أطفال ليبيون يحضرون درسا في مدرسة ابتدائية في طرابلس غرب ليبيا، أرشيف
أطفال داخل فصل دراسي في ليبيا - صورة إرشيفية

لم يسلم التعليم في ليبيا من حالة الانقسام السياسي، فبينما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية (غرب البلاد) انطلاق العام الدراسي الجديد، أمس الثلاثاء، قررت الحكومة المكلفة من مجلس النواب (شرق البلد) تأجيله إلى يوم 29 سبتمبر الجاري.

وأطلقت وزارة التعليم بحكومة الوحدة الوطنية العام الدراسي الجديد تحت شعار "عام الجودة والتميز"، مفيدة في بيانات صحفية أن هذا العام يستهدف تحقيق جودة المحتوى التعليمي وتجاوز بعض التحديات التي سجلت في الأعوام الماضية.

وسيشهد العام الدّراسي الجديد التحاق 236098 تلميذ بالصّف الأوّل من مرحلة التّعليم الأساسي، لكن البعض منهم لم يلتحقوا بعد لوجود مدارسهم تحت الصيانة، وفق تصريحات لوزير التّربية والتّعليم موسى المقريف.

وفي إحاطة إعلامية، قالت حكومة الوحدة الوطنية إن الدخول المدرسي هذا العام يتميز بتشييد 66 مدرسة جديدة وبتوزيع الكتاب المدرسي قبل انطلاق العام الدراسي على 4000 مؤسسة تعليمية.

إلى جانب ذلك، أوضح المصدر ذاته أن العام الدراسي الجديد سيشهد استفادة مليوني أسرة ليبية من منحة قيمتها 100 دينار (نحو 20 دولار) لدعم تمدرس أبنائها، كما أعلنت الوزارة التعاقد مع 699 معلما لسد العجز في درنة (شرق البلاد) والمناطق الأخرى المتضررة من الفيضانات.

في المقابل، أعلنت حكومة شرق البلاد تأجيل افتتاح العام الدراسي إلى 29  سبتمبر الجاري وذلك تنفيذا لتعليمات رئيسها أسامة حماد، لتلقي حالة الانقسام من جديد بظلالها على التعليم في ليبيا بعد أن توافق الدخول المدرسي في ربوع البلاد العام الماضي.

وقال مراقب التعليم في بنغازي، بالعيد الورفلي، في تصريحات إعلامية إن تأخير انطلاق العام الدراسي في مناطق ومدن شرق البلاد "جاء مراعاة لظروف المواطنين في ظل تأخر صرف المرتبات، وذلك بعد الأحداث الأخيرة التي شهدها المصرف المركزي" دون تفاصيل إضافية.

تحديات مشتركة

وعلى خلاف حالة الانقسام هذه، يواجه الليبيون في شرق ليبيا وغربها تداعيات الارتفاع المستمر للأسعار والتي أثرت على الكثير منهم، وفق تقارير إعلامية.

وذكر تقرير للوكالة الليبية للأنباء (وال)، أن أسعار الأدوات المدرسية "اشتعلت" وزادت نسبة ارتفاعها بين 30 و50 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وعزا التقرير هذا الارتفاع لـ"الانهيار المستمر لسعر صرف الدينار الليبي خاصة وأن الأدوات والمستلزمات المدرسية جميعها مستوردة من الخارج منذ اضطرار المصانع المحلية لغلق أبوابها".

وذكر التقرير أن الارتفاع المسجل في أسعار اللوازم المدرسية يمثل "عبئا ماليا إضافيا على الأسر الليبية خاصة في ظل الأزمة التي تعصف بمصرف ليبيا المركزي، على خلفية الصراع على كرسي المحافظ، وسط دوامة اشتعال أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات بأنواعها".

ويتجدد جدل غلاء اللوازم المدرسية منذ عام 2014، سنة إعلان عدد من المصانع التي كانت تزود السوق المحلية إغلاق أبوابها نتيجة التوتر الأمني الذي تمر به البلاد.

