هاجر مصنف، أستاذة جامعية مغربية وباحثة ومبتكرة شغوفة بالذكاء الاصطناعي، في رصيدها عدد من الاختراعات من بينها أول امرأة روبوت مغربية 100% وعدد من الجوائز آخرها الجائزة الأولى ضمن فئة "الذكاء الاصطناعي الشامل والمندمج" الممنوحة في إطار المسابقة الدولية "WomenTech Awards". في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية" تقدم لنا هاجر لمحة عن مشوارها العلمي والمهني، تكشف لنا سر شغفها بالذكاء الاصطناعي، وتتحدث لنا عن رأيها في واقع البحث العلمي في المغرب، بالإضافة إلى مواضيع أخرى.
إليكم نص المقابلة:
بداية، هل يمكن أن تحدثينا قليلا عن مشوارك العلمي والمهني؟
أنا هاجر مصنيف، أستاذة باحثة في جامعة القاضي عياض بمراكش تخصص الذكاء الاصطناعي، ومنسقة ماستر علوم البيانات بنفس الجامعة.
حاصلة على شهادة مهندسة الدولة في الاتصالات من معهد البريد والمواصلات بالرباط، وشهادة الدكتوراه في الإعلاميات "أنترنيت الأشياء والذكاء الاصطناعي".
درست في مدارس وجامعات حكومية مغربية، وأفتخر بكوني "منتوجا مغربيا 100%" وبكوني حققت نتائج طيبة في مجال تخصصي.
لماذا اهتمامك بمجال الذكاء الاصطناعي بالتحديد؟
أعتقد أن الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، مستقبل المغرب وأفريقيا والعالم ككل.
يمكن أن يسهم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في تطوير أي مجال، من الزراعة إلى التجارة وغيرهما، وهو يعتمد بشكل كبير على البرمجة والرياضيات المجالين اللذين أعتقد بأن المغرب في إمكانه أن يطورهما إلى حد كبير.
تتوفرين على عدد من الاختراعات التي تعكس شغفك بمجال الذكاء الاصطناعي، حدثينا عن هذه الاختراعات؟
أول اختراع لي كان عبارة عن نظام يمكِّن الهاتف الذكي من تحليل مشاعر الإنسان، بحيث يستعمل الكاميرا لتحليل ملامح وتعابير الوجه ويعتمد على الخوارزميات ليقوم بالمعالجة التلقائية للغة والمضمون ليتمكن من معرفة طبيعة المشاعر، والهدف من ذلك أن يحاول تشجيع ومساندة الإنسان في حال كان يمر بأزمة ما.
الاختراع الثاني عبارة عن كرسي ذكي يحتوي على مجموعة من أجهزة الاستشعار التي تحلل طريقة جلوس الشخص ومشاعره، وهذا الاختراع موجه تحديدا للطلبة والتلاميذ بحيث يمكن أن يحدد مدى استيعابهم للدرس ويعطي إشارات بذلك للأستاذ الذي يقوم بالشرح.
أيضا هناك اختراعات لها علاقة بالمرأة الروبوت "شامة"، وهو روبوت يمكن أن يتجاوب باللغة العربية، ويمكنه أن يقرأ نصا بمجرد النظر إليه… باختصار هو أشبه بمساعِدة يمكنها أن تجيب على مختلف الأسئلة التي تُطرح عليها .
وقد شاركت "شامة" مؤخرا في حملة 16 يوما من النشاط ضد العنف المبني على النوع الاجتماعي، التي أطلقها صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وإلى جانب مناهضة العنف فقد جاءت المساهمة الرمزية لـ"شامة" في تلك الحملة أيضا لتشجيع وتعزيز مشاركة النساء في مجال الذكاء الاصطناعي.
كيف ترين واقع البحث العلمي في المغرب؟
البحث العلمي هو ركيزة مهمة وحيوية في جميع المجالات وخاصة في مجال التكنولوجيا لأنه يشهد الجديد في كل يوم، بمعنى إن لم نكن مواكبين دوما للتطورات التي يعرفها هذا المجال فسيفوتنا الكثير.
البحث العلمي مهم جدا في تطور أي دولة ولذلك نحن نرى كيف أن الدول المتقدمة تخصص له ميزانيات ضخمة وتوليه اهتماما كبيرا.
عندنا للأسف ما يزال البحث العلمي لا يحظى بأولوية، ولعل أبسط دليل على ذلك أنه في الجامعات مثلا لا يتم التوظيف من أجل البحث العلمي فقط، بل يتم التوظيف حين تكون هناك حاجة على مستوى التدريس، بمعنى أن التدريس هي المهمة الرئيسية والبحث العلمي مجرد مكمل.
هناك بعض مراكز البحث التي تم إحداثها لدعم البحث العلمي وهناك بعض المبادرات التي تصب في نفس الاتجاه لكنها ما تزال محدودة.
مع ذلك، الملاحظ أن هناك وعي بضرورة تطوير هذا المجال، خاصة بعد الأزمة الصحية التي شهدها العالم نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
بالحديث عن الإكراهات التي تواجه مجال البحث العلمي في المغرب، هل شعرت أن هذا الأمر قد يدفعك للتفكير في الهجرة نحو الخارج؟ وهل تلقيت أية عروض بهذا الخصوص؟
تلقيت عروضا كثيرة جدا ولكن حبي للمغرب يفوق كل شيء، وأقول إن كانت لدي قدرة لأشتغل في بلدي وأسهم في تطوره فلن أشتغل عند الآخرين. .
هذا لا يعني بأنني منغلقة، بالعكس أنا أتعاون مع جامعات دولية وشركات في الخارج وأستفيد من تجاربهم وأحاول تكوين نفسي بنفسي باستمرار.
لدي أمل بأن الأمور في المغرب ستتطور نحو الأحسن، كما أنني أؤمن بأن لدينا الكثير من القدرات والطاقات التي لا تحتاج سوى إلى القليل من التشجيع والدعم.
حصلت مؤخرا على الجائزة الأولى في فئة "الذكاء الاصطناعي الشامل والمندمج" الممنوحة في إطار المسابقة الدولية "WomenTech Award"، ما الذي تعنيه لك هذه الجائزة؟
بالنسبة لي هذه الجائزة هي مفخرة للمغرب ككل وللمرأة المغربية بالخصوص، فقد كنا أكثر من 2300 مترشحة، وتم انتقاء ست مترشحات في فئتي، من بينهن باحثات معروفات ورئيسات شركات متخصصة في الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأميركية.
إن كانت هناك من رسالة للمغاربة من وراء هذا الفوز فهي أن كل شيء ممكن، والكفاءات موجودة لدينا، فقط يجب أن يشتغل كل شخص على تطوير نفسه ويفكر في ما يمكن أن يقدمه قبل أن يفكر في ما يمكن أن يمنحه له الآخرون.
المصدر: أصوات مغاربية