داخل مكتب تصويت بالجزائر خلال انتخابات ماي الماضي
داخل مكتب تصويت بالجزائر خلال انتخابات سابقة

دعا حزبا جبهة العدالة والتنمية والاتحاد من أجل الرقي والتغيير إلى التصويت بورقة بيضاء خلال الانتخابات الرئاسية المرتقب إجراؤها في السابع سبتمبر الجاري، وذلك تزامنا مع انتهاء الحملة الانتخابية أمس الثلاثاء.

وطلب العدالة والتنمية من الجزائريين "ممارسة حقهم في الاقتراع والتصويت بالورقة البيضاء للتعبير عن حالة الرفض لسياسة فرض الأمر الواقع، وللسلوكيات والمواقف المشوهة والضارة بالعمل السياسي عامة، وبالفعل الانتخابي خاصة، والمساهمة في زرع اليأس"، وفق بيان الحزب.

وأشار المصدر إلى أن هذا الموقف جاء خلاصة لاجتماع عقده المكتب الوطني للحزب السبت الماضي في الجزائر العاصمة، وناقش فيه "مجريات الحملة الانتخابية والسلوكيات المسجلة خلالها"، مضيفا أنه "تأكد لديه أن الفئة الغاضبة والرافضة وغير المهتمة بالعملية الانتخابية تجد لها مبررات إضافية لموقفها هذا، وأن سياسة الهروب إلى الأمام ستساهم في تقويض أسس الديمقراطية التشاركية وتزعزع استقرار البلد".

وفي السياق نفسه، لم يختلف موقف رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير، زبيدة عسول، عن حزب العدالة والتنمية، فقد دعت عبر حسابها بفيسبوك الناخبين إلى التصويت بورقة بيضاء يوم 7 سبتمبر، دون أن تضيف تفاصيل عن أسباب موقفها.

ويتنافس في هذه الانتخابات الرئيس عبد المجيد تبون الذي يسعى للظفر بولاية ثانية، ومرشح جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، رفقة مرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني.

وانطلقت، اليوم الأربعاء، عملية اقتراع البدو الرحل بالمناطق الصحراوية الجنوبية والنائية من البلاد عبر المكاتب المتنقلة، وذلك عقب إسدال الستار، أمس الثلاثاء، عن الحملة الانتخابية في الجزائر التي دامت 21 يوما، تنافس خلالها المرشحون الثلاثة، مشددين على أهمية المشاركة بقوة يوم الاقتراع.

كما شرع أفراد الجالية الجزائرية بالخارج في عملية التصويت الإثنين الماضي. 

مسعى التموقع السياسي

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة، أن المواقف المطالبة بالتصويت بورقة بيضاء في رئاسيات السابع من سبتمبر الجاري هي "سعي للتموقع في المشهد السياسي وإثبات الذات السياسية للحزبين"، في إشارة إلى جبهة العدالة والتنمية والاتحاد من أجل الرقي والتغيير.

وأضاف "بعد أن أصبحت الدعوة إلى مقاطعة الانتخاب جريمة يعاقب عليها القانون، لم يكن لمعارضي الرئاسيات مجال آخر سوى الترويج للتصويت بالورقة البيضاء".

وتابع بوقاعدة تصريحه لـ"أصوات مغاربية" مشيرا إلى أنه "لم يكن للحزبين خيار سوى هذا المسلك، حتى يتسنى لهما احتساب الكتلة التي ستصوت بالورقة البيضاء لوعائهما الانتخابي".

وفي تقدير المتحدث، فإن مثل هذه النداءات "لا يمكن اعتبارها مكسبا سياسيا لأي طرف"، مرجعا ذلك إلى أن الحزبين "لم يقوما بأي نشاط ترويجي لدعوتهما خلال الحملة الانتخابية أو تقديم التبريرات السياسية لخياراتهما أمام الجمهور".

رهان نسبة المشاركة

وبخلاف ذلك، يؤكد المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن الدعوة للتصويت بالورقة البيضاء يوم السبت القادم "هي مشاركة سلبية، لكنها ترفع من نسبة المشاركة في الاستحقاق الرئاسي".

واعتبر بن حمو في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن هذه المشاركة من "الطرق السلمية التي تعبر عن رأي سياسي معارض لكنه مشارك"، مضيفا أنه "اختيار سياسي يجب احترامه، وهو أحسن من دعوات المقاطعة التي تعزل المواطن عن الحياة السياسية وتفاعلاتها".

