اعتبر وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي في رده على سؤال شفوي خلال جلسة عمومية لمجلس النواب، الإثنين، حول المشاكل التي تواجهها النساء المطلقات، وخاصة الحاضنات، بالمغرب أن "المسألة تتعلق بقناعة" مؤكدا أنه "عند الإيمان بأن المرأة تساوي الرجل ستُحل جميع المشاكل".
واستحضر الوزير الصعوبات التي تواجهها النساء المطلقات في ما يتعلق بالحصول على نفقة الأبناء والولاية الشرعية، إذ قال "ليس هناك معنى لأن يتقدم رجل بطلب الزواج بثانية وثالثة في حين أنه لم يؤد نفقة الزوجة الأولى، وليس هناك معنى أن تكون المرأة هي من تتحمل مسؤلية تربية الابن وحين ترغب بنقله من المدرسة تحتاج لإذن الأب حتى وإن كان سجينا أو هاربا أو لا يؤدي النفقة...".
وتنص المادة 236 من مدونة الأسرة المغربية على أن "الأب هو الولي على أولاده بحكم الشرع، ما لم يجرد من ولايته بحكم قضائي، والأم أن تقوم بالمصالح المستعجلة لأولادها في حالة حصول مانع للأب"، بينما تضع المادة 238 شروطا لولاية الأم على أبنائها من بينها "عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان للأهلية".
وترى حقوقيات أن النساء المطلقات في المغرب، وخاصة الحاضنات، يواجهن العديد من العراقيل بعضها مرتبط بمقتضيات قانونية، وأخرى مرتبطة بنظرة المجتمع للمطلقة.
"قوانين تمييزية"
وفي هذا الصدد، تقول رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء بالمغرب، سميرة موحيا، إن أكثر الصعوبات التي تواجهها المرأة المطلقة بالمغرب تكمن في "المقتضيات القانونية التمييزية التي تجعل المرأة في المرتبة الثانية بعد الرجل وتجعل الوصاية القانونية على النساء".
وتشير موحيا إلى الإشكالات المرتبطة بالولاية الشرعية على الأبناء مؤكدة في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أنها تطرح "عراقيل قانونية تهم نقل الأبناء من المدارس والسفر خارج البلاد والحصول على وثائق إدارية وفتح حساب بنكي لهم والاستفادة من التعويضات...".
كما ترى موحيا أن هناك إشكالات "ترتبط بالممارسة القانونية للقضاة التي تجانب المصلحة الفضلى للأطفال أحيانا"، منتقدة "عدم اعتمادهم على ديباجة القوانين التي تكرس لثقافة حقوق الإنسان والاستعانة بما جاء في الاتفاقيات الدولية".
وترى المتحدثة ذاتها بأن "نظرة المجتمع الدونية والتمييزية للمطلقات ناتجة عن قوانين تمييزية باعتبارها الموجه للسلوك البشري"، معتبرة أن حل تلك المشاكل "لا ينتظر قناعة المجتمع وإنما قناعة السياسي وجرأة صناع القرار بوضع مقتضيات قانونية واضحة لا تقبل تأويلا إيديولوجيا".
"موروث ثقافي"
وبدورها، تتطرق الناشطة الحقوقية، أمينة التوبالي، إلى الصعوبات التي تواجهها النساء المطلقات علاقة بالمقتضيات القانونية المتعلقة بالولاية الشرعية على الأبناء والتي تعكس وفقها "عدم التوازن بين الزوجين في ما يخص المسؤولية المشتركة على الأسرة".
وتقول التوبالي في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، إن تمكين الأب من الولاية الشرعية على الأبناء "يسفر عن معاناة بعض المطلقات وأبنائهن من بعض النصوص القانونية والإدارية المرتبطة بها والتي تتعارض مع المصلحة الفضلى للأطفال"، متسائلة عن المانع في جعلها مشتركة بين الزوجين "على قدر المساواة".
