أزمة "رئاسية" تهدد مستقبل المجلس الأعلى للدولة في ليبيا
تأجل الفصل في تسمية رئيس جديد للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بسبب خلافات كبيرة وقعت أمس الثلاثاء خلال عملية الانتخاب في خضم التنافس المحموم بين المترشحين الرئيسيين وهما خالد المشري، (الرئيس السابق لهذه الهيئة)، والرئيس الحالي للمجلس محمد تكالة.
واضطر المجلس إلى تعليق عملية التصويت بسبب لغط أحدثته إحدى ورقات التصويت ، التي عدلت النتيجة بين المتنافسين 69 صوتا لكل منهما، في حين رفض خالد المشري الاعتراف بها.
واقترح تكالة إعادة الجدولة الانتخابية بتاريخ 20 أغسطس المقبل، في حال لم يفصل القضاء الليبي في هذا الصراع، في حين اتهم منافسه خالد المشري حكومة الوحدة الوطنية بالتدخل في العملية الانتخابية، مؤكدا فوزه بالانتخابات.
ويثير "الخلاف الطارئ" داخل أهم المؤسسات السيادية في هذا البلد المغاربي تساؤلات كبيرة حول مصيرها، وأيضا قدرة أعضائها في احتواء هذا الصراع الجديد الذي يعقد الأزمة السياسية في البلاد أكثر، وفق ما يشير إليها مراقبون للوضع.
مهام وتساؤلات..
والمجلس الأعلى للدولة هو أعلى هيئة استشارية للدولة. تم تأسيسه في أعقاب اتفاق الصخيرات بالمغرب، سنة 2015، وتشير وثائقه إلى أنه يعمل باستقلالية وفقًا للإعلان الدستوري المعدّل.
يقوم المجلس بدراسة واقتراح السياسات والتوصيات اللازمة لدعم تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، ودعم الوحدة الوطنية، ودعم جهود المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي.
ويضطلع بالعديد من المهام، لعل أهمها "المشاركة مع مجلس النواب في صياغة أي تعديل في الإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو إحدى المؤسسات المنبثقة عنه"، و"إبداء الرأي الملزم لحكومة الوفاق الوطني في مشاريع القوانين قبل إحالتها لمجلس النواب"، إضافة إلى "اقتراح مشروعي قانوني الاستفتاء والانتخابات العامة مشاركة مع مجلس النواب".
ظل "حكومة الدبيبة"..
وحملت العديد من الأوساط السياسية في ليبيا مسؤولية ما وقع في جلسة أمس إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذي يبدي تحفظا من المترشح خالد المشري، بالنظر إلى خلافات سابقة بين الرجلين.
وقال عضو المجلس الوطني الانتقالي السابق، حسن الصغير، "واهم من يعتقد بأن الدبيبة حزين لما حصل اليوم (يقصد الجلسة الانتخابية)، بالعكس تماماً بالنسبة إليه يكون قد أنهى وإلى الأبد مجلس الدولة، حيث سيظل تكالة ينازع المشري الشرعية ووجد الدبيبة وغيره ضالتهم في تفتيت مجلس الدولة".
وأضاف في تدونية نشرها عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، "بهذه الطريقة يرى الدبيبة بأن أحد أطراف ما يسمى الحوار أو الشركاء السياسيين غير موجود أو معطل ولا مناص بالنسبة له من البناء على حكومته".
وباشر مجلس النواب، مؤخرا، حملة من الإجراءات لتنسيب رئيس حكومة جديد لخلافة عبد الحميد الدبيبة، حيث فتح المجال أمام المترشحين لهذا المنصب، وهي الخطوة التي أغضبت كثيرا رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، حيث أصدر بيانا عبر فيه عنه عدم رضاه على مبادرة الهيئة التشريعية".
واعتبر حسن الصغير أن تعليق جلسة التصويت، أمس الثلاثاء، هو بمثابة "نهاية ما سمي بفتح باب الترشح من البرلمان، فلا جهةٍ متفق عليها غرباً لإحالة التزكيات للبرلمان ولا رئاسة لمجلس الدولة موحدة لتبت في الترشيحات".
مستقبل غامض..
بالمقابل، يشير المترشح السابق للانتخابات الرئاسية، سليمان البيوضي إلى أن "الواقع يؤكد أن عبد الحميد الدبيبة هو أكبر المتضررين، فانهيار المجلس الأعلى للدولة سيفقده ورقة تفاوضية مهمة"، معتبرا أن "التسوية السياسية مع المشري تعتبر خطوة ذات جدوى من تفتيت المجلس الأعلى للدولة".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "لا يمكن التنبؤ مسبقا بما سيحدث لكن انقسام المجلس الأعلى للدولة وانهياره يعني إنهاء أحد الأطراف الرئيسية في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات والخطة التمهيدية الشاملة المعترف به دوليا وبالتالي انهيار الاتفاق برمته".
وحمل البيوضي مسؤولية ما وقع أمس للرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة بعد رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات".
المصدر: أصوات مغاربية