جانب من مظاهرة حديثة ضد سياسات الرئيس  التونسي قيس سعيّد
جانب من مظاهرة حديثة ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيّد

تنظم الشبكة التونسية للحقوق والحريات (تضم منظمات وأحزاب سياسية)، اليوم الجمعة، مسيرة شعبية في تونس العاصمة، وذلك "دفاعا" عن الحقوق والحريات في تونس، تحت شعار "ماناش ساكتين (لن نصمت)".

وجاء في بيان الدعوة لهذه المسيرة أنّها تأتي من أجل "الدفاع عن دولة القانون والحقوق السياسية والمدنية، وإلغاء المراسيم القمعية، وضمان حق الجميع في حرية التعبير وحق المعارضة والمطالبة بإطلاق سراح مساجين الرأي والنشاط المدني والسياسي".

يأتي ذلك أسابيع قليلة قبل موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 6 أكتوبر المقبل حيث تنطلق غدا السبت الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاثة، وهم الرئيس الحالي قيس سعيد والأمين العام لـ "حركة الشعب" زهير المغزاوي، والأمين العام لـ"حركة عازمون" العياشي زمال.

وجددت هذه الاحتجاجات، التي تنطلق من محطة الجمهورية "البساج"  في اتجاه المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة ومرورا بشارع الحبيب ثامر، الجدل بشأن طبيعتها وما إذا كان لها دلالات بأن الشارع التونسي عاد ليقول "لا".

"لا لتواصل العبث"

تعليقا على هذا الموضوع، قال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري- (ديمقراطي/معارض) وسام الصغير إن عودة الاحتجاجات في تونس لها دلالات متعددة أبرزها أن التونسيين سئموا من انتهاك السلطة للحقوق والحريات وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد حيث خرجوا ليقولوا لا لتواصل هذا العبث.

وأضاف الصغير في تصريح لـ "أصوات مغاربية" أن خروج الأحزاب السياسية ومن ضمنها الحزب الجمهوري وكذلك المنظمات والجمعيات الحقوقية في مسيرة شعبية بتونس العاصمة يأتي للتنديد بما وصفها بحالة البؤس الاقتصادي والاجتماعي في البلاد وتواصل ضرب ونسف كل مقومات العيش المشترك عبر انتهاك الحقوق والحريات واعتقال السياسيين والصحفيين وكل صوت منتقد للسلطة.

وشدد المتحدث على أن رجوع الاحتجاجات إلى الشارع في تونس لها مدلول بارز وهو التنديد بحالة الفشل وانعدام الرؤية لمنظومة الحك وغياب الحلول والبرامج في دفع النمو الاقتصادي ومجابهة غلاء الأسعار وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن الشبكة التونسية للحقوق والحريات تضم أكثر من 8 أحزاب سياسية ونحو 20 منظمة وجمعية حقوقية وذلك للدلالة على "وعي هذه المكونات بأن المصير أصبح مشتركا والخطر يهدد الجميع والشارع أصبح الملاذ الأخير لإيقاف حالة الانهيار والعبث".

توقيت غير بريء

من جانبه، يرى الأمين العام لحزب "مسار 25 جويلية/يوليو"( داعم للسلطة) محمود بن مبروك، أنه خلافا لما "تروجه" أحزاب المعارضة و المنظمات والجمعيات الحقوقية بشأن واقع الحقوق والحريات في تونس، أن ليس هناك أي تراجع في هذا المجال نافيا أن تكون هناك أزمة اقتصادية واجتماعية في البلاد.

وقال بن مبروك في حديث لـ"أصوات مغاربية" إن خروج الأحزاب المعارضة والحقوقيين إلى الشارع للاحتجاج في إطار القانون هو ظاهرة صحية تدل على أن السلطة لا تمنع حق التظاهر احتراما لما يكفله دستور البلاد لسنة 2022.

