تقارير

ليبيا.. قرار برلماني حول الجيش والحكومة يفاقم الانقسام السياسي

14 أغسطس 2024

تفاقم الانقسام السياسي في ليبيا بسبب "الصراع الطارئ" الذي نشب بين معسكر بنغازي (شرق) وحكومة الغرب في طرابلس على خلفية إعلان مجلس النواب (شرق)، الثلاثاء، إنهاء ولاية السلطة التنفيذية، ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية، مع تجريد المجلس الرئاسي من صلاحيات قيادة الجيش.

وقد أثار القرار الجديد الذي أعلنته الهيئة التشريعية تساؤلات جديدة حول مستقبل الصراع في هذا البلد المغاربي الذي يعيش أزمة متعددة الأوجه والأبعاد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011.

وكشف الملحق الإعلامي لمجلس النواب، عبد الله بليحق، في بيان نشره عبر صفحته بموقع فيسبوك،  عن "اختيار السلطة التنفيذية التي يقودها أسامة حماد بالشرق الليبي كحكومة شرعية إلى غاية تشكيل حكومة جديدة مع اعتبار رئيس الهيئة التشريعية عقيلة صالح قائد قائدا أعلى للجيش".  

واختلفت مواقف الفرقاء السياسيين والعسكريين في ليبيا بخصوص القرارات الجديدة لمجلس النواب حيال ما يجري في الساحة المحلية.

في السياق، رحبت القيادة العامة لـ "لقوات المسلحة العربية الليبية"، (بنغازي) بإلحاق صلاحيات إدارة الجيش الليبي برئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بعدما وصفته بـ"صاحب الشرعية الدستورية والمُنتخب الوحيد من قبل الشعب".

بالمقابل، قالت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة إن "قرارات مجلس النواب لا تغير من الواقع شيئا، وهي عبارة عن بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي يصارع من أجل تمديد سنوات تمتُّعه بالمزايا".

وأضافت في بيان أنها "تتعامل مع هذه البيانات المتكررة على أنها رأي سياسي غير ملزم، وشكل من أشكال حرية التعبير لأحد الأطراف السياسية، التي تؤمن بها الحكومة وتكفلها لكل الأطراف والمواطنين على حد سواء".
 

  

وقد تزامن القرار الجديد مع تطورات متسارعة يعرفها المشهد الأمني، منذ نهاية الأسبوع الماضي، حيث استنفر المشير خليفة حفتر قواته البرية بمناطق تقع بالجنوب الغربي، إضافة إلى اشتباكات مسلحة عاشتها مناطق قريبة من العاصمة طرابلس.

وفي الشرق الليبي، تبدي العديد من الأوساط مخاوف كبيرة من انتشار نشاط المليشيات والجماعات المسلحة في العاصمة طرابلس والمدن المجاورة لها، وفق مات يؤكده رئيس الائتلاف الأميركي الليبي، فيصل الفيتوري.

 

ويقول الفيتوري في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "حكومة الوحدة الوطنية فشلت بشكل كبير في السيطرة على الوضع الأمني، كما تطرح علاقاتها ببعض التنظيمات المسلحة علامات استفهام كبيرة".

من جهته أكد العضو في مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، أن "قرار إعادة منصب القائد الأعلى للجيش إلى رئيس مجلس النواب يهدف إلى وضع حد لفوضى المليشيات".

وأضاف في تصريحات إعلامية أن "المجلس الرئاسي فشل في الاضطلاع بمهام القائد الأعلى للجيش، في ظل استمرار وجود ميليشيات تروع المواطنين".

الرئاسي يتهم...

والمجلس الرئاسي الليبي هو مؤسسة سياسية مكلفة بإدارة البلاد وتسيير شؤونها بموجب اتفاق موقع في العاصمة طرابلس في ديسمبر 2015، وتتألف من ثلاثة أعضاء يمثلون الأقاليم الثلاثة في البلاد (طرابلس، بنغازي وفزان).

ومن صلاحياته الإشراف على الحكومة والشؤون الداخلية والخارجية للبلاد، إضافة إلى المهام المتعلقة بالجيش.

وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إن "صفة القائد الأعلى للجيش التي منحت لهذه الهيئة هي صفة رمزية لمنع الحرب وعدم استخدامها في حروب سياسية"، مؤكدا أن "قوات الجيش في الشرق لا تأتمر بأوامر الرئاسي".

وهاجم الكوني في ندوة صحافية، الأربعاء، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث اتهمها بـ "الإخلال بوعودهما في إجراء الانتخابات بهدف البقاء في السلطة  وعدم التنازل عن الكرسي".

وأضاف "جميعنا كمسؤولين، وسياسيين ليبيين، نتحمل مسؤولية الصراع والأزمات، التي يعيشها الوطن لإننا لم نستطع إنهاء أسبابها، وفقد المواطن الأمل في جميع المسؤولين، الذين يتشبثون بالسلطة على حساب وحدة الدولة".

الأزمة والحلول..

بالمقابل، حمل المحلل السياسي، محمود الرميلي، مسؤولية التشظي المستمر  بين مختلف المؤسسات والأجسام الفاعلة إلى بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالملف الليبي.

وقال الرميلي في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، "يجب مطالبة الأمم المتحدة من خلال بعثتها بمطلب واحد يتمثل في تحديد موعد نهائي لإنهاء  الاعتراف الدولي بالأجسام السياسية الحالية لإجبار جميع هؤلاء الفاعلين على الرضوخ واعتبارهم مواطنين عادين  مغتصبين للسلطات".

وأضاف "لو استفتى الليبيون بشأن هده الأجسام لكان رفض وجودهم هو المطلوب..  إنها صنيعة  المجتمع الدولي المتدخل في ليبيا، الذى  ظل يعترف بمجلس نواب منتهي الصلاحية وأجسام ميتة".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية