تثير التحركات العسكرية الجديدة لقوات المشير الليبي خليفة حفتر في منطقة الجنوب الغربي للبلاد قلق أوساط سياسية وأمنية محلية وإقليمية وسط تحذيرات من قبل دوائر رسمية من العودة إلى "الصراع المسلح والإخلال باتفاق وقف إطلاق النار".
وبررت قوات المشير خلفية حفتر انتقال وحدات من قواتها البرية لهذه المناطق بـ"وجود خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية للوطن وتعزيز الأمن القومي للبلد واستقراره في هذه المناطق الحيوية من خلال تكثيف الرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة".
تحركات وتنديد..
وأضاف بيان صادر عن القوات البرية، الخميس، بأن القيادة العامة لجيش المشير خلفية حفتر "تسعى إلى تعزيز الأمن على الحدود والتصدي لأي تهديدات قد تستهدف سلامة واستقرار الوطن".
وقبل يومين، نشر نشطاء مدنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر أرتالا عسكرية في طريقها إلى مدينة الشويرف، القريبة من المنطقة الغريبة.
بالمقابل، أدان المجلس الأعلى للدولة الخطوة الجديدة التي أقبلت عليها قوات المشير خليفة حفتر، معبرا عن "قلقها البالغ من هذه التحركات العسكرية في منطقة الجنوب الغربي"، حيث وصفها بأنها "غير شرعية وتجري خارج نطاق الأطر الرسمية والشرعية ممثلة في القائد الأعلى للجيش الليبي والجهات العسكرية المختصة".
وحذر المجلس من "العودة إلى الصراع المسلح الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار ومساعي توحيد المؤسسة العسكرية، ويقود إلى انهيار العملية السياسية".
سيناريو 2019..
وفي عام 2019، قادت قوات المشير خليفة حفتر هجومات عسكرية بمناطق عديدة من الغرب الليبي بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس في حرب استمرت عدة أيام، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك الهدف.
ويقول الخبير السياسي والاستراتيجي، محمود إسماعيل الرميلي إن "خليفة حفتر يسعى حاليا إلى تكرار نفس التجربة، حيث يحاول الوصول إلى السلطة، قبل أن يدركه الموت"، مؤكدا أن "تحركاته العسكرية التي أعلنها اليوم ترمى إلى هذا الهدف".
وأضاف المتحدث في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "ظروف عديدة تهيأت لحفتر الآن لم تكن متاجة له في وقت سابق، جعلته يتحرك الآن، مثل ضعف المؤسسات الرسمية الموجود في غرب البلاد، وانتشار الانقسامات في صفوفها، خاصة بعد الذي وقع في انتخابات رئيس المجلس الأعلى للدولة".
وأفاد الرميلي بأن "حفتر يريد هذه المرة بسط كامل نفوذه علرى الحدود الغربية للبلاد حتى يكون المفاوض الرسمي والوحيد باسم الملف الليبي مع دول الجوار، خاصة الجزائر وتونس اللتين ترفضان الاعتراف به".
الحرب والجمود..
ويأتي هذا التشنج الأمني والعسكري الجديد في ليبيا في وقت تشهد فيه العملية السياسية تعثرا كبيرا دفع بالعديد من الأطراف إلى التساؤل عن مستقبل مشروع التسوية الانتخابية في البلاد، خاصة بعد الصراع الأخير الذي نشب داخل المجلس الأعلى للدولة بشأن انتخاب رئيس جديد لهذه الهيئة الاستشارية.
تعليقا على الأمر، يقول الناشط والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية، أسعد ازهيو "عندما يتعطل الحل لما يجري في ليبيا من خلال أرضية توافقية يشارك فيها الجميع، فالمؤكد أن المكان سيكون للمباردات الفردية، وتحركات القوات العسكرية التابعة للمشير حفتر تدخل في هذا الإطار".
وأضاف في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "المشهد الليبي يعاني من حالة فراغ فظيع، وهو أمر يعزز التحركات الفردية في ظل انتشار حالة القلق عند أغلب المواطنين بخصوص مستقبل البلاد وما قد يحدث فيها مستقبلا، خاصة مع استمرار الصراع السياسي والانقسامات وسط المؤسسات الرسمية".
وأضاف ازهيو "صار من التقليد والمعمول به في ليبيا أن الاشتباكات المسلحة وحالة الحرب هي التي تسمح بتجاوز مرحلة الجمود وإقامة نوع من التغيير"، مشيرا إلى أن "حكومة الوفاق جاءت بعد عمليات عسكرية نفذتها قوات الفجر الليبي، ونفس الأمر بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها بعد هجوم 2019 على العاصمة طرابلس".
وأفاد المتحدث "لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيقع في البلاد في ظل التحركات العسكرية الجديدة، فقد تسهم في إيجاد الحل كما أنها قد تعقد الوضع أكثر مما هو عليه الآن".
المصدر: أصوات مغاربية