قوات تابعة لخليفة حفتر - أبريل 2019
قوات تابعة لخليفة حفتر - أبريل 2019

تحيي تحركات مجموعات عسكرية تابعة لرجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر باتجاه مناطق في الجنوب الغربي تسيطر عليها حكومة طرابلس المعترف بها من الأمم المتحدة، شبح الحرب الأهلية بعد أربع سنوات من وقف إطلاق النار.

وأوردت قناة "ليبيا الأحرار" الخميس نقلا عن مصدر من رئاسة الأركان العامة أن "معاون رئيس الأركان الفريق صلاح النمروش أعطى تعليماته لوحدات الجيش برفع درجة الاستعداد لصد أي هجوم محتمل" في الجنوب الغربي. 

وتعاني ليبيا من انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤونها حكومتان: الأولى معترف بها دوليا في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر ومعقله مدينة بنغازي. 

وشن حفتر بدعم عسكري من حلفائه (روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة) هجوما واسعا في الفترة من أبريل 2019 إلى يونيو 2020 للسيطرة على طرابلس.

وتمكنت قوات حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا، من إبقائه على أطراف المدينة، قبل انسحاب قواته بالكامل إلى الجفرة وسرت وسط ليبيا.

رغم استمرار الخلافات السياسية وتحولها في كثير من الأحيان إلى اشتباكات دامية بين جماعات مسلحة، فإن وقف إطلاق النار المبرم في أكتوبر 2020 بعد فشل هجوم قوات حفتر ما يزال صامدا إلى حد كبير.

والخميس، قال المجلس الأعلى للدولة ومقره في طرابلس وهو يعمل بمثابة غرفة ثانية للبرلمان، إنه يتابع "بقلق بالغ التحركات العسكرية الأخيرة في منطقة الجنوب الغربي من قبل قوات حفتر خلال اليومين الماضيين، في مسعى فاضح وواضح لزيادة النفوذ والسيطرة على مناطق استراتيجية مهمة مع دول الجوار". 

وأضاف المجلس في بيان "هذه التحركات قد ينتج عنها العودة إلى الصراع المسلح الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار" المبرم عام 2020، ويقوض "مساعي توحيد المؤسسة العسكرية، ويقود إلى انهيار العملية السياسية".

مطار غدامس

يقول الخبير في الشؤون الليبية في مركز "المجلس الأطلسي" للأبحاث عماد بادي إن "غرب ليبيا غارق الآن في اضطرابات كبيرة في سياق حشد (قوات) حفتر، الذي ينظر إليه البعض على أنه مقدمة لهجوم محتمل على طرابلس".

ووفق محللين آخرين ووسائل إعلام محلية، فإن الهدف من هذه التعبئة هو السيطرة على مطار مدينة غدامس، الواقع على بعد 650 كيلومترا جنوب غرب طرابلس، والخاضع حاليا لسيطرة حكومة الدبيبة.

ويقدر بادي أن سيطرة القوات الموالية لحفتر على غدامس، وهي منطقة استراتيجية عند تقاطع حدود ليبيا مع الجزائر وتونس، "سيمثل انهيار وقف إطلاق النار لعام 2020".

وأوردت قناة "ليبيا الأحرار" منذ الأربعاء أن قوات تابعة للمشير حفتر "تتجه نحو جنوب غرب ليبيا"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. 

سيكون للسيطرة على غدامس "العديد من الفوائد" لمعسكر حفتر، ومنها "منع أي تحرك (لأنصار الدبيبة) نحو الجنوب، وعزل الدبيبة، وتجريد عماد الطرابلسي (وزير داخليته) من ميزة" السيطرة على هذه المنطقة الحدودية، وفق ما قال الباحث في "المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة" جلال حرشاوي لوكالة فرانس برس.

ويرى حرشاوي أن قوات حفتر "تطمع منذ عدة سنوات" في مطار غدامس والمناطق المحيطة به لأن السيطرة عليه "من شأنها أن تعزز بشكل كبير وضع حفتر الإقليمي في مواجهة الجزائر وتونس والنيجر" بعد بسط سيطرته على الجنوب بأكمله من الشرق إلى الغرب.

وأعلنت القوات التي يقودها صدام حفتر، نجل المشير حفتر، الثلاثاء عن "عملية عسكرية" تهدف رسميا إلى "تأمين الحدود الجنوبية للبلاد وتعزيز الأمن القومي واستقرار البلاد في هذه المناطق الاستراتيجية" و"نشر دوريات" لمراقبة الشريط الحدودي مع دول الجوار. 

ولليبيا حدود مع السودان من الجنوب الشرقي، وتشاد من الجنوب، والنيجر من الجنوب الغربي، والجزائر من الغرب، وتونس من الشمال الغربي.

  • المصدر: أ ف ب

مواضيع ذات صلة

صناعة الطيران بالمغرب
صناعة الطيران بالمغرب

بعد أن ضمن مركزه ضمن الدول الـ20 المصنعة لأجزاء الطائرات، بدأ المغرب يتطلع لصناعة طائرة كاملة بحلول عام 2030 مستفيدا من الخبرات التي راكمها طيلة السنوات الأخيرة من خلال شراكاته مع عدد من الفاعلين الدوليين في المجال.

هذا التحدي أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، بمجلس النواب (الغرفة الأولى) في ماي الماضي، ضمن مسعى جديد لترسيخ مكانة الرباط كأحد أبرز الوجهات الرئيسية في صناعة الطيران.