وتابع في علاقة بهذه الاحتجاجات بأن " آخر اهتمامات هذه الأحزاب هو الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس باعتبارها كانت شريكة في الحكم قبل مسار 25 يوليو 2021 ولم تكن تهتم بالوضع المعيشي للتونسيين، بل غايتها الوحيدة الاستمرار في السلطة" لافتا إلى أن السلطة الحالية فتحت الأبواب لجميع الأطياف السياسية للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية شرط احترام القوانين وذلك بعيدا عن المال السياسي المشبوه والفساد وغيره.

من جانب آخر، أكد المتحدث، أن "اختيار توقيت الاحتجاجات غير بريء لتزامنه مع انطلاق الحملات الانتخابية للمترشحين للرئاسيات، والغاية منه تأجيج الأوضاع والتأثير على الناخبين وجلب تعاطف دولي ممن يعارضون مسار 25 يوليو 2021".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

بات تراجع منسوب المياه بالسدود مشهدا مألوفا في السنوات الأخيرة بتونس

يشهد مخزون السدود التونسية من المياه تراجعا حادا بفعل تواصل مواسم الجفاف وانحباس الأمطار جراء التغيرات المناخية، مما دفع عددا من الخبراء والجمعيات الرقابية إلى مطالبة السلطات في البلاد بإعلان "حالة طوارئ مائية".

وتكشف آخر الإحصائيات المتعلقة بحالة السدود التونسية، التي قدمها الثلاثاء المرصد الوطني التابع لوزارة الفلاحة، أن معدل المخزون العام للسدود من المياه بلغ 504 مليون متر مكعب أي بنسبة 21.5 في المئة من طاقة استيعابها بعد أن فاق 582 مليون متر مكعب في الفترة نفسها من سنة 2023.

وفي أواخر أغسطس المنقضي، دعا المرصد التونسي للمياه (جمعية رقابية غير حكومية)، إلى إعلان "حالة طوارئ مائية"، وذلك عقب تراجع مستوى مخزون السدود التونسية إلى 23.2 بالمائة في ذلك الحين.

وقبلها بأسابيع، أصدر المرصد ذاته تقريرا كشف فيه عن تلقيه 598 تبليغا من المواطنين، منها 510 تهم انقطاعات غير معلنة واضطرابات في توزيع الماء الصالح للشرب خلال شهر يوليو 2024، على مستوى كامل محافظات البلاد.

وتعاني تونس من آثار شح مائي طيلة السنوات الأخيرة بسبب ضعف الإيرادات من الأمطار، مع تراجع كبير في مخزون السدود من المياه، وسط بلوغ الحرارة درجات قياسية خلال صائفة 2024، ما ساهم في تبخر كميات هامة من مياه السدود، وفق ما يؤكده مختصون. 

وضع حرج

في هذا الإطار، تقول الخبيرة والمستشارة في الموارد والسياسات المائية والتأقلم مع التغيرات المناخية، روضة القفراج، إن الوضع المائي في تونس حرج، ما ينذر بأزمة حادة تهدد بلادا بأكملها بالعطش.

وتضيف قفراج، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن هذه الأزمة التي جاءت بفعل التغيرات المناخية وتوالي مواسم الجفاف عمقها الاستنزاف العشوائي للموارد المائية الجوفية، حيث يوجد في تونس نحو 30 ألف بئر عميقة دون ترخيص قانوني وتستهلك أكثر من 700 مليون متر مكعب من المياه في السنة، لافتة إلى أن السدود توفر 20 في المئة فقط من مياه الشرب.

وتابعت، في تشخيصها للوضع المائي، أن عددا من سدود البلاد  جفت بالكامل، فضلا عن ضياع نحو 30 بالمائة من نسبة من المياه الموزعة عبر الشبكات التابعة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (حكومية)، في حين تصل نسبة ضياع المياه في في بعض المناطق السقوية إلى ما يناهز 50 في المئة.

وسبق للرئيس التونسي، قيس سعيد، أثناء معاينته لوضعية بعض السدود في 22 يوليو الماضي، أن أكد أن انقطاع المياه "أمر غير طبيعي وليس بريئا". 

وشدد أن ما يحدث في عدد من محافظات البلاد "أمر تدبره شبكات إجرامية تستهدف شبكات توزيع المياه وتستهدف المحطات الكهربائية".

