التحول الرقمي بالمغرب.. ما الذي تحقق؟
طالب فريق برلماني بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان)، الحكومة المغربية بتقديم حصيلتها المتعلقة بتفعيل مضامين النموذج التنموي المتعلق بالتحول الرقمي وذلك بعد مرور سنتين من ولايتها.
وقال رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية (معارض) رشيد حموني في سؤال كتابي موجه إلى الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، الأربعاء، إنه يتعين في ذلك الإطار رفع خمس تحديات تشمل اعتماد استراتيجية للتحول الرقمي وتأهيل البنيات التحتية الرقمية وتطوير منصات رقمية وتكوين الكفاءات بأعداد كافية واستكمال الإطار القانوني ذي الصلة.
وكان المغرب قد أطلق عدة خطط تهدف إلى تحقيق التحول الرقمي منها استراتيجيات "المغرب الإلكتروني 2005-2010" و"المغرب الرقمي 2009-2013" و"المغرب الرقمي 2020".
وفي تقرير حصيلتها السنوية لعام 2022، الصادر في مايو الماضي، أعلنت الوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي أنها تعمل على إعداد استراتيجية وطنية للتحول الرقمي 2030 مبنية على ثلاثة محاور أساسية تهم الاقتصاد الرقمي والإدارة الرقمية والشمول الرقمي.
من جانبه، اعتبر تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (مؤسسة مغربية رسمية) في أوائل العام الماضي، أن مختلف المبادرات التي تم اتخاذها لتوفير متطلبات إنجاح مسلسل التحول الرقمي بالمغرب تظل "غير كافية"، مشيرا إلى أن أزمة كوفيد 19 ساهمت في توسيع الفجوة الرقمية.
"غياب الموارد البشرية والمالية"
وتعليقا على الموضوع، يقول الخبير الاقتصادي المغربي رشيد أوراز، إن التحول الرقمي بالمغرب "ليس ورشا سهلا إذ يتطلب إمكانات مالية هائلة جدا"، مستدركا أن البلاد لا تتوفر على هذه الإمكانات لرصدها من أجل تحول رقمي شامل.
ويتابع أوراز في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "غياب الموارد البشرية والمالية هو التحدي الكبير بالنسبة للتحول الرقمي في المغرب"، لافتا إلى أن "ما يتم تكوينه من موارد بشرية أغلبه يهاجر خارج البلاد لأسباب كثيرة وهذا النزيف المستمر منذ سنوات يؤثر في إحداث هذا التطور".
ويعتبر أوراز أن المغرب "بلد ضعيف" من حيث جذب الاستثمارات في القطاع الرقمي، منبها إلى أن "الوتيرة البطيئة للتحول الرقمي تؤثر على النمو الاقتصادي بشكل عام وعلى الحكامة وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين بشكل خاص"، مشيرا إلى "إمكانية تأثيرها أيضا على ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة".
"تباين بين القطاعين العام والخاص"
وفي المقابل، يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالرباط بدر الزاهر الأزرق، أن "التحول الرقمي في المغرب يعرف تقدما مهما رغم تباين سرعته بين القطاعين الخاص والعام"، مبرزا أن القطاع العام وخاصة الأبناك والتأمينات وغيرها "قطعت أشواطا على مستوى التحول إلى البعد الرقمي في تقديم الخدمات".
ويوضح الأزرق في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "هذا التقدم يتجلى بالخصوص في الوصول إلى الوثائق والأحكام القضائية والسجلات الإلكترونية والعقود العدلية والعقارية"، مردفا أن التوجه الآن منصب أيضا نحو تبسيط المساطر خاصة المتعلقة بالاستثمار.
وتطرق المتحدث ذاته، إلى اعتماد الرقمنة في منظومة التعليم عبر تدريس جزء من المواد في الجامعة ورقمنة البيانات وتصحيح الامتحانات والحصول على الشواهد وتقديم الشكايات، معتبرا أن "المغرب يمضي بخطى حثيثة نحو تحقيق كل الأهداف في أفق سنة 2030".
"جهات قد تكون ضد الرقمنة"
ومن جانبه، يرى المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أن الرقمنة "توارت نوعا ما إلى الخلف" خلال السنتين الأوليين من عهد الحكومة الحالية، وهو ما يعزوه إلى "تواتر عدد من الإشكالات والأزمات التي دفعت مواضيع عديدة إلى الواجهة وعلى رأسها أزمة غلاء الأسعار والتضخم والجفاف".
ويوضح أبو العرب في تصريح لـ"أصوات مغاربية" أنه "بالنظر إلى ما يمكن إنجازه في هذا المجال فإنه لا يزال أمام المغرب مسافة كبيرة من التحول الرقمي حتى يكون في مستوى المعايير الدولية"، لافتا إلى تصنيف المغرب في المرتبة 101 في مؤشر التحول الرقمي.
وبشأن التحديات التي يواجهها التحول الرقمي بالمغرب، يقول المتحدث إن "هناك جهات قد تكون ضد الرقمنة لأنها لا تخدم مصالحها من حيث تحقيق الشفافية والقضاء على الفساد ومحاربة الرشوة"، ينضاف إلى ذلك "تحدي توفير العنصر البشري المؤهل لمواكبة هذه المجهودات المتعلقة بالتحول الرقمي".
- المصدر: أصوات مغاربية