تقارير

أزمة "رئاسية" تهدد مستقبل المجلس الأعلى للدولة في ليبيا

07 أغسطس 2024

تأجل الفصل في تسمية رئيس جديد للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بسبب خلافات كبيرة وقعت أمس الثلاثاء خلال عملية الانتخاب في خضم التنافس المحموم بين المترشحين الرئيسيين وهما خالد المشري، (الرئيس السابق لهذه الهيئة)، والرئيس الحالي للمجلس محمد تكالة.

واضطر المجلس إلى تعليق عملية التصويت بسبب لغط أحدثته إحدى ورقات التصويت ، التي عدلت النتيجة بين المتنافسين 69 صوتا لكل منهما، في حين رفض خالد المشري الاعتراف بها.

واقترح تكالة إعادة الجدولة الانتخابية بتاريخ 20 أغسطس المقبل، في حال لم يفصل القضاء الليبي في هذا الصراع، في حين اتهم منافسه خالد المشري حكومة الوحدة الوطنية بالتدخل في العملية الانتخابية، مؤكدا فوزه بالانتخابات.

 

ويثير "الخلاف الطارئ" داخل أهم المؤسسات السيادية في هذا البلد المغاربي تساؤلات كبيرة حول مصيرها، وأيضا قدرة أعضائها في احتواء هذا الصراع الجديد الذي يعقد الأزمة السياسية في البلاد أكثر، وفق ما يشير إليها مراقبون للوضع.

مهام وتساؤلات..

والمجلس الأعلى للدولة  هو أعلى هيئة استشارية للدولة. تم تأسيسه في أعقاب اتفاق الصخيرات بالمغرب، سنة 2015، وتشير وثائقه إلى أنه يعمل باستقلالية وفقًا للإعلان الدستوري المعدّل.

يقوم المجلس بدراسة واقتراح السياسات والتوصيات اللازمة لدعم تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي، ودعم الوحدة الوطنية، ودعم جهود المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي.

ويضطلع بالعديد من المهام، لعل أهمها "المشاركة مع مجلس النواب في صياغة أي تعديل في الإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو إحدى المؤسسات المنبثقة عنه"، و"إبداء الرأي الملزم لحكومة الوفاق الوطني في مشاريع القوانين قبل إحالتها لمجلس النواب"، إضافة إلى "اقتراح مشروعي قانوني الاستفتاء والانتخابات العامة مشاركة مع مجلس النواب".

ظل "حكومة الدبيبة"..

وحملت العديد من الأوساط السياسية في ليبيا مسؤولية ما وقع في جلسة أمس إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذي يبدي تحفظا من المترشح خالد المشري، بالنظر إلى خلافات سابقة بين الرجلين.

وقال عضو المجلس الوطني الانتقالي السابق، حسن الصغير، "واهم من يعتقد بأن الدبيبة حزين لما حصل اليوم (يقصد الجلسة الانتخابية)، بالعكس تماماً بالنسبة إليه يكون قد أنهى وإلى الأبد  مجلس الدولة، حيث سيظل تكالة ينازع المشري الشرعية ووجد الدبيبة وغيره ضالتهم في تفتيت مجلس  الدولة".

وأضاف في تدونية نشرها عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، "بهذه الطريقة يرى الدبيبة بأن أحد أطراف ما يسمى الحوار أو الشركاء السياسيين غير موجود أو معطل  ولا مناص بالنسبة له من البناء على حكومته".

وباشر مجلس النواب، مؤخرا، حملة من الإجراءات لتنسيب رئيس حكومة جديد لخلافة عبد الحميد الدبيبة، حيث فتح المجال أمام المترشحين لهذا المنصب، وهي الخطوة التي أغضبت كثيرا رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، حيث أصدر بيانا عبر فيه عنه عدم رضاه على مبادرة الهيئة التشريعية".

واعتبر حسن الصغير أن تعليق جلسة التصويت، أمس الثلاثاء، هو بمثابة "نهاية ما سمي بفتح باب الترشح من البرلمان، فلا جهةٍ متفق عليها غرباً لإحالة التزكيات للبرلمان ولا رئاسة لمجلس الدولة موحدة لتبت في الترشيحات".

مستقبل غامض..

بالمقابل، يشير المترشح السابق للانتخابات الرئاسية، سليمان البيوضي إلى أن "الواقع يؤكد أن عبد الحميد الدبيبة هو أكبر المتضررين، فانهيار المجلس الأعلى للدولة سيفقده ورقة تفاوضية مهمة"، معتبرا أن "التسوية السياسية مع المشري تعتبر خطوة ذات جدوى من تفتيت المجلس الأعلى للدولة".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "لا يمكن التنبؤ مسبقا بما سيحدث لكن انقسام المجلس الأعلى للدولة وانهياره يعني إنهاء أحد الأطراف الرئيسية في الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات والخطة التمهيدية الشاملة المعترف به دوليا وبالتالي انهيار الاتفاق برمته".

وحمل البيوضي مسؤولية ما وقع أمس للرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة بعد رفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

صناعة الطيران بالمغرب
صناعة الطيران بالمغرب

بعد أن ضمن مركزه ضمن الدول الـ20 المصنعة لأجزاء الطائرات، بدأ المغرب يتطلع لصناعة طائرة كاملة بحلول عام 2030 مستفيدا من الخبرات التي راكمها طيلة السنوات الأخيرة من خلال شراكاته مع عدد من الفاعلين الدوليين في المجال.

هذا التحدي أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، بمجلس النواب (الغرفة الأولى) في ماي الماضي، ضمن مسعى جديد لترسيخ مكانة الرباط كأحد أبرز الوجهات الرئيسية في صناعة الطيران.

وقال حينها إن "المغرب يقوم بصناعة أصعب المكونات التي يحتاجها قطاع الطيران، وهناك طموح مشروع اليوم، لإنتاج أول طائرة ستقلع من المغرب.. سيتم تجميع جميع أجزائها في المملكة.. هذا هو الهدف الذي يعمل المغرب لتحقيقه".

ويأتي هذا التصريح لينضاف للازمة يرددها المسؤولون المغاربة في اجتماعاتهم مع كبار المستثمرين الأجانب وهي أن المغرب حقق نجاحا في صناعة الطائرات حتى باتت "كل طائرة تجارية تحلق في السماء تضم على الأقل قطعة واحدة تم تصنيعها بالمغرب".

وتستند هذه التصريحات إلى تقارير وطنية ودولية أكدت تحول المملكة في العشرين سنة الماضية إلى منصة دولية لإنتاج وصناعة أجزاء الطائرات وباتت صادرات القطاع تحقق ملياري دولار سنويا.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الصرف (مؤسسة مغربية رسمية) حقق قطاع صناعة الطائرات خلال النصف الأول من العام الجاري نموا بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وذكر التقرير أن صادرات القطاع بلغت 15.34 مليار درهم (1.5 مليار دولار) نتيجة ارتفاع مبيعات التجميع بـ32 في المائة ومبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية بنسبة 2.2 في المائة.

وبلغ مجموع الشركات المستثمرات في القطاع أزيد من 142 شركة باندماج محلي يزيد عن 40 في المائة، ويعمل في هذه الوحدات الصناعية 20 ألف عامل مؤهل، 42 في المائة منهم نساء، وفق معطيات رسمية.

قوانين واستقطاب

وخلال العشرين سنة الماضية، زادت الاستثمارات الأجنبية في القطاع ما دفع المغرب مؤخرا إلى مواكبة هذا التطور، باعتماد قوانين جديدة.

وصادقت الحكومة المغربية في أبريل الماضي على مشروع مرسوم يتعلق بتصميم الطائرات وإنتاجها، يتم بموجبه تحديد معايير تصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها.

ويحدد هذ المشروع المواصفات التقنية التي يتعين احترامها من قبل الراغبين في الحصول على الاعتماد الذي تسلمه السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني، من أجل اتصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها بالمغرب، وفق بيان لوزارة النقل واللوجستيك المغربية.

وينقسم نشاط الشركات العاملة في القطاع بين شركات متخصصة في صناعة الأسلاك الكهربائية للاتصال البيني، وشركات متخصصة في الصيانة والإصلاح والفحص وأخرى تنشط في مجال هندسة الطائرات.

ومن بين تلك الشركات، شركة سافران الفرنسية الرائدة في مجال صناعة محركات الطائرات التي تتوفر وفق وزارة الصناعة المغربية، على أكبر موقع إنتاجي لصناعة الطيران بالمغرب.

ومنها أيضا شركة بوينغ الأميركية التي زادت من مستوى حضورها بالمغرب في ماي الماضي بمنح شركة كندية تستقر بالمغرب شهادة التوريد، مما سيسمح للأخيرة بتزويد بوينغ بالأجزاء المصنعة لطائراتها.  

كما قررت شركة "هيكسيل" الأميركية لصناعة هياكل الطائرات أن تزيد من مساحة مصنعها بالمغرب، وقالت في تصريحات عام 2021 إن القرار راجع لليد العاملة المؤهلة ولمناخ الاستثمار الذي توفره المملكة للشركات الأجنبية.

ورفعت الشركة من مساحة مصنعها الواقع في المنطقة الحرة "ميد بارك" بالدار البيضاء لتصل إلى 24 ألف متر مربع، كما قررت الرفع من عدد العاملين في المصنع إلى 400 مستخدم، بحلول عام 2023.

بدورها، تعتمد شركة إيرباص الأوروبية على المغرب مؤخرا للرفع من انتاجها، وباتت طائرتها تضم أكثر من 140 مكونا تم تصنيعه بالمغرب، وفق ما أكده هادي عاكوم، نائب رئيس المبيعات لأفريقيا في إيرباص في تصريحات صحفية.

وتستفيد هذه الشركات من الموقع الاستراتيجي للمغرب القريب من أوروبا، وأيضا من توفر البلاد على شبكة مواصلات تربط نقاط الإنتاج بميناء طنجة المتوسط.

تلعب الحوافز الضريبية أيضا دورا محوريا في تشجيع المصنعين على الانضمام إلى هذه السوق، إلى جانب توفر المغرب على أزيد من 20 ألفا من اليد العاملة المؤهلة.

تحديات في الأفق

مقابل ذلك، تواجه القطاع تحديات جمة مرتبطة بتقلبات السوق الدولية ونقص اليد العاملة المؤهلة، وأيضا الضغوط التي باتت تفرضها المنظمات الناشطة في مجال البيئة على الشركات العاملة في القطاع.

ويواجه قطاع الطيران المغربي منافسة شرسة من دول أخرى تسعى هي الأخرى إلى تحقيق الغاية نفسها، استمالة واستقطاب كبار المصنعين حول العالم كمصر والإمارات والسعودية ودول أخرى من أفريقيا جنوب الصحراء.

ويسعى المغرب في المرحلة القادمة إلى الرفع من معدل اندماج صناعاته وتعزيز وتقوية سلاسل التوريد، ضمن جهود أخرى تبذل لمواجهة تلك التحديات.

المصدر: أصوات مغاربية