يمنع قانون الانتخابات الصادر في الجزائر عام 2021 المترشحين للانتخابات الرئاسية من الانسحاب وينص في مادته 255 على أنه "لا يقبل ولا يعتد بانسحاب المترشح بعد اعتماد المحكمة الدستورية الترشيحات، إلا في حالة حدوث مانع" أو في حالة "وفاة المترشح المعني".
وبثبوت إحدى الحالتين، فإن نفس المادة تشير إلى أنه "يمنح حينئذ أجل آخر لتقديم ترشيح جديد، ولا يمكن أن يتجاوز هذا الأجل الشهر السابق لتاريخ الاقتراع".
أما في حالة وفاة مترشح أو حدوث مانع له، "بعد موافقة المحكمة الدستورية على قائمة المترشحين، ونشرها في الجريدة الرسمية.. يتم تأجيل تاريخ الاقتراع لمدة أقصاها 15 يوما".
ويثير النص المذكور جدلا بين من يرى أنه "تنظيمي" ويهدف إلى "ضمان التزام كافة المترشحين بخوض السباق الانتخابي" وتفادي تكرار ما حدث عام 1999، وبين من يرى أن فيه "تقييدا" لحرية المترشحين ولـ"أي شكل من أشكال الممارسات غير قانونية" خلال الحملة الانتخابية.
"تنظيم العملية الانتخابية"
وفي هذا الصدد، يرى الحقوقي فاروق قسنطيني أن النص القانوني جاء "لمنع تكرار سابقة تعود لسنة 1999"، معتبرا أن النص في جوهره "لا يهدف إلى تقييد حرية المترشح في اتخاذ القرار المناسب، بقدر ما يسعى إلى وضع قواعد وضوابط تنظم العملية الانتخابية، وتحميها من الوقوع تحت رحمة المزايدات لكل مترشح قد تواجهه صعوبات خلال تلك الفترة".
وكان ستة مرشحين للرئاسيات الجزائرية عام 1999 أعلنوا انسحابهم من السباق الرئاسي قبل نحو 24 ساعة من بداية الاقتراع، تاركين المرشح آنذاك عبد العزيز بوتفليقة وحيدا في حلبة المنافسة التي حصد فيها غالبية الأصوات.
وقال قسنطيني في تصريح لـ"أصوات مغاربية" إن الحملة الانتخابية "قد تشوبها صعوبات تواجه أقوى المترشحين، ومن شأن ذلك أن يدفع البعض لطرح سيناريو الانسحاب الاستعراضي، لكسب تعاطف الرأي العام"، مضيفا أن هذا "من الأسباب التي دفعت المشرع الجزائري إلى منع الانسحاب".
وتابع مؤكدا أن النص المذكور يهدف لمنع ما وصفها بـ"المراوغات السياسية والمناورات التي قد يلجأ إليها بعض المترشحين لتبرير عدم قدرتهم على مواصلة التنافس"، وهو الأمر الذي من شأنه أن "يمس بسمعة الاستحقاق الرئاسي نتيجة التأويلات الخاطئة والمظللة".
وتبعا لذلك شدد المتحدث ذاته على أن ذلك النص "يكرس ويعزز مصداقية انتخابات مؤسسات الدولة الجزائرية، ويضمن التزام كافة المترشحين بخوض السباق الانتخابي إلى نهايته".
"تقييد أي معارضة"
من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، أن القانون في شكله العام "ضروري لتسيير الانتخابات في البيئة الديموقراطية الحقيقية والصحيحة"، معتبرا في الوقت نفسه أن ذلك "لا ينطبق على البيئة الانتخابية الرئاسية في الجزائر".
وقال معراف في تصريح لـ "أصوات مغاربية" إن منع المترشحين من الانسحاب "يأتي ضمن ترتيبات سياسية لمواصلة نفس المسار السياسي للسلطة الحالية في الجزائر".
وفي رأي معراف فإن الهدف من هذه الإجراءات هو "عدم السماح لأي طرف بالتشويش، وتقييد أي معارضة لأي شكل من أشكال الممارسات غير قانونية".
وتابع المتحدث ذاته قائلا إن "وزراء من الحكومة الحالية ما زالوا يتحدثون خلال زياراتهم الميدانية للرأي العام عن مشاريع في آفاق سنة 2026، بينما يفترض أن لا أحد يمكنه التكهن بما ستفرزه الرئاسيات القادمة من نتائج واستمراريتهم في مناصبهم من عدمها"، معتبرا أن ذلك جزء "من ممارسات عديدة تخل بالحياد، ومصداقية التنافس السياسي".
- المصدر: أصوات مغاربية