وقال حينها إن "المغرب يقوم بصناعة أصعب المكونات التي يحتاجها قطاع الطيران، وهناك طموح مشروع اليوم، لإنتاج أول طائرة ستقلع من المغرب.. سيتم تجميع جميع أجزائها في المملكة.. هذا هو الهدف الذي يعمل المغرب لتحقيقه".

ويأتي هذا التصريح لينضاف للازمة يرددها المسؤولون المغاربة في اجتماعاتهم مع كبار المستثمرين الأجانب وهي أن المغرب حقق نجاحا في صناعة الطائرات حتى باتت "كل طائرة تجارية تحلق في السماء تضم على الأقل قطعة واحدة تم تصنيعها بالمغرب".

وتستند هذه التصريحات إلى تقارير وطنية ودولية أكدت تحول المملكة في العشرين سنة الماضية إلى منصة دولية لإنتاج وصناعة أجزاء الطائرات وباتت صادرات القطاع تحقق ملياري دولار سنويا.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الصرف (مؤسسة مغربية رسمية) حقق قطاع صناعة الطائرات خلال النصف الأول من العام الجاري نموا بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وذكر التقرير أن صادرات القطاع بلغت 15.34 مليار درهم (1.5 مليار دولار) نتيجة ارتفاع مبيعات التجميع بـ32 في المائة ومبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية بنسبة 2.2 في المائة.

وبلغ مجموع الشركات المستثمرات في القطاع أزيد من 142 شركة باندماج محلي يزيد عن 40 في المائة، ويعمل في هذه الوحدات الصناعية 20 ألف عامل مؤهل، 42 في المائة منهم نساء، وفق معطيات رسمية.

قوانين واستقطاب

وخلال العشرين سنة الماضية، زادت الاستثمارات الأجنبية في القطاع ما دفع المغرب مؤخرا إلى مواكبة هذا التطور، باعتماد قوانين جديدة.

وصادقت الحكومة المغربية في أبريل الماضي على مشروع مرسوم يتعلق بتصميم الطائرات وإنتاجها، يتم بموجبه تحديد معايير تصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها.

ويحدد هذ المشروع المواصفات التقنية التي يتعين احترامها من قبل الراغبين في الحصول على الاعتماد الذي تسلمه السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني، من أجل اتصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها بالمغرب، وفق بيان لوزارة النقل واللوجستيك المغربية.

وينقسم نشاط الشركات العاملة في القطاع بين شركات متخصصة في صناعة الأسلاك الكهربائية للاتصال البيني، وشركات متخصصة في الصيانة والإصلاح والفحص وأخرى تنشط في مجال هندسة الطائرات.

ومن بين تلك الشركات، شركة سافران الفرنسية الرائدة في مجال صناعة محركات الطائرات التي تتوفر وفق وزارة الصناعة المغربية، على أكبر موقع إنتاجي لصناعة الطيران بالمغرب.

ومنها أيضا شركة بوينغ الأميركية التي زادت من مستوى حضورها بالمغرب في ماي الماضي بمنح شركة كندية تستقر بالمغرب شهادة التوريد، مما سيسمح للأخيرة بتزويد بوينغ بالأجزاء المصنعة لطائراتها.  

كما قررت شركة "هيكسيل" الأميركية لصناعة هياكل الطائرات أن تزيد من مساحة مصنعها بالمغرب، وقالت في تصريحات عام 2021 إن القرار راجع لليد العاملة المؤهلة ولمناخ الاستثمار الذي توفره المملكة للشركات الأجنبية.

ورفعت الشركة من مساحة مصنعها الواقع في المنطقة الحرة "ميد بارك" بالدار البيضاء لتصل إلى 24 ألف متر مربع، كما قررت الرفع من عدد العاملين في المصنع إلى 400 مستخدم، بحلول عام 2023.

بدورها، تعتمد شركة إيرباص الأوروبية على المغرب مؤخرا للرفع من انتاجها، وباتت طائرتها تضم أكثر من 140 مكونا تم تصنيعه بالمغرب، وفق ما أكده هادي عاكوم، نائب رئيس المبيعات لأفريقيا في إيرباص في تصريحات صحفية.

وتستفيد هذه الشركات من الموقع الاستراتيجي للمغرب القريب من أوروبا، وأيضا من توفر البلاد على شبكة مواصلات تربط نقاط الإنتاج بميناء طنجة المتوسط.

تلعب الحوافز الضريبية أيضا دورا محوريا في تشجيع المصنعين على الانضمام إلى هذه السوق، إلى جانب توفر المغرب على أزيد من 20 ألفا من اليد العاملة المؤهلة.

تحديات في الأفق

مقابل ذلك، تواجه القطاع تحديات جمة مرتبطة بتقلبات السوق الدولية ونقص اليد العاملة المؤهلة، وأيضا الضغوط التي باتت تفرضها المنظمات الناشطة في مجال البيئة على الشركات العاملة في القطاع.

ويواجه قطاع الطيران المغربي منافسة شرسة من دول أخرى تسعى هي الأخرى إلى تحقيق الغاية نفسها، استمالة واستقطاب كبار المصنعين حول العالم كمصر والإمارات والسعودية ودول أخرى من أفريقيا جنوب الصحراء.

ويسعى المغرب في المرحلة القادمة إلى الرفع من معدل اندماج صناعاته وتعزيز وتقوية سلاسل التوريد، ضمن جهود أخرى تبذل لمواجهة تلك التحديات.

المصدر: أصوات مغاربية