وتعليقا على هذا الارتفاع، أوضح أسامة زريق، وهو مسؤول في مجمع تجاري للوكالة، أن هذا الوضع زاد هذا العام بسبب تداعيات فرض مجلس النواب ضريبة على مشتريات العملة الأجنبية.

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وافق في مارس الماضي على طلب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، يقضي فرض ضريبة بنسبة 27 في المئة على سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي، وأثار هذا القرار  الكثير من الجدل في البلاد حينها.

وقال زريق "الضريبة الجديدة ساهمت في ارتفاع الأسعار نظرا لأن معظم الأدوات المدرسية مستوردة من الخارج" واصفا إياها بـ"الخطأ الكبير الذي فاقم من معاناة أرباب الأسر".

إضرابات في الأفق

وينضاف إلى تحدي غلاء اللوازم المدرسية، تلويح المعلمين في هذا البلد المغاربي بالدخول في إضرابات متواصلة حتى قبل انطلاق العام الدراسي.

وطالب نقيب المعلمين، عبد النبي صالح النف، في 24 أغسطس الماضي نقباء البلديات، بالاستعداد للدخول في تنفيذ وقفات احتجاجية مع حلول شهر سبتمبر.

وذكرت وسائل محلية أن دعوة النقيب أتت كرد فعل على رفض النقابة للميزانية التي قدمتها لجنة المالية بمجلس النواب، لعدم تضمينها الفروقات المالية الخاصة بالمعلمين.

وتفاعلا مع هذه الدعوة، التقى وزِير التربية والتّعليم بحكومة الوحدة الوطنية، موسى  المقريف، الأربعاء، بالنقيب عبد النبي النف، بِحضور عدد من نُقباء التّعليم في بلدِيات المنطقة الشرقية وطرابلس الكبرى.

وتناول اللقاء اِنطلاق العام الدراسي وتوفير الكتاب المدرسي، وجهود الوزارة للنهوض بالتعليم، وفق بيان مقتضب للوزارة.

وقال المقريف في تصريحات لقناة "ليبيا الحدث"، الأربعاء، إنه يعي ظروف المعلمين قبل أن يستدرك أن بعض مطالبهم يتطلب "توفير ميزانيات" نافيا إمكانية دخولهم في إضرابات هذا العام.

وتابع "وجدنا أنه منذ عام 2014 معلمين لم يتقاضوا مرتباتهم، ونجحنا في صرفها ونطمح الآن إلى انصاف ما تبقى".

ويناهز عدد المعلمين في ليبيا النصف مليون، ما يعني استحواذهم على قرابة ثلث الوظائف الحكومية، فيما تناسب معدلات أجورهم 15 بالمئة من الموازنة العامة سنويا.

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

تقارير

بين منع وتضييق.. من سيراقب الانتخابات الرئاسية بتونس؟

04 أكتوبر 2024

تتسع في تونس دائرة الجدل المتعلق بمراقبة الانتخابات الرئاسية التي تجري الأحد 6 أكتوبر، بعد منع عدد من المنظمات الرقابية من الحصول على اعتماد يمكنها من ملاحظة الانتخابات، وهي إجراءات فتحت النقاش بشأن من سيراقب تلك الانتخابات.

في هذا الخصوص، أعلنت شبكة "مراقبون" (جمعية تعنى بملاحظة الشأن الانتخابي في تونس)، الخميس، أنها لن تتمكن من ملاحظة يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية 2024، لأول مرة منذ تأسيسها في 2011.

وذكرت الشبكة، في بيان لها، أنّ ذلك يأتي "نتيجة رفض هيئة الانتخابات منحها الاعتمادات اللازمة، رغم تقديم مطالبها في الموعد المحدد منذ 29 يوليو 2024"، مشيرة إلى أنّها تقدمت بطعن لدى المحكمة الإدارية تظلُّما من قرار الهيئة المتعلق بعدم منحها اعتمادات الملاحظة.

