علما فرنسا والجزائر
الرايتان الجزائرية والفرنسية

التمس وزير الصناعة الجزائري السابق، عبد السلام بوشوارب، من محكمة بفرنسا، حيث يقيم، رفض طلبات تسليمه للجزائر التي أدانه قضاؤها غيابيا بـ 100 سنة سجناً، بتهم فساد، وفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، الخميس.

واعتبر دفاع الوزير الجزائري السابق (2015-2017)، أن ما يتعرض له موكله "ملاحقات سياسية في سياق تصفية عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة"، الذي حكم البلاد من 1999 إلى 2019"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.

ويفصل القضاء الفرنسي في طلب الوزير عبد السلام بوشوارب (72 سنة)، يوم التاسع أكتوبر القادم، فيما أودع المتهم التماس عدم تسليمه للسلطات الجزائرية، الأربعاء الماضي.

ووفق المصدر نفسه فإن المحكمة الفرنسية "تلقت 8 طلبات تسليم، 3 منها لممارسة الملاحقات، و5 لتنفيذ أحكام قضائية بالسجن لمدة 20 عاماً، مع فرض غرامات مالية بملايين الدينارات الجزائرية، ومصادرة ممتلكاته بسبب تهم الفساد والمحسوبية، وتعارض المصالح، وغيرها من انتهاكات المال العام".

وكان القضاء الفرنسي وضع الوزير السابق تحت الرقابة القضائية منذ الخامس أكتوبر 2023، بمنطقة الألب البحرية بفرنسا، التي يقيم بها بشكل قانوني، فيما أصدرت الجزائر عدة أحكام بالسجن  بلغت 100 سنة سجنا نافذا بعد إدانته بتهم "تبيض وتحويل أموال ناتجة عن عائدات إجرامية للخارج، الرشوة واستغلال النفوذ".

ويثير طلب تسلم أحد وجوه نظام بوتفليقة تساؤلات بشأن تعاطي الحكومة الفرنسية مع الملف الذي يأتي في وقت سحبت فيه الجزائر سفيرها، نهاية يوليو الماضي، من باريس بأثر فوري، بدعوى إقدام الحكومة الفرنسية على "الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي، كأساس وحيد لحل نزاع الصحراء الغربية".

قضية قانونية بنكهة سياسية

وتعليقا على هذا النقاش، ومن باريس يرى الحقوقي، يوسف بن كعبة، أن الاتصالات الأخيرة التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من خلال مستشارته، مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، "تدخل في سياق وضع ترتيبات لمثل هذه الملفات المشتركة، وفي مقدمتها تسليم المطلوبين المتواجدين بفرنسا للقضاء الجزائري، ضمن تفاهمات قد تتجاوز حالة الجمود التي تميز العلاقات بين البلدين".

ويتابع بن كعبة قائلا: إن "هناك أرضية قوية بين الجزائر وفرنسا للتعامل مع أي ملف قضائي، بحكم العلاقات العميقة والطويلة التي لم تستثن أي جانب في الاتفاقيات القضائية".

ويتوقع الحقوقي بن كعبة في تصريحه لـ "أصوات مغاربية" أن تعالج السلطات القضائية بفرنسا ملف بوشوارب "ضمن الأطر القانونية المعمول بها كأي قضية أخرى، لكن بنكهة سياسية".

وسبق لعدة شخصيات مرموقة الفرار نحو الخارج، أثناء حملة مكافحة الفساد التي طالت العديد من رموز النظام السابق، عقب حراك فبراير 2019، أبرزهم قائد الدرك الوطني السابق، الجنرال غالي بلقصير، إلا أن السلطات الجزائرية تسلمت، بموجب مذكرة دولية، المدير السابق لشركة سوناطراك للمحروقات، عبد المؤمن ولد قدور، في أغسطس 2021، من السلطات الإمارتية.

امتحان لباريس

ويعتقد المحلل السياسي، عبد الرحمان بن شريط، أن التماس الجزائر تسليمها أحد أهم المطلوبين لديها، هو "امتحان لباريس، الغرض منه إحراج السلطات الفرنسية ووضعها أمام الأمر الواقع بشأن حقيقة ونوايا تعاونها مع الجزائر".

ويعتبر بن شريط في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن الظرف الحالي مواتي ويخدم الجانب الجزائري المتمسك بفتور علاقاته مع فرنسا على خلفية موقفها غير المرحب به بشأن النزاع في الصحراء الغربية".

ويضيف المتحدث أن أي عرقلة لمسار استعادة الأموال المنهوبة من فرنسا "سيكون بمثابة تعدي على إرادة الجزائريين، وإعلان قطيعة رسمية في مجال التعاون الدولي بين البلدين"، مشددا على أنه "من مصلحة باريس التعاون إيجابيا مع الجزائر في هذا الملفات، بتقديم مصلحة الدول على الأفراد".

المصدر: أصوات مغاربية

مواضيع ذات صلة

منظمة شعاع لحقوق الإنسان قالت إن القضاء الجزائري خفف حكم الفنانة جميلة بن طويس. SHOAA for Human Rights
| Source: SHOAA for Human Rights

جددت إدانة الفنانة الجزائرية، جميلة بن طويس، بالحبس النافذ، النقاش بشأن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي طالبت عدة منظمات محلية ودولية بإلغائها، فضلا عن المطالبة بمراجعة الأحكام بالسجن في حق النشطاء.

