يحتفي المغرب، الإثنين، على غرار عدد من الدول، بـ"اليوم العالمي للطفولة" الذي يصادف 20 نوفمبر من كل سنة، وهي مناسبة تسلط فيها الفعاليات الحقوقية والمدنية الضوء على وضعية الأطفال.
وفي هذا الصدد، أجمع عدد من الفاعلين في العمل الجمعوي والحقوقي أن الأطفال بالمغرب "يواجهون العديد من التحديات في المجتمع ويعانون من مشاكل في مجالات ومستويات مختلفة، من بينها التهميش وعدم الاستفادة من حقهم في التمدرس والصحة خاصة في المجال القروي".
وكرس الدستور المغربي 2011 لحقوق الطفل ضمن باقي الحقوق الدستورية، حيث نص في الفصل 32 على أن "الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية"، مضيفا أن "التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة".
الحراق: وضع الأطفال متدهور
وتعليقا على الموضوع، يؤكد منسق الهيئة الاستشارية لقضايا الشباب والطفولة بمجلس جهة الدار البيضاء سطات، هاني الحراق، أنه يمكن تلخيص وضعية الطفولة المغربية في "إهمال عمومي يعتمد على تغييب الأطفال من البرامج والسياسات داخل جميع المؤسسات الحكومية التي تنهج مقاربة محاولة التشخيص بدل اتخاذ تدابير للنهوض بحقوقهم".
ويتابع الحراق حديثه لـ"أصوات مغاربية" موضحا أن "الأطفال اليوم يواجهون أيضا وضعا اجتماعيا متدهورا بسبب سوء تنشئتهم داخل أسر ضعيفة لا تقوم بواجبها كما يجب"، مبرزا "ضعف رعايتهم وغياب السلطة الضابطة للوالدين وعدم القدرة على تلبية حاجياتهم المتنوعة".
ويذكر الناشط الجمعوي والحقوقي، في هذا الصدد، أن "مؤسسات التربية الوطنية العمومية لا تقوم بأدوارها في تكوين شخصية الطفل وتنمية قدراتها"، محذرا من "تداعيات الاحتقان الذي يشهده القطاع التعليمي اليوم جراء الإضرابات المتتالية بأنها تفاقم وضعية الأطفال وتدفعهم نحو الانقطاع عن الدراسة وممارسة التسول أو ارتكاب أفعال جرمية أو تعرضهم لمختلف أشكال العنف الجسدي".
الحمري: أطفال القرى يعانون الهدر المدرسي
وفي هذا السياق، يسجل رئيس الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، محمد الحمري، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أنه "لا بد من التمييز بين الأطفال المتمدرسين داخل المجال القروي ونظرائهم في المجال الحضري"، مشيرا إلى أن معاناة أطفال القرية "أشد قساوة" مقارنة مع المتواجدين داخل المدن.
ويضيف الحمري أن الأطفال في القرى "لا يستفيدون من حقهم في التمدرس ونسبة الهدر بينهم تبقى مرتفعة بشكل أكبر عن مثيلتها في المجال الحضري"، لافتا إلى أن الأحياء الهامشية والفئات الهشة تعرف انقطاع الأطفال عن الدراسة بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة.
ويبرز المتحدث ذاته أن "ظروف التمدرس في المجال القروي تساهم بشكل كبير في عدم استفادة الأطفال من حقهم في التعليم"، موضحا أنها تكمن في "قلة العرض التربوي بالنسبة للداخليات ودور الطالبة والنقل المدرسي وبعد المؤسسات التعليمية عن منازل التلاميذ بمسافة تصل أحيانا إلى 10 كيلومترات.
الحوات: الأطفال في وضعية إعاقة يواجهون التهميش
وتشمل الطفولة في المغرب أوضاع الأطفال في وضعية إعاقة، حيث يبرز رئيس المرصد المغربي للتربية الدامجة، أحمد الحوات، أن وضعيتهم من حيث التشريعات والقوانين قد عرفت "قفزة نوعية مهمة" من خلال دستور 2011 والتوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والبروتكول الاختياري بالإضافة إلى استراتيجية وطنية للتربية الدامجة.
غير أن الحوات يستدرك موضحا، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "الإشكال يكمن في تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع مما يؤكد وجود مجموعة من الاختلالات والأعطاب حيث يعاني هؤلاء الأطفال من الإقصاء والتهميش لا سيما في المجال القروي".
ويعتبر الحوات أن تزايد الأسر المعوزة ونقص الموارد البشرية الصحية المختصة في الإعاقة "يعيق نمو وتطور هؤلاء الأطفال داخل المجتمع ويجعل الخدمات الطبية وشبه الطبية الموجهة لهم باهظة الثمن"، داعيا الحكومة إلى تمكينهم من كامل حقوقهم لضمان العيش الكريم لهم.
برامج حكومية جديدة
وكانت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المغربية، عواطف حيار، قد أفادت بأن وزارتها تعمل على تطوير برامج جديدة ترتكز على إحداث جيل جديد من الخدمات المتعلقة بحماية الطفولة وفق استراتيجيتها 2022-2026.
وأوضحت حيار في جوابها على سؤال كتابي بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، أورده موقع "snrtnews" (حكومي) في أكتوبر المنصرم، أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى "تعزيز القدرات والتمكين الاقتصادي ومواكبة الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، بما في ذلك التعويضات العائلية لفائدة حوالي 7 ملايين طفل في سن الدراسة".
وذكرت حيار في جوابها أن وزارتها تهدف مستقبلا إلى "جعل الأسر شريكا أساسيا في ابتكار حلول ملائمة لرعاية وحماية الأطفال المحرومين من السند الأسري"، مؤكدة العمل على "وضع برامج اجتماعية جهوية لحماية الطفولة خاصة في مجال الإدماج الاجتماعي للأطفال في وضعية الشارع والأطفال ضحايا الاستغلال في التسول وتزويج القاصرات".
- المصدر: أصوات مغاربية