطور التكنولوجيات الحديثة وغياب الوعي بمخاطرها لاسيما في صفوف النساء، مشيرا إلى استغلال أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور وفيديوهات غير حقيقية للضحايا مما يساهم في انتشار الظاهرة.

وينبه رغيب في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، إلى أنه من الناحية التقنية يصعب القضاء على جريمة العنف الرقمي لأن الأمر لا يتعلق بحجب الفيديو حتى لا ينتشر أكثر وإنما لغياب ضمانات بعدم تخزينه ونشره لاحقا، مسجلا ضعف الاستجابة من منصات التواصل الاجتماعي أثناء الإبلاغ عن المحتوى المسيء لضحايا العنف الرقمي.

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الرقمي على أهمية وعي النساء بمخاطر العالم الرقمي وضرورة وضع حدود واضحة للعلاقات خاصة ما يتعلق بتوثيق اللحظات ومشاركتها تجنبا للمشاكل المستقبلية، مقترحا أن يكون هناك ممثلون قانونيون لشبكات التواصل الاجتماعي في المغرب لتسهيل التعامل مع الشكاوى وحماية الضحايا بشكل أفضل.

ضعف الحماية القانونية
وأفادت المحامية والحقوقية، سعاد بطل، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن الإطار القانوني في البلاد يجرم العنف ضد النساء بكل أشكاله مثل العنف النفسي والجسدي والاقتصادي، مستدركة "إلا أنه لم يشمل العنف الرقمي بنص صريح مما يجعل إثبات العنف الإلكتروني يمثل تحديا صعبا ويساهم في تنامي هذه الظاهرة".

وتسجل بطل في حديثها "ضعف الحماية القانونية لضحايا العنف الرقمي نظرا لغياب تعريف واضح في القانون وضعف تنفيذ العقوبات رغم كونها مخففة"، منتقدة ما جاء في القانون الجنائي من فصول غير رادعة لجريمة العنف الرقمي ضد النساء سواء من حيث الجزاء أو الحماية أو آليات التنفيذ.

وتشدد المحامية على ضرورة مراجعة المساطر القانونية التي تقف عاجزة في مكافحة هذه الظاهرة عبر تسهيل مسطرة التبليغ وحماية المبلغين وتشديد العقوبات وإنصاف الضحايا بتوفير مؤسسات الدعم النفسي للمواكبة والشعور بالأمان الثقة.

المصدر: موقع الحرة