قررت السلطات الجزائرية تصنيف مدينة مليانة، الواقعة غرب البلاد، تراثا محفوظا.
وقالت وزير الثقافة مليكة بن دودة في جلسة بالمجلس الشعبي الوطني، إن مدينة مليانة بولاية عين الدفلى، وهي من أقدم المدن الجزائرية "ستصنف عن قريب ضمن القطاعات المحفوظة، والتي يبلغ عددها حاليا 22.
وأفادت بن دودة بأنه "سيتم عرض ملف إنشاء القطاع المحفوظ لمدينة مليانة على اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية، فور رفع الإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا".
وعن أسباب التصنيف قالت "إن وجود وحدات تراثية مستقرة في فضاء متكامل تشمله مدينة مليانة، دفعنا إلى الشروع في إعداد واستكمال الإجراءات اللازمة لإنشاء قطاع محفوظ لهذه المدينة، وفق الاجراءات المحددة في القانون 04-98 والمتعلق بالتراث الثقافي".
فينيقيون و"زوكوبار" وأندلسيون
وتعتبر المدينة محطة تاريخية كبيرة عبر العصور، زارها ابن خلدون وأقام بها واتخذها الأمير عبد القادر حصنا له سنة 1835 وكانت منطلقا لمقاومة الأمير خالد السياسية.
يعود تاريخ المدينة إلى العهدين الفينيقي والنوميدي، لكنها تأسست فعليا سنة 27 قبل الميلاد على يد الإمبراطور أوكتافيوس زوكوبار، ومنه أخذت اسمها "زوكوبار" الأول ودخلت تحت حكم مملكة موريطانيا القيصرية وملكها يوبا الثاني، ولا تزال جدران الرومان شاهدة على مرورهم.
وفي العهد الإسلامي أعاد تأسيسها الملك الصنهاجي بولوغين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية في عاصمته آشير (المدية)، ثم دخلت تحت حكم الدولة الحمادية، وتعاقبت عليها دول المرابطين والحماديين والموحديين وأخيرا الزيانيين.
حديثا هاجر إليها الأندلسيون نظرا لموقعها، حيث تعدّ ملتقى للتجار والصناع والحرفيين وقربها من حواظر غرب الجزائر.
مليانة.. كتاب مفتوح
ونشرت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس الخميس، تقريرا تحدّثت فيه إلى مختصين ومثقفين من المدينة، عن ماضيها وما فيها من آثار.
ووصف المتحدثون مليانه بأنها "كتاب حقيقي مفتوح على الحضارات التي تعاقبت عليها".
وأوضح عباس كبير بن يوسف، وهو مصمم ورسام وموسيقار وعالم أثار، بأن المدينة ترقع على "مواقع مثل ضريح سيدي أحمد بن يوسف وحديقة النباتات و أسوار عتيقة، وهو ما سيثير اهتمام و شغف الزوار".
وقال بن يوسف، الذي كان مسؤولا عن متحث الأمير عبد القادر، الذي يحوي آثار الأمير إن المدينة "تخفي جوانب كثيرة من تاريخ الجزائر، يمكنها أن تكون هدفا للطلبة الذين يحضرون مذكرات نهاية دراستهم"، في إشارة إلى مقاومة الأمير عبد القادر لفرنسا، والتي كانت مليانة إحدى محطاتها.
فن الطبخ.. وأميرال أميركي
وتحتل العادات والتقاليد جزءا كبيرا من تراث مدينة مليانة، التي تسمى أيضا مدينة حب الملوك، بسبب كثرة زراعة هذه الفاكهة بها.
وتقول مؤلقة كتاب "فن الطهي في الجزائر" فاطمة الزهراء بوعياد إن "طبق الكسكس مع لحم الضأن ينحدر من مليانة".
من جهته، دعا رئيس جمعية "أصدقاء مليانة"، لطفي خواتمي، إلى الاهتمام أكثر بتراث المدينة المادي من الهدم "اضطررنا مرارا وتكرارا إلى التوقيع على عرائض لوقف عمليات هدم عدد من المباني التي تعد جزءا من تراث المدينة لأننا أردنا تجنب السيناريو الذي تعيشه القليعة، التي اختفت مدينتها القديمة، لأن الناس يهدمون بمجرد الحصول على ملكية معينة".
وأشار المتحدث إلى وجود أضرحة كثيرة في المدينة ومناظر طبيعية وتضاريس خلابه، وفي هذا الصدد قال "التنمية المحلية تكمن في السياحة الثقافية والدينية لا سيما في ظل القدرات التي يمكن استغلالها والمتمثلة في السياحة الجبلية".
من جانبه، قال محمد لنجريت، وهو أستاذ سابق ومهتم بتاريخ المدينة "لا يمكن مقارنة مليانة بغيرها من المدن الساحلية المصنفة لكونها معزولة.. والاستغلال الأمثل لطاقات القطاع من شأنه أن يجعل الجزائر تتفوق على العديد من البلدان الإفريقية من حيث عدد السواح".
وذكر الكاتب في نهاية حديثه بزيارة "أميرال في البحرية الأمريكية للساحل الغربي للجزائر العاصمة أبهره جمال المناظر، حتى قال إنه أجمل من مسقط رأسه كاليفورنيا".
- المصدر: أصوات مغاربية/ وكالة الأنباء الجزائرية