صناعة الطيران بالمغرب
صناعة الطيران بالمغرب

بعد أن ضمن مركزه ضمن الدول الـ20 المصنعة لأجزاء الطائرات، بدأ المغرب يتطلع لصناعة طائرة كاملة بحلول عام 2030 مستفيدا من الخبرات التي راكمها طيلة السنوات الأخيرة من خلال شراكاته مع عدد من الفاعلين الدوليين في المجال.

هذا التحدي أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، بمجلس النواب (الغرفة الأولى) في ماي الماضي، ضمن مسعى جديد لترسيخ مكانة الرباط كأحد أبرز الوجهات الرئيسية في صناعة الطيران.

وقال حينها إن "المغرب يقوم بصناعة أصعب المكونات التي يحتاجها قطاع الطيران، وهناك طموح مشروع اليوم، لإنتاج أول طائرة ستقلع من المغرب.. سيتم تجميع جميع أجزائها في المملكة.. هذا هو الهدف الذي يعمل المغرب لتحقيقه".

ويأتي هذا التصريح لينضاف للازمة يرددها المسؤولون المغاربة في اجتماعاتهم مع كبار المستثمرين الأجانب وهي أن المغرب حقق نجاحا في صناعة الطائرات حتى باتت "كل طائرة تجارية تحلق في السماء تضم على الأقل قطعة واحدة تم تصنيعها بالمغرب".

وتستند هذه التصريحات إلى تقارير وطنية ودولية أكدت تحول المملكة في العشرين سنة الماضية إلى منصة دولية لإنتاج وصناعة أجزاء الطائرات وباتت صادرات القطاع تحقق ملياري دولار سنويا.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الصرف (مؤسسة مغربية رسمية) حقق قطاع صناعة الطائرات خلال النصف الأول من العام الجاري نموا بنسبة 20 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.

وذكر التقرير أن صادرات القطاع بلغت 15.34 مليار درهم (1.5 مليار دولار) نتيجة ارتفاع مبيعات التجميع بـ32 في المائة ومبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية بنسبة 2.2 في المائة.

وبلغ مجموع الشركات المستثمرات في القطاع أزيد من 142 شركة باندماج محلي يزيد عن 40 في المائة، ويعمل في هذه الوحدات الصناعية 20 ألف عامل مؤهل، 42 في المائة منهم نساء، وفق معطيات رسمية.

قوانين واستقطاب

وخلال العشرين سنة الماضية، زادت الاستثمارات الأجنبية في القطاع ما دفع المغرب مؤخرا إلى مواكبة هذا التطور، باعتماد قوانين جديدة.

وصادقت الحكومة المغربية في أبريل الماضي على مشروع مرسوم يتعلق بتصميم الطائرات وإنتاجها، يتم بموجبه تحديد معايير تصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها.

ويحدد هذ المشروع المواصفات التقنية التي يتعين احترامها من قبل الراغبين في الحصول على الاعتماد الذي تسلمه السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني، من أجل اتصميم الطائرات وإنتاجها وصيانتها بالمغرب، وفق بيان لوزارة النقل واللوجستيك المغربية.

وينقسم نشاط الشركات العاملة في القطاع بين شركات متخصصة في صناعة الأسلاك الكهربائية للاتصال البيني، وشركات متخصصة في الصيانة والإصلاح والفحص وأخرى تنشط في مجال هندسة الطائرات.

ومن بين تلك الشركات، شركة سافران الفرنسية الرائدة في مجال صناعة محركات الطائرات التي تتوفر وفق وزارة الصناعة المغربية، على أكبر موقع إنتاجي لصناعة الطيران بالمغرب.

ومنها أيضا شركة بوينغ الأميركية التي زادت من مستوى حضورها بالمغرب في ماي الماضي بمنح شركة كندية تستقر بالمغرب شهادة التوريد، مما سيسمح للأخيرة بتزويد بوينغ بالأجزاء المصنعة لطائراتها.  

كما قررت شركة "هيكسيل" الأميركية لصناعة هياكل الطائرات أن تزيد من مساحة مصنعها بالمغرب، وقالت في تصريحات عام 2021 إن القرار راجع لليد العاملة المؤهلة ولمناخ الاستثمار الذي توفره المملكة للشركات الأجنبية.

ورفعت الشركة من مساحة مصنعها الواقع في المنطقة الحرة "ميد بارك" بالدار البيضاء لتصل إلى 24 ألف متر مربع، كما قررت الرفع من عدد العاملين في المصنع إلى 400 مستخدم، بحلول عام 2023.

بدورها، تعتمد شركة إيرباص الأوروبية على المغرب مؤخرا للرفع من انتاجها، وباتت طائرتها تضم أكثر من 140 مكونا تم تصنيعه بالمغرب، وفق ما أكده هادي عاكوم، نائب رئيس المبيعات لأفريقيا في إيرباص في تصريحات صحفية.

وتستفيد هذه الشركات من الموقع الاستراتيجي للمغرب القريب من أوروبا، وأيضا من توفر البلاد على شبكة مواصلات تربط نقاط الإنتاج بميناء طنجة المتوسط.

تلعب الحوافز الضريبية أيضا دورا محوريا في تشجيع المصنعين على الانضمام إلى هذه السوق، إلى جانب توفر المغرب على أزيد من 20 ألفا من اليد العاملة المؤهلة.

تحديات في الأفق

مقابل ذلك، تواجه القطاع تحديات جمة مرتبطة بتقلبات السوق الدولية ونقص اليد العاملة المؤهلة، وأيضا الضغوط التي باتت تفرضها المنظمات الناشطة في مجال البيئة على الشركات العاملة في القطاع.

