وزير الاتصال الجزائري لـ'أصوات مغاربية': لا نهتم لحسابات الآخرين
- يتحدث الناطق الرسمي باسم الحكومة الجزائرية ووزير الاتصال، عمار بلحيمر، لـ"أصوات مغاربية" عن رؤية الحكومة لمستقبل حرية الصحافة ويرد على الانتقادات التي تطالها من منظمات دولية. كما يكشف عن أهم القرارات المرتقبة بشأن الإعلانات وتنظيم بث القنوات والوضعية الاجتماعية للصحافيين.
ما رأيك في النقاش الذي تعرفه الجزائر حول مستقبل حرية الصحافة على ضوء تقارير منظمات دولية وتصريحات نشطاء، تشير إلى "تراجع حرية الصحافة في الجزائر"؟
أولا، هذه التقارير تحدثت عن حرية الصحافة بشكل مطلق في العديد من الدول، بما فيها تلك الدول التي قطعت الديموقراطيات والحريات فيها أشواطا معتبرة، لكن هناك بعض "التصنيفات" تطلق كلّما تعلق الأمر بشأن جزائري وليس في مجال الصحافة والإعلام فحسب.
نحن نحترم الرأي و الاختلاف حتى وإن جانب في بعض الأحيان الحقيقة. ذلك يعود ربما إلى عدم الدقة في تشخيص أو رصد الحقائق، أو حتى لخلفيات وأحكام مسبقة لها أغراضها، ومع ذلك فنحن لا نهتم كثيرا بحسابات الآخرين.
ما يهمنا هو بلدنا وشعبنا ومؤسساتنا الوطنية. بكلمة واحدة ما يعنينا هو العمل على إنجاح مسار الجزائر الجديدة، التي ستنعم باستقرار وأمن وحرية لا حدود لها.
وفي جميع الأحوال يجب مراعاة حقوق الآخرين في حماية شرفهم وحرمتهم وحياتهم الخاصة وحقهم في الصورة، وحمايتهم من كافة أشكال القذف والسب والشتم.
قلت نحترم الرأي والرأي الآخر لسببين:
أولا؛ لأننا نعتبر الصحافة ممارسة ومهنية وليست أحكاما ونوايا فقط.
ثانيا؛ بالنسبة إلينا كوزير للاتصال وناطق باسم الحكومة الجزائرية، فإن حرية الصحافة من ثوابت الجزائر الجديدة، وحرية التعبير بشكل عام من أركان الدستور القادم.
يكفي أن نذكّر بأن الرئيس السيد عبد المجيد تبون جعلها الالتزام السادس في تعهّداته الـ54 من برنامجه الانتخابي.
سنعمل من أجل حرية أكبر وصحافة حرة محترفة، لبلوغ معلومة موثوقة تحدّدها أخلاقيات المهنة والمسؤولية المرتبطة بقوانين الجمهورية، كما هو معمول به حتى في أرقى الديموقراطيات على غرار الولايات المتحدة الأميركية.
تعيش الصحافة في الجزائر على عائدات الإشهار العمومي. وقد أعلنت مؤخّرا صحيفة وطنية توقيف السّحب بسبب انعدام الإشهار العمومي على صفحاتها، أين وصلت مساعي إعادة هيكلة طرق توزيع الإشهار؟
غالبية الصّحف في العالم تعيش على عائدات البيع والإشهار والاشتراكات، عموميّة كانت أو خاصّة، إضافة إلى الإشهار العمومي، الذي هو دعم غير مباشر للصحافة الوطنية.
في الجزائر هناك دعم غير مباشر آخر، يتجسد في دعم سعر طباعة الجرائد (الورق) أو كراء المقّرات بأسعار رمزية.
الجزائر من البلدان القلائل، التي توفّر مقرّات للصحافة، إضافة إلى صندوق دعم الصحافة الوطنية والإعفاءات الضريبية عند إنشاء مؤسسة إعلامية عبر "الوكالة الوطنية لتنمية الإستثمار ANDI"، وتصل مدة الإعفاء الضريبي أحيانا إلى خمس سنوات.
بالنّسبة للشقّ الثاني من السؤال حول توقّف جريدة وطنية.. نقول إنها ليست الجريدة الأولى، التي توقفت عن الصّدور بسبب أزمة مالية.
عشرات الجرائد توقفت منذ أسابيع، بل منذ أشهر وسنوات لنفس الأسباب، ويحدث هذا في كل أنحاء العالم.. جرائد تتوقف و جرائد تنشأ.
نحن نعتقد أن المسألة تجارية محضة، وليس في مجال الصحافة فحسب، بل إنّ العديد من المؤسّسات الاقتصادية والتجارية توقفت بسبب أزمات مالية أيضا، وعلى الخصوص خلال السنوات الأخيرة، حين تعطّلت عجلة التنمية والاقتصاد، ليس في الجزائر فحسب، بل حتّى في العالم.
إذن، المسألة مرتبطة بمخّططات تنمية و أساليب تسيير (business-plan)، بالنسبة لإعادة هيكلة الإشهار، تجدر الإشارة إلى أنّ عملية توزيعه في الوكالة الوطنية للنشر والإشهار (A N E P) لم يسبق في تاريخ الوكالة أن ضبطت معايير أو مقاييس شفّافة للتوزيع، وعلى الأقل منذ إنشاء الصحافة الحرّة.
