منذ أزيد من أربع سنوات و"مشروع القانون المعدل والمتمم لمجموعة القانون الجنائي" يراوح مكانه في المغرب في ظل خلافات تهم أساسا المادة المتعلقة بتجريم "الإثراء غير المشروع".
وكانت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب قد حددت يوم الجمعة الماضي كآخر أجل لوضع التعديلات على مشروع القانون المذكور إلا أنها توصلت بطلبات من بعض الفرق لتأجيل الموعد.

"لوبي الفساد"
بالنسبة لرئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام"، محمد الغلوسي، فإن "تأخير تجريم الإثراء غير المشروع ومحاولة الالتفاف عليه يعكس قوة لوبي الفساد".
ويتابع موضحا أن "خروج هذا القانون إلى حيز الوجود ليس من مصلحة المستفيدين من واقع الفساد والريع"، مضيفا أن "بعض النخب التي راكمت ثروات غير مشروعة تسعى في كل فرصة إلى إقبار هذا القانون وإقبار المقتضيات التي من شأنها أن تساهم في تخليق الحياة العامة وفي التصدي للفساد والرشوة".
ويتوفر المغرب على قانون يتعلق بالتصريح الإجباري عن الممتلكات، غير أن الغلوسي يؤكد ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" بأن هذا القانون "لا معنى له في غياب قانون يجرم الإثراء غير المشروع".

من جهة أخرى، لا يرى المتحدث ضرورة لسن قانون مستقل إذ يؤكد أن "الأساسي هو تجريم الإثراء غير المشروع وسن عقوبات سالبة للحرية ومصادرة الأملاك والممتلكات المترتبة عن الفساد والرشوة".
وينص الفصل موضوع الجدل على عقوبة مالية تتراوح بين 100 ألف ومليون درهم في حق كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات عرفت ممتلكاته زيادة غير مبررة، إلى جانب "مصادرة الأموال غير المبررة"، و"التصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية".
ويؤكد الغلوسي بأن العقوبات التي جاء بها هذا الفصل "غير كافية" معتبرا أنها ستمكن "المفسدين وناهبي المال العام من ثغرات للإفلات من العقاب".
"جيوب مقاومة"
بدوره، يرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، أن المادة التي جاءت في مشروع القانون، بشأن الإثراء غير المشروع "لا تجيب بشكل كامل على المطالب والشعارات التي رفعت بعد دستور 2011".
فما كان متوقعا من الحكومة المغربية، بحسب ما يوضحه الشرقاوي ضمن تصريحه لـ"أصوات مغاربية" هو أن "تذهب في اتجاه تجربة مماثلة لتلك التي قامت بها تونس، أي أن تُخرج قانونا مستقلا لمكافحة الإثراء غير المشروع".
وكان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو أحد أعضاء التحالف الحكومي، قد ذهب في هذا الاتجاه، حين قدم الأسبوع الماضي، مقترح قانون منفصل يتعلق بالإثراء غير المشروع.

ورغم أنه يرى بأن المادة موضوع الجدل "ضعيفة" "وهزيلة" إلا أن الشرقاوي يؤكد بأن "مرورها كان سيعطي -على الأقل من الناحية الرمزية والسياسية- رسالة بوجود رغبة لمحاربة الفساد".
وعن أسباب تأخر خروج تلك المادة والقانون ككل حتى الآن، يوضح "لا توجد قوة تستطيع أن تقول أنا ضد تجريم الإثراء غير المشروع"، غير أنه يؤكد في الوقت نفسه وجود "عرقلة ضمنية"، و"جيوب تقاوم إخراج القانون".
ويتابع موضحا أن "جزءا من الأسباب التي جعلت القانون يبقى جامدا هو عدم تجانس الحكومة وعدم التنسيق داخل البيت الحكومي"، مردفا أنه "لو كان هذا البيت متكاملا ومتجانسا لمرت هذه المادة دون مشاكل".
- المصدر: أصوات مغاربية