ويواجه قطاع الطيران المغربي منافسة شرسة من دول أخرى تسعى هي الأخرى إلى تحقيق الغاية نفسها، استمالة واستقطاب كبار المصنعين حول العالم كمصر والإمارات والسعودية ودول أخرى من أفريقيا جنوب الصحراء.

ويسعى المغرب في المرحلة القادمة إلى الرفع من معدل اندماج صناعاته وتعزيز وتقوية سلاسل التوريد، ضمن جهود أخرى تبذل لمواجهة تلك التحديات.

المصدر: أصوات مغاربية 

مواضيع ذات صلة

منظمة شعاع لحقوق الإنسان قالت إن القضاء الجزائري خفف حكم الفنانة جميلة بن طويس. SHOAA for Human Rights
| Source: SHOAA for Human Rights

جددت إدانة الفنانة الجزائرية، جميلة بن طويس، بالحبس النافذ، النقاش بشأن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي طالبت عدة منظمات محلية ودولية بإلغائها، فضلا عن المطالبة بمراجعة الأحكام بالسجن في حق النشطاء.

وتزامنا مع حملة دولية، خفف مجلس قضاء الجزائر العاصمة، "الحكم الصادر بحق الناشطة جميلة بن طويس من سنتين حبسا نافذا إلى 18 شهرا، ودفع 100 ألف دينار (752 دولار) غرامة مالية"، وفق ما أعلنت عنه منظمة شعاع لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء.

وأشارت المنظمة إلى أن القرار جاء "بعد إعادة محاكمتها (جميلة) يوم 18 سبتمبر الماضي بتهمة نشر أخبار مغرضة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام".

في المقابل، دعا خبراء في الأمم المتحدة القضاء إلى إلغاء إدانة جميلة بن طويس المتهمة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، بـ "الانخراط في جماعة إرهابية"، بسبب أغنية نشرتها خلال الحراك الشعبي "تندد بقمع الحريات في الجزائر، مطالبين بتبرئتها من كافة التهم الموجهة لها".

وطالب الخبراء من محكمة الاستئناف إلغاء "الحكم التعسفي الصادر" بحقها و"تبرئتها من جميع التهم الموجهة إليها والتي تتعارض مع القانون الدولي".

وكانت غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر العاصمة قد أصدرت يوم 26 مايو الماضي قرارا بإسقاط جناية "الانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل الوطن وخارجه" تحت طائلة المادة 87 مكرر الموجهة ضد بن طويس،‬ والإبقاء على الجنح بتهمة "المساس بسلامة ووحدة الوطن"، وفق منظمة شعاع الحقوقية.

وكانت الحكومة الجزائرية أدخلت تعديلات سنة 2021 على قانون العقوبات، بإضافة المادة 87 مكرر، التي أعطت توصيفا جديدا للفعل الإرهابي، كما تضمنت مجموعة من العقوبات على مرتكبي هذه الأفعال تراوحت بين الإعدام، المؤبد والسجن.

تعديل محتمل

وفي تعليقه على هذا النقاش بشأن إمكانية أن تدفع هذه المساعي لتعديل المواد المثيرة للجدل، يرى الحقوقي، إدريس فاضلي، أن "المادة 87 مكرر بشكلها الحالي قابلة للتأويل على عدة أوجه"، مضيفا أن التعامل معها "قد يكون عن طريق تعديل محتمل لها".

وحسب الحقوقي إدريس فاضلي، فإن المادة القانونية "واضحة عندما تطبق بشكلها الظاهر لمحاربة الإرهاب، إلا أن الغموض يلفها بمجرد أن ترتبط بقضية ذات صلة بالنشاط الحقوقي".

ويتابع فاضلي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه المادة تثير جدلا "لكن يمكن إضافة فقرة لها تضبط أحكامها وتحدد مواضع تطبيقها بدقة، حتى لا تبقي فضفاضة وهذا يدخل في سياق التعديلات الممكنة".

وتشير تقديرات من منظمات حقوقية إلى أن عدد معتقلي الرأي في الجزائر يتجاوز 200 شخص، وأشار المحامي سعيد الزاهي، في وقت سابق، إلى أن ما بين 100 إلى 150 ناشط تمت إدانته وفق المادة 87 مكرر. 

وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، ذكرت في بيان لها عقب زيارة قامت بها للجزائر خريف العام الماضي إنه "يجب على الجزائر الامتناع عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل تعزيز إصلاحات السنوات الأربع الماضية".

الإلغاء أو التعديل "المستحيل"

 يستبعد المحامي، يوسف بن كعبة، المقيم في فرنسا، "إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات"، كما يستبعد "تعديلها"، قائلا إنه "يستحيل على السطات الجزائرية الاستغناء عنها، لأنها تستعملها لتلجيم النشطاء والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان".

ويضيف بن كعبة، لـ"أصوات مغاربية"، أن المادة 87 مكرر "بكل ما تحمله من حكام قاسية، أغنت الحكومة عن المتابعات والمطاردات البوليسية للنشطاء، ووجدت فيها خيارا عمليا لتسليط أقسى العقوبات عليهم".

ويشير المتحدث إلى أن الحكومة تبرر الوضع الحقوقي الحالي "ومن ضمنه قضية الفنانة جميلة بن طويس، بكون النشطاء صدرت بحقهم أحكاما قانونية وفق نصوص لا غبار عليها، وأن القاضي حر في الأحكام التي يصدرها".

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نفى وجود ملف لـ"معتقلي الرأي في الجزائر"، واصفا ذلك بأنه "أكذوبة القرن"، موضحا أن هؤلاء حوكموا في قضايا "سب وشتم وفق القانون العام"، وذلك في لقاء له مع الصحافة المحلية في يوليو 2022، وهو نفس الموقف الذي تشدد عليه الحكومة في مناسبات عدة.

المصدر: أصوات مغاربية