نساء موريتانيات في سوق بالعاصمة نواكشوط (أرشيف)
نساء موريتانيات في سوق بالعاصمة نواكشوط (أرشيف)

رغم الجهود المبذولة مؤخرا في موريتانيا للقضاء على ختان الإناث، إلا أن الظاهرة ما تزال منتشرة في هذا البلد المغاربي، وفق أحدث دراسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

وذكرت الدراسة التي نشرت، الثلاثاء، أن 58 في المائة من النساء الموريتانيات أكدن خضوعهن للختان قبل سن الخامسة، مشيرة إلى أن 79 في المائة من هذه العمليات تجرى بطرق تقليدية.

وأورد المصدر ذاته أن 59 في المائة من حالات الختان في موريتانيا تتخذ الأم قرارها، وأن هذه الظاهرة مستمرة في البلاد وتحظى بتأييد 38 في المائة من النساء و49 في المائة من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و49 عاما.

مع ذلك، سجلت الدراسة تراجعا ملحوظا في حالات الختان في موريتانيا مقارنة بالسنوات السابقة، موضحة أن نسبة انتشارها بين النساء والفتيات تراجعت من 71 في المائة عام 2006 إلى 64 في المائة عام 2021.

لكن القضاء على هذه الظاهرة يتطلب، وفق المنظمة نفسها، أن تضاعف موريتانيا جهودها "20 مرة" إذا ما أرادت البلاد القضاء عليها كليا بحلول عام 2030.

وخلق 34 رجل ديني موريتاني الحدث عام 2010 بإعلانهم إصدار فتوى تمنع ختان الإناث وتعتبرها ظاهرة ضارة للفتيات.

وأعلنت الحكومة الموريتانية في السنوات الأخيرة عن برامج للقضاء على ظاهرة "الخفاض" أو ختان الإناث، وذلك بدعم من منظمات أممية أبرزها صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة اليونيسيف.

"مشكلة صحية واجتماعية"

تعليقا على جهود بلادها للقضاء على الظاهرة، وصفت الناشطة الحقوقية زينب الطالب موسى، رئيسة الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل، ظاهرة ختان الإناث بـ"المشكلة الصحية والاجتماعية"، مؤكدة حصول تطور في احتواء الظاهرة في السنوات الأخيرة.

واعتبرت موسى، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه الظاهرة ورغم انتشارها في موريتانيا بنسبة 66 في المائة إلا أنها أخذت في التراجع مؤخرا بعد "جهود كبيرة" تقودها الحكومة بالتعاون مع المنظمات الدولية.

وأردفت "بدأت تتلاشى شيئا فشيئا ولكنها مستمرة، وهي مشكلة اجتماعية تستدعى تغيير العقليات لأن القانون وحده لا يكفي لاحتوائها دون برامج جادة".

وأفادت الناشطة الحقوقية بأن الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة وخاصة بعد الفتوى التي أصدرها العلماء عام 2010، ساهمت بشكل كبير في إقناع البعض بأهمية القضاء على هذه الظاهرة.

وبحسب زينب "هي ظاهرة سلبية تسبب مشاكل صحية واجتماعية للمرأة ومن الطابوهات التي يرفض البعض الخوض فيها، ولكن الجهود التي تبذلها موريتانيا مع الشركاء الدوليين نجحت في تقليص انتشارها وأصبح البعض يراها عادة سيئة".

وأضافت "نتمنى أن تستمر هذه الجهود حتى تتمكن بلادنا من القضاء عليها بحلول عام 2030، ولن يتحقق ذلك في اعتقادي دون جعل هذه الظاهرة ضمن أولويات الدولة وضمن أولويات شراكتها مع المنظمات الدولية".

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

 البنك المركزي التونسي
البنك المركزي التونسي

رفعت وكالة "فيتش رايتنغ" للتصنيف الائتماني، الإثنين، تصنيف تونس للديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية، في خطوة قال خبراء إنها ستنعكس على الوضع الاقتصادي للبلد.

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن هذا "التحسن الإيجابي"، بالانتقال من تصنيف CCC- إلى  CCC+، مردّه تحسن قدرة تونس على تلبية تعهداتها المالية الخارجية للفترة ما بين 2024 و2025.

وأشارت إلى أن التصنيف الجديد "يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجاتها المالية، وذلك بفضل الاحتياطات الدولية الكافية إضافة إلى انخفاض خطر السيولة الخارجي والاقتراض الداخلي".

