صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير
صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير

بينما تستمر جهود إعادة الإعمار في ليبيا، وسط دعوات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية للسلطات بعدم التقاعس عن تقديم التعويض والدعم الكافيَيْن لإعادة الإعمار، تواصل الحكومة الأميركية اتصالاتها مع السلطات في ليبيا، من أجل توظيف مقدرات البلاد لإعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار، يزور بلقاسم حفتر (43 عاما) مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، ونجل قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، الولايات المتحدة بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأميركية للقاء مع مسؤولين أميركيين والتنسيق معهم في الأمور التي تتعلق بإعمار ليبيا، بحسب تصريحات بلقاسم حفتر في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" الاثنين خلال زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن.

 وبلغت المساعدات الأميركية المقدمة لإعادة إعمار ليبيا نحو 900 مليون دولار حتى الآن، وفق تأكيد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم".

وكشف حفتر الاثنين أن المتوفر حاليا في صندوق إعمار ليبيا حسب ما تم تخصيصه من جانب مجلس النواب 10 مليار دينار (حوالي ملياري دولار)، مشيرا إلى أن "هذا المبلغ لا يكفي لإعمار الدولة الليبية بسبب ما حدث من إهمال طوال السنوات الماضية".

وتأتي زيارة بلقاسم حفتر مع مرور عام على كارثة درنة عندما ضربت العاصفة دانيال ساحل ليبيا الشرقي، وسببت فيضانات كبيرة في درنة في 11 سبتمبر في 2023 حيث انهار سدّان، ما أسفر وفق حصيلة رسمية عن سقوط نحو أربعة آلاف قتيل وفقدان آلاف الأشخاص ونزوح أكثر من 40 ألف شخص.

تدمرت أجزاء كبيرة من مدينة درنة في سبتمبر 2023

البنك الدولي قدّر من جهته احتياجات إعادة إعمار المدينة وجوارها بنحو 1.8 مليار دولار، وقال إن تأثير الكارثة طال قرابة 1.5 مليون شخص، ما يعادل 22% من سكان ليبيا.

ولإعادة الإعمار، أنشأت حكومة الشرق بقيادة أسامة حماد السنة الفارطة "صندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة"، مهمته إعادة بناء وتنمية المناطق المتأثرة جراء إعصار دانيال، ويخضع الصندوق مباشرة لإشراف رئاسة مجلس الوزراء.

وقال بلقاسم حفتر إن نصف المدينة تدمرت حينها، وبعد مرور عام تغير كل شيء "حيث تمت إعادة بناء الوادي الذي تدمر، وبناء وصيانة المستشفيات التي كانت متهالكة منذ سنوات طويلة، وكذلك صيانة المدارس والبنية التحتية وشبكات الكهرباء وكل ما يلزم في المدينة".

جانب من المشاريع الجارية في درنة لإعادة إعمارها بعد عام من الفيضان المدمر

وفي الأشهر الأخيرة، تحوّلت درنة التي كان عدد سكانها يبلغ 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى ورشة بناء ضخمة، بحسب وصف "فرانس برس".

وبعدما كان يطغى عليها اللون الأبيض مع الخلفية الزرقاء للبحر المتوسط، تحوّلت درنة إلى لوحة رمادية باهتة لكثرة ورش البناء والكتل الخرسانية.

وتظهر لقطات جوية رافعات موزّعة في ورش البناء على جانبي الوادي (النهر الجاف) الذي يعبر المدينة والذي عبرته الفيضانات جارفة الأنقاض وجثث الضحايا إلى البحر.

 


ومع وجود اتهامات بالفساد واحتمال إساءة استخدام الأموال العامة، قال بلقاسم حفتر لـ"الحرة" إن "الشفافية شيء مهم والصندوق فيه شفافية عن طريق إدارة المراقبة وإدارة المحاسبة، وكل العقود متبعة بشكل قانوني ومعلن".

وأشار بلقاسم حفتر إلى أن الصندوق يعمل على إعادة إعمار كامل البلاد، وأنه سيركز على مدن جنوب البلاد وخاصة في سبها والكفرة اللتين تعاني من "إهمال متعمد" منذ سنوات طويلة من حكومات متعاقبة، بحسب وصفه.

وقال: "يعاني الناس هناك من غياب أبسط الأمور، وقطاع الصحة متهالك ووضعه سيئ للغاية، وكذلك التعليم والكهرباء والطرق".

ومنذ سقوط معمر القذافي في 2011، وليبيا منقسمة إلى معسكرين متناحرين، يتمثل الأول في الحكومة المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، والتي تتخذ في طرابلس مقرّا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ويتمثّل الثاني بسلطة تنفيذية مقابِلة يدعمها المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق وجزء كبير من الجنوب.

لكن بلقاسم حفتر قال لـ"الحرة" إن هناك توافقا كبير بين الشرق والغرب في ليبيا بالنسبة للإعمار، مضيفا أن "الشارع الليبي يشعر بالفرق الذي حدث خلال الفترة السابقة في كل القطاعات".

ونفى وجود أي صفقات حاليا مع روسيا أو الصين. لكنه أشار إلى أن "كل دول العالم أتت إلى ليبيا للنقاش معنا في كيفية التعاون في إعادة الإعمار، لأن بلادنا تحتاج إلى شركات كبرى تقوم بأعمال كبيرة في كل المجالات وكل القطاعات، ونحن الآن منفتحون على كل البلدان التي لديها الخبرة والإمكانية".

وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات في تركيا للتنسيق مع وزارة الخارجية للتعاون بين البلدين. 

المصدر: الحرة/خاص

مواضيع ذات صلة

تقارير

بين منع وتضييق.. من سيراقب الانتخابات الرئاسية بتونس؟

04 أكتوبر 2024

تتسع في تونس دائرة الجدل المتعلق بمراقبة الانتخابات الرئاسية التي تجري الأحد 6 أكتوبر، بعد منع عدد من المنظمات الرقابية من الحصول على اعتماد يمكنها من ملاحظة الانتخابات، وهي إجراءات فتحت النقاش بشأن من سيراقب تلك الانتخابات.

في هذا الخصوص، أعلنت شبكة "مراقبون" (جمعية تعنى بملاحظة الشأن الانتخابي في تونس)، الخميس، أنها لن تتمكن من ملاحظة يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية 2024، لأول مرة منذ تأسيسها في 2011.

وذكرت الشبكة، في بيان لها، أنّ ذلك يأتي "نتيجة رفض هيئة الانتخابات منحها الاعتمادات اللازمة، رغم تقديم مطالبها في الموعد المحدد منذ 29 يوليو 2024"، مشيرة إلى أنّها تقدمت بطعن لدى المحكمة الإدارية تظلُّما من قرار الهيئة المتعلق بعدم منحها اعتمادات الملاحظة.

واعتبرت  أنّ حرمانها من حقها في ملاحظة الانتخابات "يشكل تعديا واضحا على دورها الوطني باعتبارها مكسبًا للشعب التونسي". 

وفي 20 أغسطس 2024 أعلنت منظمة "أنا يقظ" ( رقابية غير حكومية) عن تلقيها إعلاما من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات برفض مطلب اعتمادها لملاحظة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 متعلّلة بعدم احترام المنظّمة لواجب الحياد والاستقلالية والنزاهة إزاء جميع المتدخلين في العملية الانتخابية.

واعتبرت المنظمة في بيان لها، أنّ رفض الهيئة لطلبها في الاعتماد "لم يكن مفاجئا في ظلّ تحول الهيئة إلى ذراع يخدم مصالح رئيس الجمهورية للفوز بولاية ثانية بأيسر الطرق".

وقد تزامن ذلك، مع إصدار نقابة الصحفيين التونسيين بيانا نددت فيه بقرار هيئة الانتخابات القاضي بسحب بطاقة اعتماد الصحفية التونسية " خولة بوكريم"، وأعربت عن رفضها لهذا القرار.

واعتبرت نقابة الصحفيين أن هذا القرار "مزاجي ويدخل في خانة تصفية الخطاب الناقد لعمل الهيئة وللمسار الانتخابي ومواصلة لسلسلة من الأخطاء الفادحة التي قامت بها الهيئة منذ انطلاق المسار الانتخابي".

من جانبها، بررت الهيئة العليا للانتخابات رفضها منح تراخيص لمنظمات وجمعيات مختصة في مراقبة الانتخابات بتوصلها بإشعار حول تلقي تلك الهيئات "تمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة"، معتبرة أن مصدرها متأت من بلدان لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، الخميس، في تصريح للتلفزيون الرسمي التونسي إن أهم شرط تنص عليه القوانين الانتخابية والقرارات الترتيبية هو شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة والوقوف على نفس المسافة من جميع المترشحين.

ويثير منع منظمات وجمعيات رقابية من ملاحظة الانتخابات الرئاسية بتونس فضلا عن مقاطعة منظمات أخرى لهذا الاستحقاق الانتخابي النقاش بشأن مدى تأثير ذلك على أهم محطة انتخابية سيشهدها هذا البلد المغاربي.

غياب شروط النزاهة

تعليقا على هذا الموضوع، قال رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان (هيئة غير حكومية) مصطفى عبد الكبير، إنه من العبث مراقبة انتخابات لا تحترم فيها الإجراءات القانونية وتفتقد للنزاهة والشفافية في ظل سجن عدد من المترشحين إلى جانب تنقيح القانون الانتخابي قبل موعد الاقتراع بأيام قليلة.

وأضاف عبد الكبير في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن منع المنظمات والهيئات الرقابية من متابعة الانتخابات الرئاسية سيسيئ لصورة البلاد في الخارج، ويجعل أهم محطة انتخابية في البلاد بمثابة انتخابات صورية الفائز فيها معلوم مسبقا.

وشدد الحقوقي على أن المرصد التونسي لحقوق الانسان وخلافا للمناسبات الانتخابية السابقة قرر هذا العام عدم المشاركة في مراقبة الانتخابات بسبب التجاوزات التي شابت المسار الانتخابي في تونس.

وكان الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات محمد تليلي منصري قد أكد الأربعاء في تصريح لوسائل إعلام محلية أن الهيئة قد منحت 13243 "اعتمادا" لصحفيين ومنظمات وملاحظين لمتابعة وملاحظة الانتخابات الرئاسية.

جدير بالذكر أن تونس تدخل السبت في الصمت الانتخابي، تمهيدا ليوم الاقتراع المقرر الأحد 6 أكتوبر بعد انطلق منذ ٤ أكتوبر بالخارج، وذلك وفق الرزنامة التي ضبطتها الهيئة العليا للانتخابات.

المصدر: أصوات مغاربية