خفض الإنتاج بحقل نفطي ليبي.. من المسؤول وما التداعيات الاقتصادية؟
أعلنت مؤسسة النفط الليبية، الثلاثاء، عن تخفيض جزئي لمعدلات إنتاج حقل الشرارة، المتواجد بجنوب البلاد، بسبب العودة إلى تطبيق إجراءات "القوة القاهرة" على خلفية "الحراك وسلسلة الاعتصامات التي يقوم بها سكان إقليم فزان" (جنوب البلاد).
ودعت المؤسسة عبر بيان نشرته عبر صفحتها بموقع فيسبوك "الأطراف المعنية إلى ضرورة مراعاة المصلحة الوطنية ودعم جهود المؤسسة الرامية إلى استقرار الإنتاج وزيادته"
ونهاية الأسبوع، أُعلن عن توقف الإنتاج بهذا الحقل النفطي وسط تضارب كبير حول الأطراف التي أمرت بذلك، الأمر الذي أثار استنفارا لدى السلطات المركزية.
وأصدرت حكومة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مؤخرا، بيانا عبرت فيه عن "استنكارها لقرار غلق حقل الشرارة"، معتبرة الأمر "ابتزاز سياسيا".
وقال الدبيبة إن "الإغلاق يفاقم معاناة الليبيين الذين دفعوا لوحدهم ثمن أزمات الإقفال المتكررة"، كما دعا إلى "تحكيم لغة العقل وإعلاء مصلحة الوطن والمواطن والتخلي عما يضر به".
وفي السياق نفسه، عقد رئيس المجلس الرئاسي، قبل يومين، اجتماعا مع قادة رئاسة الأركان لمناقشة تداعيات قرار توقيف حقل الشرارة النفطي.
ويقع حقل الشرارة الذي تديره شركة "أكاكوس" بالتعاون مع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركات "ريبسول" الإسبانية و"توتال" الفرنسية و"أو أم في" النمساوية و"ستات أويل" النرويجية، في مدينة أوباري التي تبعد حوالى 900 كيلومتر جنوب طرابلس.
والشرارة هو أحد أكبر الحقول النفطية في ليبيا وينتج 315 ألف برميل يوميا من أصل 1.2 مليون برميل إنتاج البلاد الإجمالي، وفق أرقام رسمية صادرة عن هيئات حكومية.
من وراء القرار؟
وليست هذه المرة التي يتم فيها غلق حقل الشرارة النفطي، حيث تعرض لمحاولات مشابهة في مراحل سابقة، وكان الأمر يستدعي في كل مرة تدخل كبار المسؤولين لإعادة إطلاق نشاطه نظرا لأهميته بالنسبة لمداخيل البلاد من العملة الصعبة.
وفي وقت ربطت فيه أوساط رسمية قرار غلق حقل الشرارة باعتصامات سكان إقليم فزان احتجاجا على غياب مشاريع التنمية بالمناطق التي يسكنون فيها، فإن وسائل إعلام محلية أكدت أن الأمر يرتبط بإجراءات جديدة اتخذها القضاء الإسباني بعد إصداره مذكرة توقيف دولية في حق صدام حفتر، نجل قائد القوات العسكرية المسيطرة على شرق البلاد، المشير خليفة حفتر.
وأفادت قناة "ليبيا الأحرار"، نقلا عن مصادرها، بأن "صدام نجل خليفة حفتر، أصدر أوامره بإغلاق حقل الشرارة النفطي، الذي تشغله شركة ريبسول الإسبانية، وذلك عقب إبلاغه بوجود مذكرة قبض صادرة بحقه أثناء عودته إلى ليبيا من العاصمة الإيطالية".
وأضافت بأن "السلطات الإيطالية أبلغت صدام حفتر بوجود مذكرة قبض وتعميم صادرين بحقه من السلطات الإسبانية، وذلك على خلفية تورطه في تهريب شحنة سلاح كانت قد أوقفتها الشرطة الإسبانية قبل عدة أشهر".
تداعيات الأزمة..
وتعليقا على الموضوع، قال العضو في مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، "لست مطلعا بشكل مؤكد على علاقة نجل المشير خليفة حفتر بموضوع قرار غلق حقل الشرارة، لكني أستبعد أن يكون الأمر مرتبطا باعتصامات أهالي فزان مثلما يتم التسويق له".
وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "إقليم فزان استفاد من العديد من المشاريع الإنمائية في السنوات الأخيرة، كما يملك حصة كبيرة في المخطط الإنمائي للبرامج الحكومية، وبالتالي من غير المعقول أن يلجأ أهالي المنطقة إلى منع حقل الشرارة من الإنتاج".
وتوقع العرفي أن "يتسبب قرار الغلق في تداعيات كبيرة على الاقتصاد الليبي إن توقف النشاط لفترات طويلة"، مؤكدا أن "البلد يمر بوضع اقتصادي حساس يحتاج إلى دعم مالي كبير".
مؤشرات الانسداد..
وتزامن حادثة غلق حقل الشرارة النفطي مع استمرار الأزمة السياسية في ليبيا، خاصة بعد أن تجدد الصراع مؤخرا بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بخصوص موضوعي ميزانية الدولة وتشكيل الحكومة الجديدة.
ويرى المحلل السياسي، إسماعيل السنوسي، أن "ما وقع لهذا الموقع النفطي الهام بالنسبة لاقتصاد البلاد يؤكد وجود أزمة سياسية عميقة لم تجد طريقا إلى الحل بعد".
وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "عادة ما يلجأ الفرقاء السياسيون في ليبيا إلى استعمال ورقة النفط من أجل الضغط على بعضهم البعض، وهذا أسلوب غير مقبول وينافي المصالح العليا للبلاد".
وتابع "للأسف هناك مجموعات تبحث دوما عن مصالحها الشخصية قبل أن تفكر في حل شامل ينهي أزمة البلاد ويريح المواطنين في ليبيا من معاناتهم المستمرة".
وأكد السنوسي أن "ما يجري يعكس بشكل جلي تجاهل المجتمع الدولي لما يجري في ليبيا".
المصدر: أصوات مغاربية