زمن كورونا بتونس.. فرصة لتحديث قطاع الصحة أم لتعميق أزمته؟
هجرة آلاف الأطباء التوانسة إلى الخارج وتراجع جودة القطاع الصحي، وضع الحكومة اليوم أمام تحديات كبيرة لاختبار نجاعة منظومتها الصحية في مواجهة أزمة كورونا.
هذه الأزمة اعتبرها بعض المختصين في البلاد "فرصة حقيقية مكنت الدولة من عصرنة القطاع الصحي والتفكير في تطوير منظومته مستقبلا" فيما رأى آخرون أن "الجائحة قد عرت عدة نقائص وزادت في تعميق أزمة الصحة التونسية".
فرصة لعصرنة للقطاع الصحي
في هذا الصدد، قال عضو لجنة مجابهة فيروس كورونا المستجد بوزارة الصحة، سمير عبد المؤمن ، إن أزمة "كوفيد 19 "مكنت القطاع الصحي في تونس من تركيز منظومة تقنية جديدة و تطوير تطبيقات عملية تم إعدادها خلال شهرين فقط، بعد سنوات من حالة الركود في القطاع، مشيرا إلى أن جائحة كورونا كانت "فرصة كبيرة للوقوف عند بعض النقائص والتفكير في عصرنة القطاع الصحي" .
وأضاف في تصريح "لأصوات مغاربية"" بأن "المنظومة الصحية لا تتعلق فقط بقوة التجهيزات التقنية إنما بالخبرات والأدمغة وجودة الأطباء أيضا، إضافة إلى حسن إدارة الأزمة باتخاذ القرارات السياسية في الوقت المناسب".
وحسب المتحدث ذاته ،فقد مرت المنظومة الصحية بعدة أزمات كبرى آخرها سنة 2011، باستقبال الدولة لأكثر من مليوني لاجئ من ليبيا في فترة وجيزة لم تتجاوز ستة أشهر، ما عرض البلاد لخطر انتقال الأمراض والأوبئة، لكن القطاع الصحي نجح في تجاوزها.
و لفت عبد المؤمن إلى أن الوباء وضع كل دول العالم أمام اختبار حقيقي لمنظومتها الصحية، "والدولة التونسية لم تكن بمعزل عن ذلك، فرغم إمكانياتها الصحية الضعيفة فقد صمدت هياكل قطاعها الصحي أمام الوضع الطارئ بفضل كفاءة طاقاتها البشرية".
كما شدد عبد المؤمن على أن الأزمة قد أحدثت رجة كبيرة لدى الفاعلين والمجتمع للتفكير مستقبلا في تحسين المنظومة الصحية وتوفير الإمكانيات اللازمة لكل المستشفيات في البلاد.
كورونا عمقت أزمة الصحة
في المقابل، اعتبر الكاتب العام للجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة، منصف بلحاج يحيى، بأن "الجائحة زادت في تعميق أزمة القطاع الصحي الذي تدهور خلال السنوات الأخيرة".
وأضاف المتحدث: "طالبنا منذ سنوات بإنقاذ المنظومة الصحية التي كانت مفخرة للتونسيين منذ الاستقلال، لكنها اليوم صارت مهددة بالانهيار، لافتا إلى أن أزمة كورونا أظهرت النواقص العديدة التي يعاني منها القطاع".
وكشف بلحاج يحيى عن أن نحو مليون مريض تونسي محرومون من حقهم في الدواء بسبب فقدان بعض الأدوية من المستشفيات، مما قد يهدد حياتهم، مرجعا ذلك إلى أن تركيز السلطات على كوفيد-19 قد ساهم بشكل غير مباشر في فقدان الأدوية.
وأشار المتحدث إلى أن تناول الأدوية بانتظام بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة هو ضرورة حياتية لتفادي المضاعفات الصحية الخطيرة، مضيفا أن الانقطاع عن التناول المنتظم للأدوية يزيد من خطورة إصابة غير مستبعدة بوباء كورونا.
- المصدر: أصوات مغاربية