وتوقعت فيتش في تقريرها أن تبلغ احتياجات تونس التمويلية 18 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2024، على أن تظل أعلى من 14 بالمائة حتى 2026.

ويأتي التصنيف الائتماني الجديد لتونس في ظرف يواجه فيه هذا البلد المغاربي صعوبات في الحصول على تمويلات من الصناديق المالية العالمية، وهو ما أثار النقاش بشأن دلالاته ومدى مساهمته في إرجاع تونس ثقة الأسواق المالية الدولية.

منطقة الخطر

"التصنيف السيادي الجديد لتونس مؤشر إيجابي يعكس بعمق نجاح السياسة المالية التي اعتمدتها الدولة التونسية من خلال التعويل على الذات في مواجهة الصعوبات الاقتصادية وتسديد الديون الخارجية"، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي، ماهر بلحاج، معلقا علعى تقرير "فيتش رايتنغ".

ويضيف المتحدث، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن المؤشرات الاقتصادية التي حققتها تونس خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مقارنة بالوضع الاقتصادي لسنتي 2017 و2018، تجعل تونس "تتجاوز مربع الدول عالية المخاطر من حيث القدرة على تسديد الديون"، مؤكدا أنه "كان يفترض تصنيفها في مستوى B+".

ويتفق بلحاج على أن التصنيف قد يساعد إلى استعادة تونس ثقة المانحين، متوقعا أن تصير المفاوضات مع الصناديق الدولية المانحة "أيسر" مقارنة بالفترات السابقة، وذلك بالنظر "الاستقرار المالي الذي تعيشه تونس وكذلك تواصل ارتفاع مخزون البلاد من العملات الأجنبية إلى مستوى آمن أي ما يعادل 118 يوم توريد".

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن تونس "ستواصل سياسة التعويل على الذات دون التفاوض مع صندوق النقد الدولي"، مشددا على أن هذه السياسة "لا تقوم على الاقتراض الخارجي من أجل تسديد الديون بل لتوجيهها في دفع الاستثمار وتحقيق النمو".

ويتابع موضحا وجهة نظره "الحديث على أن تونس لجأت إلى الاقتراض الداخلي وقلصت من فرص الاستثمار وقللت من استيراد المواد الأساسية لا معنى له، لأن 70 بالمائة من عجز الميزان التجاري متأتّ من الطاقة التي شهدت أسعارها ارتفاعا".

تفاؤل حذر

في مقابل ذلك، يقول الأستاذ في الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، إنه رغم تسجيل تحسن في الترقيم السيادي لتونس إلاّ أن بقاء البلد ضمن الدول عالية المخاطر لا يسمح له بالولوج إلى السوق المالية الدولية.

ويوضح الشكندالي في حديثه لـ "أصوات مغاربية" أن وكالة "فيتش رايتنغ" اعتمدت أساسا على تحسن المؤشرات المالية لتونس، وضمنه تحسن الموجودات من العملة الصعبة، والقدرة على سداد الديون خاصة منها الخارجية، وتحسن الميزان التجاري، إلاّ أن ذلك لا يجب أن يحجب حسب رأيه "الكلفة الاقتصادية الباهظة وهي الانكماش الاقتصادي وتفاقم معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وهو ما يهم فعلا التونسيين".

ويشير في السياق ذاته إلى أن تحسن التوازنات الخارجية التي اعتمدتها الوكالة لتحسين الترقيم السيادي لتونس كان على حساب تزويد السوق الداخلية بما يلزم من مواد غذائية أساسية وأدوية، خاصة ما يلزم المؤسسات الاقتصادية من مواد أولية ونصف مصنعة ضرورية للإنتاج.

لكن ما علاقة تحسن التصنيف بالمستوى المعيشي للتونسيين؟

توضيحا لذلك، يبرز المتحدث أن وكالات التصنيف الائتمائي تعمل على مراقبة قدرة الدول على سداد ديونها، وبالتالي تقديم صورة للمقرضين عن الوضع المالي لهذه الدول، وهو ما يعني أن التقرير الصادر ليس موجها لتونس بقدر ما هو موجه للصناديق المالية الدولية.

بمعنى آخر، يرى رضا الشكندالي أن الحكومة التونسية أن تستغل تحسن التصنيف إلى "الاشتغال على تحسين الوضع المعيشي للتونسيين وتحسين قدرتهم الشرائية والتحكم في مستوى الأسعار وتوفير مواطن الشغل".


المصدر: أصوات مغاربية