وحسب المتحدث فإن "التصويت بالورقة البيضاء خلال الانتخابات الرئاسية "لا يمثل التيارين الإسلامي والديموقراطي، بحكم مشاركة أحزاب من هذين التيارين في الانتخابات وضمن حملة المترشحين الثلاثة، لكنه مفيد من حيث دعم مشاركة الناخبين".

 

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر
خطر الإرهاب يتهدد منطقة الساحل وضمنها الجزائر

تمر الإثنين 16 سبتمبر 25 سنة على "استفتاء الوئام المدني" الذي أقرته الجزائر "آلية للمصالحة" مع الجماعات المتشددة.

وتتزامن الذكرى مع فوز الرئيس عبد المجيد تبون بولاية ثانية، وهو الذي كان قد أمر الحكومة بـ"إعادة النظر في قانون 'لم الشمل' لفائدة الأشخاص الذين سلموا أنفسهم"، في أغسطس 2022، إلا أن القانون لم الجديد يصدر بعد.

وعول الرئيس الجزائري على قانون "لم الشمل" لتحديد طرق التعامل مع المتشددين الذين يسلمون أنفسهم، وذلك بعد انقضاء الحيز الزمني لتطبيق قانون "الوئام المدني"، وفق بيان لمجلس الوزراء آنذاك.

وسبق لتبون أن أعلن في لقاء دوري مع وسائل إعلام محلية نهاية يوليو 2022 أن هذه المبادرة "ستكون امتدادا لقوانين الرحمة والوئام المدني والمصالحة الوطنية، وستشمل كل من تم تغليطهم وأدركوا بعدها أن مستقبلهم مع الجزائر، وليس مع بعض الأطراف الخارجية".

وتعود قوانين المصالحة الوطنية في الجزائر إلى عهد الرئيس الأسبق ليامين زروال الذي أصدر قانون "الرحمة" في فبراير 1995، ثم قانون "الوئام المدني" الذي تبناه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وعرضه لاستفتاء 16 سبتمبر 1999، تلاه ميثاق "السلم والمصالحة" في سبتمبر 2005. وشجعت هذه القوانين مئات المتشددين المسلحين على الاستسلام والتخلي الطوعي عن أسلحتهم.

ومع تزايد أعداد المتشددين الذين يتم توقيفهم من قبل وحدات الجيش الجزائري (تحييد 30 مسلحا خلال السداسي الأول من 2024)، أو الذين يسلمون أنفسهم، تثار تساؤلات بشأن الإطار القانوني للتعامل معهم، بين من يرى إمكانية إصدار قانون جديد ينظم الأمر، وبين من يعتبر أن التغييرات السياسية والأمنية "طوت صفحة الوئام المدني والمصالحة مع المتشددين".

"روح المصالحة" 

وتعليقا على هذا النقاش، يؤكد الحقوقي فاروق قسنطيني أن "روح المصالح باقية في الجزائر"، لافتا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" إلى "أهمية الحلول السلمية في معالجة قضايا الإرهاب والتشدد الديني بالجزائر".

ويتوقع قسنطيني إمكانية أن تلجأ الحكومة إلى "عرض مشروع قانون تكميلي للوئام المدني والمصالحة من أجل استكمال ملف العفو المشروط الذي تبنته الدولة سابقا".

وأشار المتحدث إلى أن "نجاح مشاريع المصالحة السابقة في حقن الدماء بالجزائر، سيكون حافزا أمام الرئيس عبد المجيد تبون لعرض مشروع جديد للتكفل بالمسلحين الذين سلموا أنفسهم خلال السنوات الأخيرة".

"صفحة مطوية"

ويرى المحلل السياسي، فاتح بن حمو، أن التعامل مع الحالات الجديدة وفق قانون الوئام المدني "لا يبدو ممكنا اليوم، بحكم أن هذا القانون يعتبر صفحة مطوية في الجزائر".

ويتابع بن حمو قائلا لـ"أصوات مغاربية" إن قانون الوئام المدني "حقق جزءا كبيرا من أهدافه قبل 25 سنة من اليوم، ولا يمكن إعادة العمل به لاختلاف الظروف والأولويات".

ويعتقد المتحدث أن إمكانية صدور قانون للمصالحة "أمر لن يتحقق على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بحكم أن الأولوية الحالية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي يعمل عليها الجميع، بينما تتواصل عمليات مكافحة الإرهاب في شقها الأمني".

 

المصدر: أصوات مغاربية