ليبيا.. قرار برلماني حول الجيش والحكومة يفاقم الانقسام السياسي
تفاقم الانقسام السياسي في ليبيا بسبب "الصراع الطارئ" الذي نشب بين معسكر بنغازي (شرق) وحكومة الغرب في طرابلس على خلفية إعلان مجلس النواب (شرق)، الثلاثاء، إنهاء ولاية السلطة التنفيذية، ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية، مع تجريد المجلس الرئاسي من صلاحيات قيادة الجيش.
وقد أثار القرار الجديد الذي أعلنته الهيئة التشريعية تساؤلات جديدة حول مستقبل الصراع في هذا البلد المغاربي الذي يعيش أزمة متعددة الأوجه والأبعاد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011.
وكشف الملحق الإعلامي لمجلس النواب، عبد الله بليحق، في بيان نشره عبر صفحته بموقع فيسبوك، عن "اختيار السلطة التنفيذية التي يقودها أسامة حماد بالشرق الليبي كحكومة شرعية إلى غاية تشكيل حكومة جديدة مع اعتبار رئيس الهيئة التشريعية عقيلة صالح قائد قائدا أعلى للجيش".
واختلفت مواقف الفرقاء السياسيين والعسكريين في ليبيا بخصوص القرارات الجديدة لمجلس النواب حيال ما يجري في الساحة المحلية.
في السياق، رحبت القيادة العامة لـ "لقوات المسلحة العربية الليبية"، (بنغازي) بإلحاق صلاحيات إدارة الجيش الليبي برئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بعدما وصفته بـ"صاحب الشرعية الدستورية والمُنتخب الوحيد من قبل الشعب".
بالمقابل، قالت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة إن "قرارات مجلس النواب لا تغير من الواقع شيئا، وهي عبارة عن بيانات ومواقف صادرة عن طرف سياسي يصارع من أجل تمديد سنوات تمتُّعه بالمزايا".
وأضافت في بيان أنها "تتعامل مع هذه البيانات المتكررة على أنها رأي سياسي غير ملزم، وشكل من أشكال حرية التعبير لأحد الأطراف السياسية، التي تؤمن بها الحكومة وتكفلها لكل الأطراف والمواطنين على حد سواء".
وقد تزامن القرار الجديد مع تطورات متسارعة يعرفها المشهد الأمني، منذ نهاية الأسبوع الماضي، حيث استنفر المشير خليفة حفتر قواته البرية بمناطق تقع بالجنوب الغربي، إضافة إلى اشتباكات مسلحة عاشتها مناطق قريبة من العاصمة طرابلس.
وفي الشرق الليبي، تبدي العديد من الأوساط مخاوف كبيرة من انتشار نشاط المليشيات والجماعات المسلحة في العاصمة طرابلس والمدن المجاورة لها، وفق مات يؤكده رئيس الائتلاف الأميركي الليبي، فيصل الفيتوري.
ويقول الفيتوري في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن "حكومة الوحدة الوطنية فشلت بشكل كبير في السيطرة على الوضع الأمني، كما تطرح علاقاتها ببعض التنظيمات المسلحة علامات استفهام كبيرة".
من جهته أكد العضو في مجلس النواب، عبد المنعم العرفي، أن "قرار إعادة منصب القائد الأعلى للجيش إلى رئيس مجلس النواب يهدف إلى وضع حد لفوضى المليشيات".
وأضاف في تصريحات إعلامية أن "المجلس الرئاسي فشل في الاضطلاع بمهام القائد الأعلى للجيش، في ظل استمرار وجود ميليشيات تروع المواطنين".
الرئاسي يتهم...
والمجلس الرئاسي الليبي هو مؤسسة سياسية مكلفة بإدارة البلاد وتسيير شؤونها بموجب اتفاق موقع في العاصمة طرابلس في ديسمبر 2015، وتتألف من ثلاثة أعضاء يمثلون الأقاليم الثلاثة في البلاد (طرابلس، بنغازي وفزان).
ومن صلاحياته الإشراف على الحكومة والشؤون الداخلية والخارجية للبلاد، إضافة إلى المهام المتعلقة بالجيش.
وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، إن "صفة القائد الأعلى للجيش التي منحت لهذه الهيئة هي صفة رمزية لمنع الحرب وعدم استخدامها في حروب سياسية"، مؤكدا أن "قوات الجيش في الشرق لا تأتمر بأوامر الرئاسي".
وهاجم الكوني في ندوة صحافية، الأربعاء، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث اتهمها بـ "الإخلال بوعودهما في إجراء الانتخابات بهدف البقاء في السلطة وعدم التنازل عن الكرسي".
وأضاف "جميعنا كمسؤولين، وسياسيين ليبيين، نتحمل مسؤولية الصراع والأزمات، التي يعيشها الوطن لإننا لم نستطع إنهاء أسبابها، وفقد المواطن الأمل في جميع المسؤولين، الذين يتشبثون بالسلطة على حساب وحدة الدولة".
الأزمة والحلول..
بالمقابل، حمل المحلل السياسي، محمود الرميلي، مسؤولية التشظي المستمر بين مختلف المؤسسات والأجسام الفاعلة إلى بعثة الأمم المتحدة المكلفة بالملف الليبي.
وقال الرميلي في تدوينة على حسابه بموقع "فيسبوك"، "يجب مطالبة الأمم المتحدة من خلال بعثتها بمطلب واحد يتمثل في تحديد موعد نهائي لإنهاء الاعتراف الدولي بالأجسام السياسية الحالية لإجبار جميع هؤلاء الفاعلين على الرضوخ واعتبارهم مواطنين عادين مغتصبين للسلطات".
وأضاف "لو استفتى الليبيون بشأن هده الأجسام لكان رفض وجودهم هو المطلوب.. إنها صنيعة المجتمع الدولي المتدخل في ليبيا، الذى ظل يعترف بمجلس نواب منتهي الصلاحية وأجسام ميتة".
المصدر: أصوات مغاربية