واعتبرت  أنّ حرمانها من حقها في ملاحظة الانتخابات "يشكل تعديا واضحا على دورها الوطني باعتبارها مكسبًا للشعب التونسي". 

وفي 20 أغسطس 2024 أعلنت منظمة "أنا يقظ" ( رقابية غير حكومية) عن تلقيها إعلاما من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات برفض مطلب اعتمادها لملاحظة الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 متعلّلة بعدم احترام المنظّمة لواجب الحياد والاستقلالية والنزاهة إزاء جميع المتدخلين في العملية الانتخابية.

واعتبرت المنظمة في بيان لها، أنّ رفض الهيئة لطلبها في الاعتماد "لم يكن مفاجئا في ظلّ تحول الهيئة إلى ذراع يخدم مصالح رئيس الجمهورية للفوز بولاية ثانية بأيسر الطرق".

وقد تزامن ذلك، مع إصدار نقابة الصحفيين التونسيين بيانا نددت فيه بقرار هيئة الانتخابات القاضي بسحب بطاقة اعتماد الصحفية التونسية " خولة بوكريم"، وأعربت عن رفضها لهذا القرار.

واعتبرت نقابة الصحفيين أن هذا القرار "مزاجي ويدخل في خانة تصفية الخطاب الناقد لعمل الهيئة وللمسار الانتخابي ومواصلة لسلسلة من الأخطاء الفادحة التي قامت بها الهيئة منذ انطلاق المسار الانتخابي".

من جانبها، بررت الهيئة العليا للانتخابات رفضها منح تراخيص لمنظمات وجمعيات مختصة في مراقبة الانتخابات بتوصلها بإشعار حول تلقي تلك الهيئات "تمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة"، معتبرة أن مصدرها متأت من بلدان لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية.

وقال رئيس الهيئة فاروق بوعسكر، الخميس، في تصريح للتلفزيون الرسمي التونسي إن أهم شرط تنص عليه القوانين الانتخابية والقرارات الترتيبية هو شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة والوقوف على نفس المسافة من جميع المترشحين.

ويثير منع منظمات وجمعيات رقابية من ملاحظة الانتخابات الرئاسية بتونس فضلا عن مقاطعة منظمات أخرى لهذا الاستحقاق الانتخابي النقاش بشأن مدى تأثير ذلك على أهم محطة انتخابية سيشهدها هذا البلد المغاربي.

غياب شروط النزاهة

تعليقا على هذا الموضوع، قال رئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان (هيئة غير حكومية) مصطفى عبد الكبير، إنه من العبث مراقبة انتخابات لا تحترم فيها الإجراءات القانونية وتفتقد للنزاهة والشفافية في ظل سجن عدد من المترشحين إلى جانب تنقيح القانون الانتخابي قبل موعد الاقتراع بأيام قليلة.

وأضاف عبد الكبير في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أن منع المنظمات والهيئات الرقابية من متابعة الانتخابات الرئاسية سيسيئ لصورة البلاد في الخارج، ويجعل أهم محطة انتخابية في البلاد بمثابة انتخابات صورية الفائز فيها معلوم مسبقا.

وشدد الحقوقي على أن المرصد التونسي لحقوق الانسان وخلافا للمناسبات الانتخابية السابقة قرر هذا العام عدم المشاركة في مراقبة الانتخابات بسبب التجاوزات التي شابت المسار الانتخابي في تونس.

وكان الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات محمد تليلي منصري قد أكد الأربعاء في تصريح لوسائل إعلام محلية أن الهيئة قد منحت 13243 "اعتمادا" لصحفيين ومنظمات وملاحظين لمتابعة وملاحظة الانتخابات الرئاسية.

جدير بالذكر أن تونس تدخل السبت في الصمت الانتخابي، تمهيدا ليوم الاقتراع المقرر الأحد 6 أكتوبر بعد انطلق منذ ٤ أكتوبر بالخارج، وذلك وفق الرزنامة التي ضبطتها الهيئة العليا للانتخابات.

المصدر: أصوات مغاربية