وتردّ الخبيرة المستشارة في الموارد والسياسات المائية والتأقلم مع التغيرات المناخية، روضة القفراج، أن الأمر لا يتعلق بمؤامرة، بل بأزمة ناجمة عن سياسات حكومية خاطئة منذ عشرات السنين، وفق تعبيرها.

سياسات قديمة

وتثير السياسات المعتمدة من قبل السلطات التونسية في مجابهة أزمة الماء وآثار التغيرات المناخية التي تلقي بظلالها على البلاد انتقاد عدد من الخبراء إذ يعتبرونه "لا تواكب هذه التطورات".

وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير في الموارد المائية، حسين الرحيلي، لـ"أصوات مغاربية" أن السياسة العمومية للمياه في تونس لم تتغير منذ الستينات، بحيث بقيت المقاربات الحكومية تكتسي طابعا تقليديا يرتكز على الشعارات دون انتهاج سياسة تقوم على التكيف الاستباقي مع التغيرات المناخية.

ويضيف أنه لم يتم بعد إعادة النظر في أولويات استعمال الماء في المجالات الفلاحية والصناعية والسياحية، مشيرا إلى أن مجلة المياه في البلاد لم يتم مراجعتها منذ 1975.

وبشأن الحلول الممكنة لمعالجة أزمة الشح المائي، دعا الخبير السلطات التونسية إلى إقامة حوار مجتمعي لسن قوانين جديدة تواكب التحولات المناخية، فضلا عن التركيز على إنشاء سدود جوفية تدعم الموارد المائية وذلك لمجابهة ظاهرة تبخر المياه.

ولفت إلى أن أول تجربة لإحداث سد جوفي كانت سنة 1994 وقدمت هذه التجربة نتائج إيجابية، وفق قوله. 

وللحد من آثار وتداعيات الجفاف، شرعت السلطات التونسية في الأعوام الأخيرة في إنشاء سدود جديدة، وتشييد محطات تحلية مياه البحر بعدد من المحافظات الساحلية منها محافظتي صفاقس وقابس (جنوب شرق)، فضلا عن المساعي لدخول مجال الاستمطار الصناعي للحد من تبخر مياه البحيرات، وفق ما أعلن عنه وزير الفلاحة الأسبق منعم بالعاتي مطلع العام الجاري. 

وتمتلك تونس نحو 37 سدا أبرزها سد سيدي سالم، إضافة إلى البحيرات الجبلية وتقع أغلبها في شمال البلاد.

خيار المواءمة 

في هذا السياق، يرى الخبير في السياسات الفلاحية، فوزي الزياني، أنه في ظل التغيرات المناخية، يجب تعديل السياسات الحكومية بشكل يوائم بين الموارد المائية لتونس ودعم الإنتاج الفلاحي حفاظا على الأمن الغذائي للبلاد.

ويوضح الزياني، لـ "أصوات مغاربية"، أن التحكم في المياه المهدورة الناجمة عن تساقطات الأمطار في غياب البحيرات التلية بمحافظات الوسط والجنوب، يمكن أن يوفر جزءا مهما من الاحتياجات المائية في الفلاحة السقوية، وفقه.

وشدد الخبير الفلاحي أن الأراضي الفلاحية في المناطق الحدودية مع الجزائر تضررت بشكل لافت، عقب سعي السلطات الجزائرية لتشييد سدود منعت وصول مياه الأودية إلى تونس.

وتبعا لذلك دعا المتحدث الحكومة التونسية إلى التفكير في معالجة المياه المستعملة التي يمكن أن توفر حوالي 600 ألف متر مكعب، وتغطي 25 في المئة من احتياجات الفلاحة بتونس من الماء، مؤكدا أن المراهنة على تحلية مياه البحر ستكون له انعكاسات وخيمة على المنظومة الفلاحية.

جدير بالذكر أن تونس تخطط هذا الموسم لإنتاج مليون و173 ألف هكتار من الحبوب من ضمنها مساحة مروية تقد بـ 80 ألف هكتار، في خطوة تهدف إلى الحد من توريد هذه المادة بحسب مسؤولين في وزارة الفلاحة.

 

المصدر: أصوات مغاربية