"الكناوة".. موسيقى ورقصات وكلمات وحركات فلكلورية يشتهر بها المغرب، يُجمع كثيرون على تسميتها "موسيقى العبيد"، الذين جاؤوا من أفريقيا في عهود غابرة واستقروا في المملكة المغربية.
فما حكاية هذه الموسيقى، التي تحتضن مدينة الصويرة بالمغرب مهرجانا عالميا يحجُ إليه عشاقها من كل بلدان المعمور؟
كناوة.. الأصول
عن أصل تسمية "كناوة"، يشير الباحث الفرنسي روني باسي في كتابه Les noms des metaux et des couleurs en Berbère إلى أن "أصلها أمازيغي وهو أكناو أو كناوية، وتعني أرض الرجل الأسود، وهي تسمية يطلقها خصوصا أهل الجزائر ومناطق جنوب ليبيا على أراضي أفريقيا".
رأي آخر يقول إن تسمية كناوة "تعود إلى مدينة دجيني، في المنطقة الجنوبية التي يطلق عليها الأوروبيون، خصوصًا البرتغاليون، اسم غينيا، والتي كانت تقع بجانب نهر النيجر في مالي حاليا"، وهو ما رجحه الباحث الحسن الوزاني، حيث يضيف في كتابه "وصف أفريقيا" إن دجيني أو جيني "اسمان لمسمى واحد وهو غينيا".
وقد جاءت مجموعات العبيد من أفريقيا إلى المملكة المغربية، واصطحبوا معهم تلك الدندنة، التي تطورت مع الوقت وباتت تعبّر عن معاناتهم في عالم الرقّ، والتي ستصير فيما بعد موسيقاهم الخاصة، غير أن الاختلاف ما يزال قائما حول أصل هؤلاء؛ هل جاؤوا من مالي أم من السودان أم من غينيا؟
هل تعرف موسيقى "كناوة" التي تعزفها مادونا؟هل تعرف موسيقى "كناوة" التي تعزفها مادونا؟
Posted by أصوات مغاربية Maghreb Voices on Friday, September 7, 2018
طريقة.. وفنّ
وتحتضن مدن مراكش والصويرة والرباط ومكناس فن الكناوة، ويعتبر ضريح "سيدي بلال" الموجود غرب مدينة الصويرة المرجع الأعلى، ومقام الأب الروحي لكناوة، وداخل ضريح ذلك الولي، توجد الزاوية التي تحتضن في العشرين من شهر شعبان الموسم السنوي للطريقة الكناوية.
ولا يعدّ المغرب البلد المغاربي الوحيد الذي يعرف الكناوة، فالجزائر وتونس أيضا يعرفان هذا الفن.
تعتمد كناوة على موسيقى ذات إيقاعات قوية، كما باتت مزيجا من الإرث الفني الأفريقي والأمازيغي والعربي، ويعزف الكناويون موسيقاهم بآلات هي: القراقب النحاسية والكمبري والغانكا (الدربوكة) والبانجو الوتري.
وترتدي فرقة الكناوة أزياء ملونة وقبعات خاصة، وتؤدّي في تناسق رقصات تقليدية سريعة وحركات بهلوانية، وتردّد الفرقة، التي يقودها من يسمّى "المعلّم"، أذكارا وتسبيحا وصلوات على النبي محمد وكلمات من التراث الشعبي أو قصصا وأساطير أو غزلا أو نصائح.
موسيقى الروح.. والشفاء!
ارتبط اسم كناوة في ذاكرة المغاربة والمغاربيين عموما بعالم الشعوذة والأرواح، ويعتقد كثيرون من عشاقها أنها شفاء للأمراض النفسية و"المس من الجنّ".
وينظّم الكناويون للمرضى ما يسمى "الليلة" أو "الحضرة" أو "الزار"، وتقام الليلة في زاوية من الزوايا الدينية، وهي بذلك لا تختلف كثيرا عن موسيقى مغربية أخرى مثل "عيساوة" أو "حمادشة"، فهي، حسبم "تشفي المريض الذي يعجز الطبيب عن علاجه".
وتنقسم "الليلة" إلى ليلتين، ليلة خاصة بعشاق هذه الموسيقى، وليلة أخرى تسمى ليلة المريض، هنا يحترم المريض الطقوس المتعارف عليها ويؤدّيها كاملة طلبا للشفاء، وهذه الطقوس هي: الذبيحة، بخور وشموع، رقص على أنغام هذه الموسيقى حتى الإغماء للوصول إلى النشوة والاكتفاء، وهذا ما يسمى بالدارجة المغربية "الجذبة"، وهنا يُعتقد أن المريض قد شفي من مرضه.
واليوم باتت كناوة موسيقى عابرة لعالم العبيد، فلقد صار لها عشاقها ومريدوها من كل أنحاء العالم، وبات لها مهرجانها العالمي في مدينة الصويرة المغربية.
- المصدر: أصوات مغاربية