وتزامنا مع حملة دولية، خفف مجلس قضاء الجزائر العاصمة، "الحكم الصادر بحق الناشطة جميلة بن طويس من سنتين حبسا نافذا إلى 18 شهرا، ودفع 100 ألف دينار (752 دولار) غرامة مالية"، وفق ما أعلنت عنه منظمة شعاع لحقوق الإنسان، أمس الأربعاء.

وأشارت المنظمة إلى أن القرار جاء "بعد إعادة محاكمتها (جميلة) يوم 18 سبتمبر الماضي بتهمة نشر أخبار مغرضة بين الجمهور من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام".

في المقابل، دعا خبراء في الأمم المتحدة القضاء إلى إلغاء إدانة جميلة بن طويس المتهمة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، بـ "الانخراط في جماعة إرهابية"، بسبب أغنية نشرتها خلال الحراك الشعبي "تندد بقمع الحريات في الجزائر، مطالبين بتبرئتها من كافة التهم الموجهة لها".

وطالب الخبراء من محكمة الاستئناف إلغاء "الحكم التعسفي الصادر" بحقها و"تبرئتها من جميع التهم الموجهة إليها والتي تتعارض مع القانون الدولي".

وكانت غرفة الاتهام بمجلس قضاء الجزائر العاصمة قد أصدرت يوم 26 مايو الماضي قرارا بإسقاط جناية "الانخراط في جماعة إرهابية تنشط داخل الوطن وخارجه" تحت طائلة المادة 87 مكرر الموجهة ضد بن طويس،‬ والإبقاء على الجنح بتهمة "المساس بسلامة ووحدة الوطن"، وفق منظمة شعاع الحقوقية.

وكانت الحكومة الجزائرية أدخلت تعديلات سنة 2021 على قانون العقوبات، بإضافة المادة 87 مكرر، التي أعطت توصيفا جديدا للفعل الإرهابي، كما تضمنت مجموعة من العقوبات على مرتكبي هذه الأفعال تراوحت بين الإعدام، المؤبد والسجن.

تعديل محتمل

وفي تعليقه على هذا النقاش بشأن إمكانية أن تدفع هذه المساعي لتعديل المواد المثيرة للجدل، يرى الحقوقي، إدريس فاضلي، أن "المادة 87 مكرر بشكلها الحالي قابلة للتأويل على عدة أوجه"، مضيفا أن التعامل معها "قد يكون عن طريق تعديل محتمل لها".

وحسب الحقوقي إدريس فاضلي، فإن المادة القانونية "واضحة عندما تطبق بشكلها الظاهر لمحاربة الإرهاب، إلا أن الغموض يلفها بمجرد أن ترتبط بقضية ذات صلة بالنشاط الحقوقي".

ويتابع فاضلي، في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن هذه المادة تثير جدلا "لكن يمكن إضافة فقرة لها تضبط أحكامها وتحدد مواضع تطبيقها بدقة، حتى لا تبقي فضفاضة وهذا يدخل في سياق التعديلات الممكنة".

وتشير تقديرات من منظمات حقوقية إلى أن عدد معتقلي الرأي في الجزائر يتجاوز 200 شخص، وأشار المحامي سعيد الزاهي، في وقت سابق، إلى أن ما بين 100 إلى 150 ناشط تمت إدانته وفق المادة 87 مكرر. 

وكانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولور، ذكرت في بيان لها عقب زيارة قامت بها للجزائر خريف العام الماضي إنه "يجب على الجزائر الامتناع عن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل تعزيز إصلاحات السنوات الأربع الماضية".

الإلغاء أو التعديل "المستحيل"

 يستبعد المحامي، يوسف بن كعبة، المقيم في فرنسا، "إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات"، كما يستبعد "تعديلها"، قائلا إنه "يستحيل على السطات الجزائرية الاستغناء عنها، لأنها تستعملها لتلجيم النشطاء والمدافعين عن الحريات وحقوق الإنسان".

ويضيف بن كعبة، لـ"أصوات مغاربية"، أن المادة 87 مكرر "بكل ما تحمله من حكام قاسية، أغنت الحكومة عن المتابعات والمطاردات البوليسية للنشطاء، ووجدت فيها خيارا عمليا لتسليط أقسى العقوبات عليهم".

ويشير المتحدث إلى أن الحكومة تبرر الوضع الحقوقي الحالي "ومن ضمنه قضية الفنانة جميلة بن طويس، بكون النشطاء صدرت بحقهم أحكاما قانونية وفق نصوص لا غبار عليها، وأن القاضي حر في الأحكام التي يصدرها".

وكان الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، نفى وجود ملف لـ"معتقلي الرأي في الجزائر"، واصفا ذلك بأنه "أكذوبة القرن"، موضحا أن هؤلاء حوكموا في قضايا "سب وشتم وفق القانون العام"، وذلك في لقاء له مع الصحافة المحلية في يوليو 2022، وهو نفس الموقف الذي تشدد عليه الحكومة في مناسبات عدة.

المصدر: أصوات مغاربية