طبعتها "مواجهات ضد أعداء الداخل والخارج".. هذه أبرز أحداث 2021 في الجزائر
تستقبل الجزائر عام 2022 تاركة وراءها أحداثا هامة عرفتها خلال سنة 2021، اتسمت بمواجهات مع من تم وصفهم في بلاغات رسمية بـ"أعداء الوطن في الداخل والخارج"، إلى جانب التصدي لتداعيات كورونا وسلسلة الحرائق الهائلة التي خلفت قتلى ومصابين خلال صيف ساخن،
كما شهد صيف 2021 قطع العلاقات مع المغرب، ورحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إضافة إلى استحقاقين انتخابيين.
بينما ظل الاقتصاد يشكل رهانا حاسما في سباق نجاح الحكومة، للتغلب على تداعيات الوضع الصحي والحجر ومخلفاته، إضافة لانعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية.
حرائق صيف ساخن
شهدت الجزائر خلال صائفة 2021 سلسلة حرائق غير مسبوقة، وصفتها الحكومة بـ"المفتعلة".
وخلفت موجة الحرائق، التي اندلعت مطلع شهر أغسطس، وفاة 90 شخصا، من بينهم 33 عسكريا كانوا في مهمة المساعدة على احتواء الحرائق وإنقاذ السكان في منطقة القبائل شمال شرق البلاد وولايات أخرى في الشرق والغرب.
كما أعلنت السلطات أن ألسنة النيران التهمت آلاف الهكتارات والشجيرات، إضافة لنفوق آلاف رؤوس الحيوانات في الولايات التي مستها موجة الحرائق.
مقتل جمال بن سماعيل.. قضية رأي عام
تحول مشهد قتل الشاب جمال بن سماعيل يوم 11 أغسطس في قرية الأربعاء إيث إيراثن، بعد اتهامه بحرق الغابات إلى قضية رأي عام، بسبب بشاعة الجريمة التي تداولها نشطاء ومواطنين على نطاق واسع.
وأوقفت مصالح الأمن الجزائرية عشرات والمشتبه فيهم، بقتل والمشاركة في قتل جمال بن إسماعيل.
ووجهت لهم تهم ارتكاب جناية "القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق بث الرعب في أوساط السكان وخلق جو انعدام الأمن".
قطع العلاقات مع المغرب ووقف خط الغاز
شهدت سنة 2021 إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، وذلك في ندوة صحفية عقدها وزير الخارجية رمطان لعمامرة يوم 24 أغسطس. وأرجع لعمامرة أسباب القرار إلى "سلسلة مواقف وتوجهات عدائية"، أما الرباط فقد تأسفت للقرار، ووصفت مبرراته بـ"الزائفة".
وكان سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، دعا أثناء اجتماع لدول عدم الانحياز في 15 يوليو 2021، إلى "استقلال شعب القبائل" في الجزائر، وعلى إثر ذلك استدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفيرها من الرباط للتشاور، وطلبت توضيحات من المغرب.
وفي الـ 23 يوليو، احتجت الخارجية الجزائرية على "قيام سلطات بعض الدول باستخدام برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين"، متهمة المغرب الذي نفى ذلك.
وبتاريخ 11 أغسطس أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، خلال زيارته المغرب، عن "قلق بلاده"، تقارب إيراني جزائري في المنطقة، بعدها اتهمت الجزائر الرباط بتحريض إسرائيل عليها.
وفي 18 أغسطس، أعلن بيان صدر عقب اجتماع المجلس الأعلى للأمن في الجزائر أن "الأفعال العدائية المتواصلة من طرف المغرب تتطلب إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية".
كما أعلنت الجزائر عن غلق مجالها الجوي يوم 22 سبتمبر أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.
فيما أوقفت، لاحقا، تدفق الغاز من الأنبوب المار عبر الأراضي المغربية نحو إسبانيا، بداية من 1 نوفمبر 2021، وأعلنت عن عدم تجديد العقد المنتهي مع المغرب، ولجأت إلى تأمين إمدادات الغاز نحو إسبانيا عبر أنبوب ميد غاز المار عبر البحر الأبيض المتوسط.