وبشأن نظرة المجتمع المغربي للنساء المطلقات، تؤكد التوبالي أن "طريق المشاركة الكاملة للمرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا يزال محفوفا بالعديد من العقبات المرتبطة بالموروث الثقافي الذي أقصاها لقرون من الزمن مما أثر سلبا على الترسانة القانونية التي كرست ثقافة التمييز في جل المجالات والحقوق".
وتبعا لذلك ترى التوبالي، وهي عضوة ائتلاف "المناصفة دابا"، أنه "مادامت العقليات تغيرها القوانين فإن الإصلاح القانوني سوف يؤثر بشكل إيجابي على نظرة المجتمع ولن يجعلها محط احتقار أو تمييز"، مشددة على ضرورة أن "تخضع القضية النسائية للمنطق والعقلنة وليس لصراعات إيديولوجية أو مصالح سياسية".
"حلول متأخرة"
وتعتبر المحامية والناشطة الحقوقية خديجة الروكاني، من جهتها أن حل مشاكل النساء المطلقات بالمغرب "يعرف تأخرا رغم أنه لم يعد قابلا للانتظار لأنه يؤثر على التنمية والديمقراطية والمؤشرات التي تصنف بها البلاد عالميا في عدة مجالات كالمساواة والتعليم ومحاربة الفساد".
وتضيف الروكاني معلقة على رد وزير العدل "نحن لا ننتظر من وزير العدل تصريحات ترمي بالحل إلى تغيير نظرة المجتمع وإنما نريد منه قرارات سياسية يقوم بتفعيلها بإخراج مشاريع قوانين، خاصة بعد مرور وقت طويل على الخطاب الملكي الذي دعا إلى مراجعة وتحديث مدونة الأسرة".
وفي هذا الصدد، تعتبر الروكاني في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أنه "من الصعب تغيير العقليات بالمجتمع لأنها ثقافة سائدة منذ عقود خلت ونتاج سياسات مختلفة قد تحتاج إلى وقت طويل"، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة إيجاد حلول مستعجلة للحد من هذه المشاكل.
ومن بين الحلول التي تقترحها المتحدثة ذاتها، إحداث صندوق يتيح للنساء المطلقات الاستفادة من النفقة وبناء حضانات مجانية لهن للحد من المشاكل المرتبطة بتهرب الأزواج من النفقة أو تلاعبهم في وثائق إثبات الدخل، مشددة على ضرورة التعجيل بتعديل المقتضيات القانونية ذات الصلة.
"المصلحة الفضلى للطفل"
خلافا لذلك، يرى المحامي والحقوقي عبد المالك زعزاع، أن "المشكل تم حله بالنسبة للقضاء المغربي ولا يستدعي أي تغيير"، مضيفا أن "القضاء يذهب مع نظرية دولية موجودة في القانون وهي ضمان المصلحة الفضلى للطفل إثر أي نزاع بين الزوجين".
ويعتبر زعزاع في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن المقتضيات القانونية الحالية "كفيلة بالحد من المشاكل المرتبطة بالولاية الشرعية خاصة لدى النساء المطلقات الحاضنات"، مردفا أن "الولاية الشرعية مضبوطة في مدونة الأسرة".
في المقابل، يرى المتحدث أن من أصعب المشاكل التي تواجهها النساء المطلقات تتمثل في "المبلغ الهزيل للنفقة خاصة لدى الحاضنات وانعدام ضمير بعض الأزواج الذين يفضلون قضاء عقوبة سجنية بدل أداء النفقة التي بإمكانهم دفعها".
ويلفت المتحدث ذاته في السياق إلى "عدم تفعيل العديد من المبادرات الحكومية التي تم الإعلان عنها سابقا كالمنصة الرقمية التي تحدثت عنها وزارة العدل في السنة الماضية لتتبع نفقة الأزواج المتهربين والحد من المشاكل المرتبطة بها كالتلاعب في الوثائق".
- المصدر: أصوات مغاربية