رغم الإخفاقات المتكررة لكرة القدم الجزائرية خلال السنتين الأخيرتين، فإن السواد الأعظم من عشاق الرياضة الأكثر شعبية لا يستطيعون نسيان نجمهم الكبير وصانع أفراحهم في سنوات الثمانينات.. اللاعب لخضر بلومي أو صاحب القدمين الساحرتين، كما يلقب.
وقد تجاوزت الشهرة التي اكتسبها ابن مدينة معسكر حدود الجزائر لتنتشر في العديد من البلدان العربية والأوربية خلال تلك السنوات بالنظر إلى الإنجازات الكبيرة التي حققها في مشوراه الكروي، سواء مع المنتخب الجزائري أو مع الفرق التي لعب لها.
وأعاد الاتحاد الدولي لكرة القدم، في تغريدة نشرها على حسابه بتويتر الأسبوع الماضي، التذكير باللاعب لخضر بلومي، من خلال فيديو تضمن لقطات كروية لا تزال محفورة في ذاكرة الجزائريين وعلقت عليها بفقرة جاء فيها "خضر بلومي.. هكذا سطَر المحارب رفقة منتخب الجزائر في كأس العالم تاريخًا من الذهب".
الطريق إلى الأضواء..
إلى غاية منتصف السبعينيات لم يكن اسم لخضر بلومي ( ولد عام 1958) معروفا بشكل كبير في الوسط الرياضي بالنظر إلى الفرق الصغرى التي كان يلعب لها، كنادي خمليس مليانة.
يحكي لخضر بلومي عن مسيرته الرياضية فيقول إن "بدايتها كانت صعبة ومعقدة بسبب الوضع المادي لعائلتي ما اضطرني إلى مغادرة مسقط رأسي ولاية معسكر والبحث عن نواد أخرى بهدف رفع الغبن عن والدي".
وبعد فترة وجيزة قضاها متجولا بين عدة فرق، عاد بلومي إلى مسقط رأسه ليلتحق بنادي غالي معسكر بداية من سنة 1976 ليخوض تجربة جديدة كان لها الفضل في تعريفه ونشر اسمه وسط عشاق كرة القدم على خلفية الفنيات الكبيرة التي أبان عنها في الكثير من المقابلات، ما أهله بعدها إلى الانتقال إلى نوادي كبرى مثل مولودية وهران، قبل أن يلتحق بمولودية الجزائر، نهاية السبعينات، خلال تأدية واجب الخدمة الوطنية بالعاصمة.
في هذه المرحلة سيحقق لخضر بلومي الحلم الذي طالما راوده وهو الالتحاق بالمنتخب الجزائري، حيث تمكن من إقناع المدرب رشيد مخلوفي، وقتها، الذي وجهه له الدعوة لأول مرة في 1979، لتبدأ مسيرة جديدة لنجم الكرة الجزائرية.
نجومية معطلة..
بداية من الثمانينات أصبح اسم لخضر بلومي مرادفا للعبة كرة القدم في الجزائر بالنظر إلى تعلق جماهير واسعة بفنياته وبأدائه الكبير مع الخضر في الكثير من المناسبات، خاصة في بطولة كأس أفريقيا لسنة 1980، التي جرت بنيجيريا وتأهل فيها المنتخب الجزائري إلى النهائي.
في سنة 1982 كان لبلومي موعد آخر مع أهم محطة في حياته الكروية، من خلال أدائه المتميزة في مونديال إسبانيا في إطار أول مشاركة للجزائر ببكولة كأس العالم، وقد تمكن ابن مدينة معسكر من تحقيق إنجاز تاريخي عن طريق هدف الفوز الذي سجله في مرمى العملاق شوماخير، ضامنا فوز الخضر على ألمانيا، أقوى فريق في ذلك الوقت.
وأعاد النجم الجزائري الكرة مرة أخرى في مونديال المكسيك، ما جعله محل اهتمام العديد من الأندية الأوروبية العريقة، مثل جوفنتيس وبرشلونة، لكن حظه العاثر حرمه من ذلك بعد الإصابة التي تعرض لها في ليبيا خلال بطولة أفريقيا للأندية، وهو الأمر الذي حرمه من البروز أكثر..
مُطالب في البوليس الدولي
ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد كانت مرحلة نهاية الثمانينات نذير شؤوم بالنسبة لمحبوب الجماهير الجزائرية، حيث تعرض آنذاك إلى انتكاسة حقيقية بدأت رياضية وانتهت أمام البوليس الدولي الذي صار يقتفي آثار في كل مدن العالم، فما الذي وقع؟
في عام 1990، تقابل المنتخب الجزائري ضد نظيره المصري في مقابلة فاصلة من أجل التأهل إلى مونديل إيطاليا، فابستم الحظ لمنتخب الفراعنة في أجواء مشحونة جدا سرعان ما تحولت إلى شجارات بين اللاعبين ما أدى إلى إصابة خطيرة لطبيب المنتخب المصري على مستوى العين.
اتهم السلطات المصرية اللاعب لخضر بلومي بالمسؤولية عن هذه الحادثة وحركوا ضده إنابة قضائية على مستوى البوليس الدولي من أجل محاكمته، وهو الأمر الذي فرض عليه عزلة دولية حرمته بعدها من المشاركة في المباريات الدولية مخافة القبض عليه وتحويله للمحاكمة في مصر.
وقد زادت محنة الرجل سنة بعد هذا التاريخ عندما وجد نفسه مقصيا من تشكيلة منتخب بلاده المشاركة في بطولة كأس أفريقيا للأمم التي احتضنها وفازت بها الجزائر سنة 1990.
يتذكر بلومي كثيرا هذه "الهزة" ويكرر في جميع تصريحاته أنه مستعد لتجرع كل المرارات والإخفاقات التي مر بها باستثناء حرمانه من التتويج بالكأس الأفريقية على أرض بلده.
المصدر: أصوات مغاربية