وتصاعدت منحنيات التوتر بعد إعلان الجزائر يوم 3 نوفمبر، بعد اتهام الجزائر وقوف المغرب وراء مقتل 3 من مواطنيها الذين كانوا متجهين من الجنوب الجزائري نحو موريتانيا مرورا بالأراضي في الصحراء الغربية.
توتر العلاقات مع فرنسا
لم يكن المغرب البلد الوحيد الذي توترت علاقات الجزائر معه، فقد حدث الأمر نفسه، ولو بشكل مختلف، مع فرنسا، التي ساد بينها وبين الجزائر جو يطبعه "التوتّر" بين البلدين بسبب تداعيات "ملف الذاكرة"، وبسبب تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون قال فيها "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ كان هناك استعمار سابق.. أنا منبهر بقدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما تاريخها الاستعماري في الجزائر وتركز فقط على أننا المستعمرون الوحيدون".
وأضاف ماكرون "إن الضغينة والعداء ضد فرنسا لا يأتيان من الشعب الجزائري بل من السلطات السياسية والعسكرية"، وأضاف أن "النظام الجزائري منهك بسبب الحراك الشعبي. لدي علاقة جيدة مع الرئيس تبون لكني أرى أنه عالق في ظل النظام الصعب الموجود في الجزائر".
وأعقبت التصريحات تطورات بلغت حد استدعاء الجزائر سفيرها في باريس، قبل أن يُطوى الملف نسبيا عبر تصريحات تهدئة ومحادثات دبلوماسية.
وما يزال موضوع الذاكرة يسبب خلافا بين الجزائر وفرنسا بسبب الخلاف حول معالجته، ففيما تطالب الجزائر السلطات الفرنسية بالاعتراف والاعتذار، ترفض فرنسا هذه المطالب.
رحيل بوتفليقة وبن صالح
رحل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة يوم 17 سبتمبر 2021، بعد سنتين من تنحيه عن الحكم الذي استغرق 20 سنة، في أعقاب حراك شعبي.
وأعلنت الرئاسة الجزائريون يوم 18 سبتمبر عن تنكيس العلم الوطني لمدة 3 أيام، كما رتبت جنازة رئاسية لبوتفليقة حضرها الرئيس عبد المجيد تبون مرفوقا بأعضاء الحكومة وكبار القادة في الجيش والدولة.
كما شهدت سنة 2021 رحيل رئيس الدولة السابق، عبد القادر بن صالح، الذي خلف بوتفليقة عقب تنحيه عن الحكم.
ويعتبر بن صالح رئيس مجلس الأمة الأسبق عميد نواب البرلمان الجزائري منذ الثمانينيات.
برلمان وحكومة ومجالس جديدة
شهدت الجزائر خلال 2021 مسارا انتخابيا أعاد تشكيل الساحة السياسية عقب الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 يونيو، وفق قانون انتخابات جديد أفرزه دستور المعدل باستفتاء شعبي في أول نوفمبر 2020.
وفاز حزب جبهة التحرير الوطني بأكبر عدد من المقاعد التي بلغت 98 مقعدا من أصل 407 مقاعد في المجلس الشعبي الوطني.
بينما حصد المستقلون 84 مقعدا متبوعين بحركة مجتمع السلم، الإسلامي المعارض، بـ65 مقعدا.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية يوم 7 يوليو 2021 عن تشكيلة الحكومة الجيدة برئاسة أيمن بن عبد الرحمان، وتميزت بعودة عدد من الوزراء السابقين على رأسهم وزير الخارجية، رمطان لعمامرة.
وعقب ذلك أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن انتخابات محلية مسبقة يوم 27 نوفمبر، وتصدر فيها حزب جبهة التحرير الوطني الترتيب حيث حصد 5978 مقعدا، أما التجمع الوطني الديمقراطي فحصل على الرتبة الثانية بـ 4584 مقعدا، يليه الأحرار بـ4430 مقعدا في البلديات، وبلغت نسبة المشاركة 36.58 بالمئة.