وقبل التسعينات وميلاد التعددية الحزبية والتعددية الإعلامية، كانت الصحافة مختصرة في الصحافة العمومية، وحتى بالنسبة للمطابع والتوزيع.
المديرية الحالية بصدد وضع اللمسات الأخيرة على جملة مقاييس (14 مقياسا) للاستفادة من الإشهار العمومي، الذي يمثّل دعما غير مباشر للصحافة الوطنية، هذه المقاييس ظرفية في انتظار صدور قانون الإشهار.
وبما أنّ هذا الدّعم هو من المال العام، مال الشعب و مؤسّساته، فلا بدّ أن يذهب إلى مستحقيه وفق ضوابط وشرّوط موضوعية، شفّافة، تضع حدّا للفوضى والنّهب المنّظم للمال العام.
لكن تجدر الإشارة إلى أن سوق الإشهار في الجزائر سوق حرة، والإشهار العمومي يمثل جزءا فقط من سوق الإشهار.
علينا أن نعلم أنّ السّاحة الإعلامية في الجزائر تتقاسمها 530 نشرية منها 162 يومية وأسبوعية، إضافة إلى المواقع الإلكترونية والفضائيات والإذاعات.
وعلينا أن نعلم أيضا أن العملية الإشهارية بمقاييسها الحالية هي حديثة في الجزائر، ومازالت في مرحلة التمهين.
هل الحكومة مستعدة لإشراك الصحفيين والمهنيين في النقاش بشأن حزمة القوانين التي تخصّ مستقبل القطاع؟
لا يمكننا الحديث عن إصلاحات وورشات دون إشراك الفاعلين في القطاع من صحافيين و باحثين و خبراء، فهم جزء رئيسي في تغيير الوضع وإصلاح القطاع.
وزارة الاتصال ضبطت 10 ورشات إصلاحية، نفذت منها ورشة الصحافة الإلكترونية وورشة التنظيمات النقابية (من باب رصد انشغالاتها)، هذا البرنامج توقف بسبب وباء الكورونا، وسيستأنف مباشرة بعد التخلّص من هذا الوباء الذي يجتاح العالم.
يرى البعض أن سلطة الضبط السمعي البصري لا يسمع صوتها إلا في رمضان أو خلال الانتخابات. هل أنتم راضون عن هذا الأداء؟
هذه سلطة ضبطية مستقلة عن وزارة الاتصال. لا تعليق لي، لكن ما دمتم طرحتم السؤال، أكتفي بالقول أن رئيسها كفاءة عالية، ويتمتع بخبرة كبيرة في مجال الصحافة والاتصال.
لقد ورث وضعا معقّدا و إرثا ثقيلا قد يتطلّب وقتا لإصلاح الوضع.
من المشاكل المطروحة بحدّة في الجزائر وضعية الصحافي. بعضهم يعمل بمرتبات متدنية، و البعض الآخر دون تأمين. هل هناك حلول لهذه المشاكل المهنية؟
قضية الأجور والتأمين هي علاقات مهنية يحدّدها قانون العمل وتشريعاته. لذلك منذ تنصيبنا – وأنا رجل قانون إضافة إلى كوني صحفيا وأستاذ حقوق – نادينا من أجل إنشاء تنظيم نقابي تمثيلي قوي هو وحده الكفيل بالسهر على تطبيق قانون العمل وتشريعاته، استنادا إلى مفتشيات العمل.
وحتى اللجوء إلى العدالة لانتزاع الحقوق وحماية مناصب الشغل، كما سبق أن أشرت، من باب المساعدة ليس كوزير وممثل للحكومة فقط ولكن أيضا كنقابي سابق، ناديت إلى جعل ورشة التنظيمات النقابية ضمن الأولويات.
وقد كانت الورشة الثانية في رزنامة عملنا. وتدعيما لما سبق عمدت المديرية العامة الجديدة للوكالة الوطنية للنشر والإشهار إلى إدراج "إلزامية" تأمين العمال بصفة عامة، ضمن شروط الاستفادة من الإشهار، وهي مبادرة نبيلة تدعم مسعانا الشامل في إصلاح القطاع وتطهيره من القوى غير الإعلامية.
لازالت القنوات الجزائرية الخاصّة تعمل وفق قوانين أجنبية. هل هناك نية لتعديل منظومة القوانين التي تنظّم عملها ؟
بالتأكيد. سنعمل على تفعيل الآليات التنظيمية لتتكيف هذه الفضائيات مع القانون الجزائري، إن تفعيل هذه الآليات سيضع حدّا لهذه الفوضى.
أنشئت هذه القنوات في ظروف استثنائية وعليها اليوم أن تخرج من الاستثناء إلى توطين قانوني من جهة، وتوطين تكنولوجي من جهة أخرى، انطلاقا للبث من القمر الصناعي الجزائري ألكوم سات 1.
لم يبق سوى صدور النصوص التنظيمية لهذه الفضائيات، تجدر الإشارة إلى أنّ الورشة الرابعة المؤجلة بسبب الكورونا مخصصة للفضائيات، أي مباشرة بعد ورشة "الصحافة الجوارية"، التي كانت مقررة بورقلة في 26 مارس الماضي وتأجلت بسبب تفرغ الدولة لمجابهة الكورونا.
- المصدر: أصوات مغاربية