الحريات والأمن
شهدت الجزائر عاما حقوقيا مشحونا اتسم بعودة مسيرا الحراك في فبراير الماضي، ثم أفولها بسبب قرار منع صادر عن وزارة الداخلية.
كما تواصلت محاكمة نشطاء الحراك الشعبي الذي توقف خلال السداسي الأول، بفعل إجراءات أمنية مشددة في المدن الكبرى.
وأحالت السلطات العمومية على القضاء عشرات المنتمين لحركة رشاد الإسلامية المعارضة، وحركة الماك، التي تطالب بانفصال منطقة القبائل، بعد أن صنفتهما الحكومة الجزائرية ضمن "الحركات الإرهابية".
ووجهت تهم "المس بالأمن القومي، وتهديد الوحدة الوطنية والانتماء لتنظيم إرهابي ينشط في الخارج لمعظم الموقوفين".
أوقفت سلطة الضبط في الجزائر بث 3 قنوات فضائية خلال سنة 2021، إذ أغلقت قناتي "الجزائرية وان" و"لينا" بشكل نهائي، و"البلاد" مؤقتا، متهمة إياهما بارتكاب "خروقات وتجاوزات للأطر القانونية".
كورونا.. تعافي ثم تراجع
ورفعت السلطات إجراءات الحجر الصحي تدريجيا، رغم الموجة الثالثة من كورونا التي مرت بها البلاد بداية من يونيو وتواصلت إلى يوليو الماضي.
وسمحت الحكومة بعودة الرحلات نحو الخارج تدريجيا، فيما ألغت الحجر الصحي على كافة مدن البلاد، بفضل حالة التعافي، إلا أنها أقرت عطلة مدرسية مسبقة مطلع شهر ديسمبر ،وسط توقعات بموجة رابعة عقب تسجيل أول إصابة بالمتحور الجديد أوميكرون.
رهان الاقتصاد
أعلنت الحكومة الجزائرية عن تحقيق فائض في الميزان التجاري بمليار دولار إلى غاية نهاية نوفمبر الماضي.
كما اعتبرت بلوغ 4 مليار دولار من الصادرات خارج المحروقات، رقما يشجع على دعم وترقية الإنتاج المحلي، فيما تشير التوقعات إلى إمكانية أن تبلغ تحويلات الجزائريين في الخارج نحو الجزائر 1.8 مليار دولار.
بينما أكد تقرير صادر عن البنك الدولي أن الاقتصاد الجزائري "بدأ يتعافى بالتدريج من التأثير الأولي للجائحة ومن صدمة أسعار النفط في العام الماضي".
وأوضح التقرير أن حدة الأزمة الصحية "خفت"، كما رُفِعَت معظم إجراءات الاحتواء، بينما الإنتاج المحلي للقاحات "يدعم" جهود التحصين.
وأضاف "ومع انتعاش إنتاج الهيدروكربونات وأسعارها، استأنف النمو مساره، لكن الآفاق المستقبلية لا تزال محفوفة بقدر كبير من عدم اليقين".
إجراءات في أفاق 2022
كما راهنت الحكومة على توجيه وترشيد نفقات التحويلات الاجتماعية البالغة 17 مليار دولار في ميزانية 2022.
وأثار ذلك مخاوف بشأن مدى قدرة الحكومة على التزام بتوجيه الدعم للفئات الفقيرة في البلاد.
وطمأن الوزير الأول نواب البرلمان بشأن السياسة الاجتماعية الجديدة، وقال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوار لوسائل إعلام محلية يوم 26 نوفمبر، إن "الدعم الاجتماعي باق في الجزائر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
كما أعلنت الحكومة عن تخصيص منحة للبطالين، والزيادة في أجور العمال والموظفين مع حلول السنة الجديدة 2022.
المصدر: أصوات مغاربية